منتديات بعد حيي

منتديات بعد حيي (https://www.b3b7.com/vb/index.php)
-   منتدى الرياضة المحلية والخارجية (https://www.b3b7.com/vb/forumdisplay.php?f=20)
-   -   لحظات لا تنسى نضعهاا في ذاكرة بعد حيي (https://www.b3b7.com/vb/showthread.php?t=108424)

ذوق الحنان 07-30-2012 07:18 PM

لحظات لا تنسى نضعهاا في ذاكرة بعد حيي
 
بكين 2008: فضية الجزائري بن خليف وبرونزية المصري مصباح في الجودو

http://l.yimg.com/bt/api/res/1.2/PuH...jpg_172816.jpg



المصري هشام مصباح (الثاني من اليمين) والجزائري عمار بن خليف (يسار الصورة)


سجود طويل على الأرض ، ما بين شكر بلا نهاية ، وبين إرهاق يوم طويل ، ذكريات الخروج خالي الوفاض قبل أربع سنوات في أثينا ، الآن الخطوة التالية هي النهائي ، 20 ثانية قبل النهاية أمام فرنسي عنيد ، إييف ماتيو دافريفيل ، الانتقال من الإحباط التام ، وضع اشتباك بلا نتائج مثمرة ، إلى القيام بحركة كاتا جوروما في جزء من الثانية ، تمساح يصطاد فريسته ، والنتيجة هي إيبون وصول أول جزائري إلى نهائي الجودو الأوليمبي على الإطلاق ، نهائي وزن 90 كجم.

عمار بن خليف يغوص داخل زيه الأبيض محاولاً التماسك وسط بكاء متواصل ، ذلك الإصرار على دفع دافريفيل من فوق ظهره إلى الأرض هي دفعة تلك السنوات الأربع ، منتقلاً من كونه بطل أفريقيا قبل أربع سنوات في وزن غير ذلك الوزن ، إلى محاولة اللعب على الذهب في وقت لاحق من ذلك اليوم.

ذلك اليوم الذي بدأ أول درجات سلمه بفوز على المغربي محمد العصري في الدور الأول بالفوز بيوكو صعب ، تبعه بفوز عصيب آخر على الإسباني دافيد ألارثا بطل أوروبا 2005 ، وثالثها قبل عام فقط ، وبإيبون حاسم قبل النهاية بدقيقة وخمس ثوان فقط ، أمامه فقط كسر نفس الحاجز الذي توقف عنده في أثينا 2004 ، وهو حاجز ربع النهائي ، في مواجهة السويسري سيرجي أشفاندين بطل أوروبا مرتين في وزن 81 ، ووصيف بطل العالم عام 2003 ، في أول محاولة أوليمبية له على وزن 90 كجم.

مواجهة معقدة طيلة 3 دقائق ونصف ، قبل أن يعطي الحكم عقاباً للسويسري بكوكا لصالح عمار ، والذي ظل متماسكاً بدوره أمام محاولات خصمه الهجومية خلال الدقيقة الأخيرة ، حتى صافرة النهاية بالقاعة ، والتي تلاها سجود ، بوصوله لنصف النهائي أمام دافريفيل ، قاهر الإيطالي روبرتو ميلوني ثالث العالم قبل عام واحد فقط ، وأحد مفاجآت مسابقة ضمت العديد من المفاجآت ، من أهمها خروج حامل اللقب الأوليمبي اليوناني إلياس لياداس من الدور الأول.

تلك المواجهة مساء 13 أغسطس كانت واحدة من أفضل مباريات عمار حتى تاريخه ، محافظاً على نسقه الخاص ، وقدرته على مباغتة خصمه ، إلا أن خطته في اقتناص إيبون كامل تأخرت حتى العشرين ثانية الأخيرة في لعبة كاتا جوروما فيها الكثير من المعاناة ، أنهي بها الصراع تماماً ، متأهلاً للدور قبل النهائي لملاقاة الجيورجي إيراكلي تسيركيدزي بطل العالم 2007 ، وقاهر لياداس من قبل ، تسيركيدزي الذي مازال يشكل طعماً مراً لشاب مصري يتابع من بعيد صعود عمار إلى النهائي ، وكان أحد ضحايا الجيورجي في الدور الثاني ، والذي منعه من استعادة الذكريات مع عمار ، بعد ثلاثة أشهر فقط من الخسارة أمام الجزائري في بطولة أفريقيا في نهائي الوزن.

هشام مصباح - أحد تلك السلالة السكندرية من أبطال الألعاب النزالية- كان يستعد لبدء رحلة جحيمية في بكين من سفح الخسارة من تسيركيدزي ، إلى أعلى قمة ممكنة في دور الترضية ، يشعر من داخله بأن الأمور كادت أن تسير في طريق التتويج ، خاصة أنه كان قريباً من إحراز الإيبون المنشود أمام الجيوردجي في وقت لاحق من نفس اليوم ، إلا أن الخسارة جاءت بيوكو ، وبعد مواجهة استمرت حتى نهاية الدقائق الخمس.

ذلك الشاب السكندري صاحب المركز التاسع في أثينا 2004 كان أمامه حل وحيد هو الفوز على الأذريبجاني الخام مامادوف ، بمعنويات تظهر قدراً ما من التماسك ، في مواجهة كاملة من خمس دقائق لم تحسم سوى باقتناص يوكا من منافسه، وسط صيحات متواصلة من مدربه باسل الغرباوي خارج الخطوط: "لا ترتكب خطأ واحدا حتى النهاية ، تماسك، إنها ستكون مباراتك". النتيجة هي صمود في الثواني الخمس الأخيرة ، تمهيداً لمواجهة تالية مع البلاروسي أندريه كازوسينوك ، ثالث العالم في القاهرة 2005 ، والتي حل فيها مصباح نفسه خامساً ، وثالث أوروبا قبل أربعة أشهر فقط.

الفوز بتلك المواجهة تؤهل مصباح لمواجهة دافريفيل على الميدالية البرونزية ، حلم يمر عبر حائط أوروبي شرقي ، ظل يعاند مصباح حتى دخلا الدقيقة الأخيرة دون حل ، وعلى عاتق كل منهما عقوبة كوكا ، حتى نجح "هيشو" في تحويل هجوم لكازوسينوك ، إلى هجوم عكسي من حركة تاتيشيهو جاتامي ، ليشل حركته تماماً وسط تصفيق الحضور ، ولمدة ال25 ثانية المطلوبة لإنهاء النزال تلقائياً ، مصباح بدا وكأنه يمتص دم منافسه ، سعياً للبقاء على قيد الحياة لجولة أخرى ، جولة اللعب على الميدالية ، وبمجرد انتهاء الوقت المطلوب ، كان مصباح يولد من جديد ، متذكراً أوامر الغرباوي بألا يرتكب خطاً واحداً حتى النهاية ، وقتها سيكون في الطريق الآمن.

مصباح أصبح على بعد بضعة دقائق من إدراك الإنجاز الذي حققه ابن مدينته محمد رشوان في 84 ، عندما كان الأول في الثانية فقط من عمره ، تحقيق ميدالية مجدداً في الجودو ، لوطن أخفق طيلة أيام عجاف في حصد ميدالية واحدة في بكين ، بدا "هيشو" في أفضل حالات تركيزه ، محاولاً مباغتة دافريفيل خلال النصف الأول ، قبل النهاية بثلاث دقائق ونصف كان المصري يبحث عن باب ما يمكنه أن يجهز تماماً على الفرنسي ، وسط صيحات الغرباوي بأن ينفذ هجمته ، كان الأمر أشبه بإخراج ساحر ما لخدعة ما من قبعته ، بطل أفريقيا لعام 2006 يقوم بحركة تيجاتامي ، حمل بها دافريفيل تماماً ، قبل أن يقلبه 180 درجة وينزل به على البساط ، إشارة الحكم بالإيبون تمازجت مع واحدة من أقوى شهقات الحضور في مسابقات الجودة ببكين على الإطلاق.

مصباح كان يصرخ وكأنه بدأ ممارسة تلك اللعبة طيلة عشرين عاماً من أجل هذه اللعبة ، ليس من أجل الميدالية ، كانت الذروة ليوم طويل ، كاد أن يقترب فيه عمار من حصد ميداليته الذهبية ، على حساب جيورجي مبالغ في تحفظه ، نجا مرتين من تلقي كوكا ، بعد هجومين لم يحتسبا للجزائري ، ليحسم سيركيدزي ذهبيته الأوليمبية الأولى بفضل قرار عقابي بكوكا على عمار بن خليفة ، الذي حصد الفضية الجزائرية الأولى للرجال ، توضع إلى جانب برونزية ثريا حداد في مسابقة السيدات تحت 52 كجم.

على المنصة كان عمار يتواجد إلى جانب مصباح في نهاية يوم طويل ، كلاهما بدون الذهبية ، ولكن بعرضين ربما الأفضل لعربيين في أي مسابقة نزالية بنفس الوزن ، ففي الوقت الذي سيطير فيه سيركيدزي بذهبيته ، سيتذكر الجميع إيبون عمار أمام دافريفيل في الثواني الأخيرة ، وانتحارية مصباح أمام نفس المصارع الفرنسي ، حركتان خاليتان من برجماتية الحياة ، عامرتان بكل متعة الجودو.

نهائي وزن 90 كيلوجرام في الجودو وتتويج بن خليف بالفضية ومصباح بالبرونزية:



http://www.youtube.com/watch?v=ZZGF8...layer_embedded

ذوق الحنان 07-30-2012 07:22 PM

http://l2.yimg.com/bt/api/res/1.2/r_...jpg_163619.jpg
السوداني إسماعيل أحمد إسماعيل
بكين 2008: فضية السوداني إسماعيل أحمد إسماعيل في 800 متر عدو
خطوات ثقيلة ، بطيئة ، غير عابئة ، تبدو عليها الهزيمة المبكرة ، الإحباط ، الاصطدام بواقع مزعج ، واقع المركز الأخير ، قبل 50 مترا من النهاية ، مشاهداً كعداء صاعد في العشرين من عمره حقيقة شراسة سباقات ال 800 متر أمامه دون رتوش ، في سباق اقتناص ذهب تلك المسافة في أثينا 2004 ، الروسي يوري بورزاكوفسكي منطلقاً من المركز الخامس كالسهم إلى المركز الأول ، خاطفاً الذهبية بالتصوير البطيء من الدنماركي – الكيني الأصل ، ويسلون كيبكيتر ، أن تكون في الثالثة و الثلاثين ، بطلاً للعالم وحاملاً للرقم العالمي ، وربما أفضل عداء ل800 متر في التاريخ دون ميدالية ذهبية ، بل إنه تم خطف الفضية منه أيضاً بعد أن حرمه منها الجنوب أفريقي الموهوب موبايلاني ملاودزي.

العداء السوداني الشاب الذي دخل خط النهاية متأخراً بسبع ثواني كاملة عن الذهبي بورزاكوفسكي كان يتابع أنفاس كيبكتير المتلاحقة ، ليس من التعب ولكن في الرغبة في الصراخ ، ثلاث مرات بطلاً للعالم ، حرمان من ذهبية مضمونة في 96 بسبب أزمة جنسيته ، محاولتان أولمبيتان دون نجاح في الجائزة الكبرى ، يرى حياته وقد وصلت لمحطتها الأخيرة ، بسبب روسي كان يسير في ظله طوال الوقت ، صرخة كبيكبيتر المكتومة كانت نقيضاً لليأس الذي شعر به إسماعيل أحمد إسماعيل قبل 150 متراً من النهاية ، مقرراً عدم الدخول في أي منافسة خلال الأمتار الفاصلة النهائية ، حالة الرضا المبكر ، ربما هي رغبته في الاستسلام ، والتي كانت محل انتقاد بعض مدربيه في السابق ، أن ينهي النهائي الأوليمبي الأول له بهذه الخطوات المتمهلة ، وهو الذي لم يكن قد تفرغ تماماً لألعاب القوى قبل ست سنوات فقط من ذلك التاريخ.

قبل خوض تصفيته الأولى في ألعاب بكين كان إسماعيل قد استوعب الدرس نسبياً ، وإن كانت الشكوك قد حامت بشأن فرصه ، بعد عامين متواصلين من الإصابات ، ورؤية أسماء مثل الكيني ألفريد ييجو وهو يصبح بطلاً للعالم في بطولة العالم بأوساكا 2007 ، أو الكندي جاري ريد حامل الرقم الوطني ينتقل من كونه أحد ضحايا نصف النهائي في أثينا 2004 ليصبح وصيفاً لبطل العالم ، موبايلاني ملاودزي يحرز أفضل رقمين للعام في 2006 و 2007 ، مستعداً تماماً لقنص الذهب في بكين 2008 ، منتقلاً من وضع الفضة التي أحرزها في العاصمة اليونانية في تلك الليلة العصيبة.

من ناحية أخرى كان إسماعيل يعلم أنه نجح في خلال سبع سنوات فقط لإخفاض رقمه تسع ثوانٍ كاملة ، في أبرز تقدم حققه عداء سوداني منذ ثمانينات عمر خليفة ، منذ أيام تجاربه الرسمية الأولى في الخرطوم عام 2000 بزمن 1.53.12 دقيقة ، وصولاً إلى أفضل رقم شخصي قبل انطلاق ألعاب بكين بأسبوع واحد ، مسجلاً يوم 29 يوليو في موناكو 1.44.34 دقيقة ، في ضربة سودانية جديدة على منضدة ال800 متر ، بعد إحراز مواطنه المراهق أبو بكر كاكي أفضل أرقام العام عالمياً بأوسلو في يونيو ، مسجلاً 1.42.69 دقيقة.

ابتسامة خفيفة قبل بدء التصفية الأولى في بكين ، بقدر ما من التفاؤل ، على الرغم من علمه بأن رفاقه في تلك التصفية لا يراهنون كثيراً على فرص إسماعيل ، الغائب عن عالم ال800 متر في فترة ما بعد كيبكتير لعامين كاملين ، إلا أنه تجاوز الإسباني الخطير مانويل أولميدا ، ومعه الكندي جاري ريد. ليتأهل إسماعيل لنصف النهائي بثامن أسرع رقم في التصفية الأولى ، والتي سقط فيها المغربي محسن شهيبي رابع ذلك السباق في أثينا ، في مقدمة لمرحلة سقوط الفراشات في المرحلة التالية.

وجد إسماعيل نفسه في أصعب مجموعة تصفية بنصف النهائي ، برفقة مجموعة من أصدقاء الماضي ، منهم ألفريد ييجو ، الذي تغلب عليه إسماعيل شخصياً في بطولة أفريقيا 2006 بموريشيوس ، إلى جانب موبايلاني ملاودزي شخصياً ، ومعه يوسف سعد كامل البحريني – الكيني الأصل ، والذي عاش العام 2008 الرائع ، مسجلاً أفضل أرقامه الشخصية في سباق موناكو – خلف إسماعيل، إلى جانب تسجيل أفضل رقم شخصي داخل الصالات في فالنسيا ، وأخيراً الجزائري نجيم منصور ، والذي انتقل من فشله للتأهل لنهائي بطولة العالم في بكين 2006 إلى إحراز أفضل أرقامه الشخصية في 2008 بملتقى روما.

أظهر إسماعيل ثقة كبيرة خلال التصفية ، محققا تأهلاً تلقائياً في المركز الثاني خلف ييجو بزمن مقنع 1.44.91 دقيقة ، في قفزة ثقة كبيرة تلك الليلة من يوم 21 أغسطس ، خاصة أن مجموعته عرفت تأهل أربعة عدائين منها ضمن أسرع ثمانية أزمنة في نصف النهائي ، لم يكن بينهم موبايلاني ملاودزي ، وهو واحد من ضمن حفلة السقوط إلى جانب بورزاكوفسكي ، والكيني الموهوب بواز لالانج ، وأوليميدا ، والمغربي الخبير أمين لاعلو ، والأهم خروج أبو بكر كاكي نفسه ، في خبر حزين لإسماعيل ، خاصة أن إقصاء كاكي جاء بعد تعثره وفقداته لحذائه ، منهياً تصفيته في المركز الأخير.

ذلك النهائي ليلة 23 أغسطس كان نهائياً استثنائياً بتواجد أربعة عدائين عرب دفعة واحدة ، فإلى جانب إسماعيل وسعد كامل ، ونجيم منصور ، كان الجزائري نبيل ماضي ، والذي انتقل من كونه رابعاً بأفريقيا ، عجز عن الوصول لنهائي أوساكا 2007 ، إلى النهائي الأوليمبي بزمن 1.45.63.

كان تخوف إسماعيل الحقيقي في الكماشة الكينية التي سيشكلها ييجو ومعه الخبير ويلفريد بونجاي بطل العالم داخل الصالات. خامس أوساكا ، أحد أفراد نهائي أثينا الشهير خامس اثينا ، وصاحب رابع أسرع رقم في التاريخ.

لم تكن البداية خارج ذلك السيناريو ، بعد 200 متر كان ييجو يقوم بتحديد إيقاع سباق متحفظ نسبياً ومن خلفه بونجاي ، وكان إسماعيل يراقبهما في المركز الثالث بنفس الإيقاع ، وهو ما أجبر الثنائي الكيني على تسريع الإيقاع بعد الانتهاء من اللفة الأولى ، كان السوداني سليل عائلات دارفور على عكس نهائي أثينا عازماً على البقاء داخل دائرة المقدمة ، بل نجحت خطته في تضييق الخناق على ييجو ، قبل النهاية ب 150 متر ، متجاوزاً إياه ، وخلف بونجاي بمترين ، فيما يبدو أن الأمتار ال100 الأخيرة ستكون نزاعاً بينهما على الذهب.

الأمتار الخمسون الأخيرة كانت واحدة من أفضل قطع ال800 إثارة خلال العقد الأخير ، خطوات بانجوي السريعة كالقطار ، مظهراً قوة تحمل كبيرة ، في مقابل الخطوات الواثقة الطويلة من إسماعيل صاحب ال193 سم ، فيما بدا للحظة أن السوداني بإمكانه اللحاق بالكيني ، صورة مغايرة تماماً لذلك الفتي الذي أظهر استسلاماً مبكراً قبل أربع سنوات ، في الأمتار العشرة الأخيرة ، بدأ الإجهاد ظاهراً على بانجوي ، في الوقت الذي دخل فيه إسماعيل خط النهاية برأسه على أمل خطف ذهبية مشابهة لما شاهده من بورزاكوفسكي ، إلا أن بانجوي نجح في الدخول أولاً بفارق خمس أجزاء من الثانية.

جاثماً على ركبتيه في أنفاس متلاحقة ، ربما فرحة مكتومة بأول ميدالية في تاريخ السودان ، منذ المشاركة الأولى في روما 1960 ، إلا أنه سارع بمساعدة بانجوي الراقد تماماً على الأرض ، بعد تلك النهاية الانتحارية ، متجهاً إلى أنفاق الاستاد الداخلية ، مدركاً أنه كان السبب في إنهاك جسد عملاق كيني اسمه بانجوي، ربما سيتلقى مكالمة تهنئة بعد ساعات من ابن عمه الأسطورة ويلسون كيبكتير ، ربما مرسلاً تحية خاصة إلى فتى سوداني وضعه كيبكيتر نفسه خلفه بسبع ثوانٍ كاملة في آخر لقاء بينهما.


http://www.youtube.com/watch?v=X5OE6...layer_embedded

ذوق الحنان 07-30-2012 07:26 PM

أثينا 2004: المركز الرابع لمنتخب العراق لكرة القدم

منتخب العراق الأولمبي لكرة القدم أثينا 2004
http://l1.yimg.com/bt/api/res/1.2/FO...jpg_154803.jpg
ملعب فارغ آخر هذه المرة في أراض غريبة معلق في أعلاها أعلام اليونان ، تماماً كما كان الحال في عمان ، ملعب آخر من الحجر مثقوب حتى عنقه بالرصاص في بغداد ، حافل بالمطبات ، ملعب فارغ آخر ، كرة في الشباك ، شباك فريقك ، جالس على الأرض في حالة ذهول ، خاصة عندما تدرك أنك أنت صاحب ذلك الهدف ، تنتظر كل المزاح المنتظر من الجميع عقب تلك اللعبة ، كل عناوين الجرائد التي ستتحدث عن "النيران الصديقة" التي تسبب فيها حيدر عبد الجبار ، حيدر على الأرض داخل منطقته ينظر لرفاقه في حالة بين الذهول والرغبة في تقديم الاعتذارات حتى الصباح الباكر ، بعد إحرازه لهدف في مرماه ، أمام البرتغال شخصياً، ملعب فارغ من كل شيء فيما عدا وجوه 2000 عراقي مهاجر يشعرون بالأسى ، على الجميع الاستعداد لجحيم آخر من فريق كان قبل شهر واحد فقط وصيفاً لبطل أوروبا ، لم يكن حيدر وحده الراغب في الهروب ، في أن تبتلعه الأرض ، خوض عام كامل من رحلة التأهل لتلقي ذلك العقاب كان عبثاً ، وحده عبد الوهاب أبو الهيل يقترب من حيدر يبلغه بأن ما مر هي 12 دقيقة فقط ، وأن هناك وقتا للتعويض.

في الخارج يبحث رجل في مطلع الأربعينيات عن زجاجة مياه لكسر حالة الارتباك والأعين التي تتابعه شفقة به ، مدرب فريق ظل بلا ملعب عاما كاملا ، بلا معدات تدريب ، رحالة يلتقط أنصاف الفرص لكل يكمل تدريباً جماعياً واحداً ، بلا وطن ، يشاهده فقط عبر نشرات الأخبار أملاً في يوم واحد بلا ضحايا ، فريق تحت احتلال الإحباط ، سيعود إلى منفاه في كل الأحوال ، يواجه خصماً يضم كريستيانو رونالدو وبواسينجا وراؤول ميرليش وهوجو فيانا ، هوجو ألميدا ، وصيف يورو 2004 ، عناصر من بورتو بطل دوري أبطال قبلها بشهرين ، نفس البطولات التي كان يشاهدها ذلك الأربعيني عدنان حمد من تلفازه في العاصمة الأردنية كمشاهد آخر يعلم أنه سيواجه هؤلاء المرصعة حروفهم بالماس.

إنه عدنان حمد ، المهاجم السابق للمنتخب العراقي في منتصف الثمانينات ، والذي وجد نفسه خارج القائمة المسافرة لألعاب لوس أنجيليس 1984 من قبل المدير الفني الأسطوري عمو بابا ، كان مراهقاً لكي يشارك في أولمبياد موسكو 1980 ، وكان عجوزاً للمشاركة في ألعاب سول 1988 ، إسم منسي من جيل الثمانينات العراقي الذهبي ، ظلاً لحسين سعيد وأحمد راضي ، الآن يعود مدرباً أبعد ما يكون عن الذهب لمنتخب يمثل بلداً أقرب للحطام، ينتظر الصافرة النهائية لمباراته الأخيرة مع السعودية ، محتفلاً بالهدف الثالث والأخير لهوار محمد في الدقيقة 90 ,المؤهل لألعاب أثينا 2004 ، وبفارق الأهداف فقط عن نظيره العماني.

عدنان بدا كستيف ماكوين عراقي يخطط لهروب نوع جديد من أسرى الحرب إلى عالم من نوع مختلف ، فعلها من قبل في آخر سنوات صدام بالتأهل لكأس العالم للشباب 2001 ، قبل أن يودعه من الدور الأول ، وكررها في كأس آسيا بعد ثلاثة أعوام في أول بطولة حقيقية للعراقيين بعد الغزو ، فريق من المساجين بلا حلول وسط ، 11 من الطيور المهاجرة خارج البلاد ، والباقي ينتمون لأندية عراقية بلا نشاط بسبب الغزو ، ملاعب حجرية فارغة ، جراج كبير لركن مدرعات مجنزرة أو استقبال مشتبه فيهم من أي نوع ، فريق من المساجين أمامه الهروب لأعلي أو القبول بالسقوط في القاع.

حيدر عبد الجبار على الأرض ينظر إلى القاع الذي بلغه فريقه في أول 12 دقيقة من المغامرة الأولمبية أمام البرتغال ، مدافع الاتحاد الحلبي يستقبل عرضية هوجو ألميدا بالخطأ ، ليضع الكرة في مرماه ، البداية الأسوأ على الإطلاق من أحد عناصر الخبرة في فريق يعتمد أساساً على مجموعة الصغر الذين شاركوا في مونديال الشباب قبل ثلاثة أعوام ، من ضمنهم المهاجم عماد محمد ، الذي كان على وشك الذهاب إلى ميلان الإيطالي لولا أوامر عدى صدام حسين ، ثلاث دقائق تالية عقب هدف حيدر كانت كافية لاختبار عقلية العراقيين ، تبعها اندفاع بدا انتحارياً من عماد ، والذي فطن لمصيدة التسلل البرتغالية الساذجة ، لينفرد بمرمى الحارس جوزيه موريرا ، والذي يتخطاه ، ليجد المرمى الخالي من حارسه ، محرزاً هدف التعادل وسط حراسة دفاع بالملايين ، ذلك الاندفاع من عماد كان فعلياً أشبه بهروب كبير.

الأسلوب الذي اندفع به عماد مجدداً بعد ربع ساعة أخرى من الجبهة اليمنى كان مثيراً للدهشة ، مستغلاً مساحات شاسعة في فريق من المفترض أنه أحد الأكثر تنظيماً في القارة العجوز ، عماد يمرر الكرة إلى لاعب الارتكاز الداهية قصي منير من الحزم السعودي ، منير يعيدها إلى عماد مجدداً لاعب الفولاد الإيراني ، عماد يمررها بجرأة كبيرة ليونس محمود لاعب الخور القطري ، الأخير يرسلها في العارضة ، لترتد إلى هوار محمد لاعب الأنصار اللبناني مودعاً الكرة في مرمى خال آخر ، هدف تلخيص لكل ما يتعلق بتشكيلة عدنان حمد ، تلك التنويعة العرقية التي تمارس من منافيها الاختيارية حالة عبث ، لديها ذلك النهم الهجومي الخالص ، نقطة التحول الحقيقية لفريق لم يكن يمتلك فرصة حقيقية في مجموعة تضم أيضاً المنتخبين الكوستاريكي والمغربي.

رغم التعادل من بوسينجوا في آخر دقائق الشوط الأول بفضل ارتباك دفاعي عراقي مؤقت ، إلا أن الشوط الثاني كان استغلالاً حقيقياً من جانب عدنان حمد لعدم الاتساق الدافعي للبرتغاليين ، مقدماً عرضاً بليغاً في ضرب مصيدة التسلل ، عرف التقدم من جديد بهدف ثالث عن طريق تعاون رائع بسيط بين يونس وعماد ، عرف من خلاله الأول انفراداً كاملاً بموريرا في الدقيقة 56 ، كانت البداية لقلب الطاولة من فريق كان يوفر زيه الرياضي بالكاد ، فريق واصل هجومه حتى بعد التقدم ، بتسجيل هدف رابع من إنفراد لمحمود بعد ضرب المصيدة ليرسلها عرضية ضائعة ، إلا أنها تجد أبو الهيل الذي يلحقها قبل الخروج من الملعب ، لتستقر عند مهدي كريم لاعب ليماسول القبرصي ، تمريرة أخيرة ذهبية إلى المندفع من الخلف البديل صالح سدير من الأنصار اللبناني ، مسدداً في المرمى الخالي مجدداً ، وبالدقيقة الأخيرة ، في أقل من ساعة ونصف كان المنتخب الذي حضر كأسير حرب ، أصبح بطلاً لمجموعته في الجولة الأولى ، وعلى حساب أحد أكبر المرشحين للقب.

ملعب نادي أولمبياكوس ليس بحاجة إلى أية بهارات إضافية طوال العام لإشعال اللهب فيه ، ولكنه كان بنكهة عراقية هذه المرة في المواجهة أمام كوستاريكا ، نفس ال11 فيما عدا مشاركة المدافع حيدر عبد الرزاق ، شوط أول بالغ الحذر لم يعرف أي جديد سوى خروج نشات أكرم ودخول صالح سدير في الشوط الثاني ، وفي الدقيقة 67 ، كانت الركنية عراقية في صندوق الخصم ، قابلها برأسه باسم عباس ، أحد من عرفوا مباشرة تسلطات عدي حسين على كرة القدم العراقية ، لتصل إلى قصي منير ، ليسددها لتصطدم بالحائط الكوستاريكي ، لترتد مجددا وأخيراً إلى هوار محمد الذي يستقبلها مباشرة في مرمى نايجل دروموند، تصرخ في تعبير صريح بأن الأمر أكبر من فوز مدوٍ على البرتغال ، لا تفكير في حصد النقاط ، ولكنها عقلية مرتبطة بالفوز ، حتى على حساب فريق حديدي يجيد التمركز الدفاعي ، وأنهي مواجهته الأولى بتعادل سلبي مع المغرب ، خمس دقائق تالية حتى كان أبو الهيل يهدي كرة في الجبهة اليسرى لينطلق منها هوار محمد كالريح ، مرسلاً كرة عرضية رائعة للطائر من الخلف مهدي كريم ، النتيجة هي الهدف الثاني والحاسم للفوز بثلاث نقاط ، كرة قدم سريعة ، تنتمي لفريق طبيعي ، ربما كانت أمنية عدنان الأولى ، أن يصبح فريقه كالبقية ، إلا أن النتيجة كانت استثنائية ، تأهل للمرة الأولى للدور الثاني منذ ربع قرن ، وفرصة حقيقية للحلم بميدالية.

المباراة الثالثة التي خاضها عدنان أمام المغرب بتشكيلة احتياطية بست لاعبين جدد ، لم تعرف الكثير من النجاح ، وذلك بالخسارة 1 – 2 ، دون أن تؤثر على حقيقة تصدره للمجموعة ، مواجهة منتخب أسترالي ، سيعاني من غياب نجمه كاهيل للإيقاف ، وحده كان الحارس نور صبري سبباً في خروج العراقيين بتعادل سلبي في الشوط الأول ، حارس القوات الجوية الذي لم يكن متأكداً من قدرته على شغل مقعد في التشكيلة الأساسية حتى قبل البطولة بعدة أشهر ، وتحديداً عقب بطولة آسيا ، في العشرين من عمره واصل إهداء فريقه مفاتيح أمان حتى الدقيقة 64 ، ركنية تقليدية خطيرة للعراقيين ، أخرجها الدفاع الأسترالي ، ليرسلها كريم مهدي إلى عماد محمد على بعد عشرة أمتار من المرمى ، ذلك الأخير يلعبها خلفية وظهره للمرمي ، في واحد من أفضل أهداف المسابقة ، الأمر هنا لا يتعلق فقط بأول فريق عربي يتأهل لنصف النهائي منذ 1964 ، ولكنه يتعلق بفريق كرة أدخل فقرة جديدة في نشرات أخبار أمة بأكملها ، فقرة لا تتعلق بالعد الرقمي لمزيد من الضحايا ، فريق كرة غير واقع على الأرض ولو لثلاثة أيام تالية ، بصرف النظر عن الهوية العرقية لصانعيه.

فكرة ملامسة طعم أول ميدالية لفريق جماعي عربي ربما أدخلت الكثير من التوتر في قلوب الفريق العراقي في مباراة نصف النهائي ، والتي لم يحسن معها الفريق استغلال عدد كبير من الفرص خلال الشوط الأول ، وخاصة أمام فريق لاتيني يمتلك كفاءة هجومية خاصة ، أظهرها تسع مرات في أربع مباريات فقط ، لا يرحم فرصة واحدة سانحة أمامه ، وهو ما أثبته مجدداً أمام العراقيين ، هدفان من خوسيه كاردوسو في الشوط الأول بفضل ارتباك دفاعي مثير للضجر ، تبعه فريدي باريرو بانفراد كامل في الدقيقة 68 أجهز فيه تماماً على اللقاء ، وعلى فرص العراقيين في العودة للقاء ، في اكتفاء بهدف شرفي من عبد الرزاق فرحان ، ليدخل أبناء عدنان حمد فرصة أخيرة لنيل ميدالية برونزية أمام فريق إيطالي يضم أسماء تلفزيونية مثل أندريه بيرلو وألبرتو جيلاردينو وفرانشيسكو دي روسي والمدافع كيليني.

كان على عدنان العودة إلى أرض الواقع سريعاً في آخر مباراة له في أثينا ، معايشة تلك الأخبار القادمة بشأن الصحفي الإيطالي المختطف في العراق ، وكأنه أصبح مكتوباً أن يصبح معداً بدنياً ومديراً فنياً وخبير علاقات عامة ، وسياسيا في نفس الباقة ، رحلة الهروب العظيم إلى القمة تواجه اختباراً حقيقياً بظل وطن لم يزورونه منذ زمن طويل ، إلا أن طاقة العراقيين لم تحتمل فكرة التأخر بهدف من توغل لبيرلو وتنفيذ من رأس جيلاردينو بعد ثمان دقائق فقط ، وحدها فكرة الميدالية البرونزية أضحت سراباً ، حتى رغم المحاولات المتفرقة لإدراك التعادل ، صافرة نهاية في ملعب شبه فارغ أيضاً ، جلسات متواصلة من اللاعبين على أرض المعلب من جراء معاناة أوديسا عراقية كاملة ، من ضمنهم حيدر عبد الجبار الذي استبدل الذهول بالرغبة في البكاء لرؤية جمهور عراقي مهاجر مثلهم سيكون عليهم العودة إلى أوطانهم البديلة دون منصة ، لحين قدوم معجزة من نوع آخر.

شاهد جميع أهداف منتخب العراق في أولمبياد أثينا 2004:

ذوق الحنان 07-30-2012 07:28 PM

أثينا 2004: ذهبية المصري كرم جابر في المصارعة الرومانية

لمصري كرم جابر
http://l2.yimg.com/bt/api/res/1.2/vj...jpg_165322.jpg

30 ثانية كافية لاشتمام الفريسة ، نصف ثانية متأخرة ، حركة هجومية فيها الكثير من المخاطرة ، قدم منزلقة ، ليصبح كيانك كله تحت رحمة بطل العالم قبل عامين ، كونك الشخص الذي يمكنه أن يحرز أول ذهبية لبلاده بعد 56 عاماً أصبح محل شك ، السقوط على الأرض ومن فوقك فريستك يساوي التأخر بنقطة ، مرفوع على ساعدي الخصم استعداداً لخسارة ثلاث نقاط مرة أخرى ، فقدان التحكم ، في تلك اللعبة يجب تقبل ارتطام وجهك بالأرض بهدوء ، المرشح الأول أصبح معلقاً في الهواء ، قبل أن يتم تعديل وضع خصمك لتصبح في المواجهة ، حركة واحدة تحولك من فريسة لوحش مجدداً ، تسقط بجمسك كله على صاحب المايوه الأحمر في حركة هجومية مضادة ، صمت في القاعة لحين انتظار الحكم النهائي على اللعبة.

الدقيقتان التاليتان لتحديد مصير اللعبة في الإعادة التلفزيونية ، يقف صاحب الرداء الأزرق المطبوع عليه حروف EGY بثبات ، 24 سنة من القوام المصنوع ، المشاوير اليومية لمركز شباب القباري بالأسكندرية ، مصاحبة شقيق أكبر كان وحشاً على الحلبة بأيامه ، داخل صالات بحاجة دائة لترميم ، الآن هو ينتظر بصالة آنا ليوسيا اليونانية مستنداً على ركبتيه منتظراً القرار الذي قد يقربه من ميدالية ذهبية في وزن ال96 على حساب الجيورجي راماز نوزادزي ، الحكم يشير إلى احتساب نقطتين لكرم جابر ، الذي أصبح متقدماً 2 – 1.

لا توجد ردود أفعال احتفالية من المصري ، فقط رغبة في استئناف اللعب ، ذلك الثبات الذي كان يبدو غريباً على أجيال كاملة من الرياضيين المصريين في الأوقات الحاسمة ، ينتمي لعالم الأسكندرية الشعبي بكل تنافسيته، ولكنه لا ينتمي لثقافة رياضية لا تستطيع تصديق إمكانية تحقيقها لأي إنجاز ، كرم يهبط على جسم نوزادزي لاستئناف إمساكه به ، لا يفكر كثيراً فيما يجب أن يفعله ، كان يشعر بأنه أمام مهمة يجب إكمالها ، لا يستحق إضاعة الوقت معها ، وكأنه يرغب في حسم منازلة أوليمبية نهائية بالعلامة الكاملة ، تلك الجراة المثيرة للإعجاب.

رمزية وصول كرم بعد أكثر من نصف قرن من الإحباطات تضاعفت مع ظهور أبرز Showman للمصارعة الرومانية خلال النصف الأول من القرن الجديد ، الاحتفاظ بالطابع الاستعراضي للعبة ، كأنه ذلك المصارع في نسخته الأولى الذي يقيس قوته بحجم صيحات جمهوره ، وكأنه من عالم إبراهيم شمس في النصف الأول من القرن العشرين ، نصف رياضي ونصف بطل شعبي تتويجه الحقيقي بمواكب تبدأ من كورنيش البحر.

محتفظاً بأسطورته المبكرة كأحد أبرز موهوبي جيله ، من عمر الخامسة عشرة برفقة المنتخب الأول، وبين أساطير مغامراته ومشاغباته الجانبية ، متمرد يصعب التحكم فيه داخل وخارج الحلبة ، استفاقة حقيقية في سن الثانية والعشرين ببطولة العالم 2001 ، تلاها الحصول على ثاني العالم في موسكو بعد خسارته من التركي محمد أوزال ومن بعدها الحصول على ثاني العالم في ضاحية كريتيل الفرنسية في العام التالي بعد خسارته من السويدي مارتن ليدبرج ، وكأن الحصول على الذهب كان يعانده ، لكن دون أن يفوته لفت الأنظار بألعابه النارية الخاصة.

النية لدي كرم في خوض بداية حاسمة في أثينا كانت واضحة منذ الدور الأول ، تصدره لمجموعته الرباعية كان يعني صعوده لنصف النهائي مباشرة ، المرة الأولى لأي مصارع مصري منذ حسن الحداد في سول 1988 ، ليحسم كرم مباريات المجموعة الثلاث بانتصارات متوالية على البولندي ماريك سيتنيك 6 – 0 ، ثم 11 – 6 في مواجهة مثيرة مع اليوناني جيورجيوس كوتسيومباس ، وأخيراً على الكازاخستاني أسيت مامبيتوف 3 – 0.

في اليوم التالي 26 أغسطس ، كان كرم يعلم أن ليدبرج قد تم الإطاحة به من الدور الأول ، ونفس الأمر مع إيرنستو بينيا الكوبي أحد أهم أسماء وزن 96 في السنوات الأخيرة ، والذي سقط أمام ميمت أوزال التركي ، ومنافس كرم في نصف النهائي ، وقاهره في نهائي العالم في موسكو 2002 .

المواجهة أمام أوزال كان "الفترينة" لمواهب وقدرات كرم التي وصلت لأقصاها ذلك العام ، رقصة باليه بدأت بجس نبض ل30 ثانية فقط ، قبل أن ينزل به حركتي سوبليكس أجهزتا تماماً على التركي ، والذي تحطم كتفه بالكامل ، كرم كان يحمل خصمه بتمهل كعنكبوت يحمل كائنا ما سقط في شباكه ، 11 نقطة متوالية ، وتأهل للنهائي بالتفوق الفني الكامل ، تفوق أجبر أوزال على رفض مصافحة جابر بعد شعوره بالحرج.

مواجهة نوزادزي في النهائي كانت تصاحبها رغبة كبيرة من كرم في حسم أمرها سريعاً ، دون الدخول في الفترة الثانية بموقف التعادل ، مدركاً أنه يواجه بطل أوروبا 2003 و ثالث العام خلف كرم نفسه في كريتيل ، بعد 46 ثانية ولجوء الحكام للإعادة التلفزيونية بدأ كرم عرضه الخاص متقدماً 2 – 1 ، ودون أن يعطي خصمه فرصة كان يقوم بحركة دوران أهدته ثلاث نقاط إضافية ، وقبل نهاية الفترة الأولى بدقيقة فشلت محاولة جديدة لحسم الأمور بدوران آخر لم يكتمل ، إلا أنه تابعها بحركة دوران ناجحة بعدها بعشر ثوان أهدته أربع نقاط أخرى. مشاهدة كرم في تلك الأمسية من أغسطس كانت فرصة لجيل كامل لمتابعة تلك الثقة في لعبة نزالية ، معنى المرشح الأول ، ممسكاً بنوزادزي ومطيحاً به خارج الحلبة تماماً كورقة شجر.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الفترة الثانية كان كرم بحاجة إلى هجوم واحد ناجح للفوز بالتفوق الفني الكامل ، تلك اللعبة الأخيرة هي تجسيد لمفهوم المخاطرة لدي ابن النادي الأوليمبي ، مقرراً شل حركة الجورجي بإمساكه من ذراعيه ، بنية القيام بحركة دوران من ذلك الوضع ، لقد أرادها من خلال الطريق الأصعب ، وسط صراخ جهازه الفني بصرف النظر عن هذه الفكرة ، إلا أن الوقت كان قد تأخر ، بعد ثانيتين فقط كان الجورجي ضحية دوران جديد أهدى ثلاث نقاط نهائية حاسمة للشاب السكندري.

احتفال بدورتين أكروباتيتين في الهواء ، تبعها مزاح مع مدربه بحركة رومانية على البساط ، بدا كفتى أراد إسعاد الجماهير بمقاعدهم ، غير قادر على النفس خارج الحلبة ، غير مدرك أن منافسه الأكثر شراسة يمكث بداخله بالغ الطموح ، وخارجه غير قادر على استيعاب ذلك الطموح ، ليبقى أسطورة في حضوره الطاغي، وفي غيابه الغامض ، في انتظار العثور على خلاصه النهائي في لندن.

شاهد نهائي وزن 96 كيلوجرام للمصارعة الرومانية وفوز كرم جابر بالذهبية:

ذوق الحنان 07-30-2012 07:31 PM

سيدني 2000: فضية السعودي هادي صوعان في 400 متر حواجز

http://l.yimg.com/bt/api/res/1.2/xyN...jpg_114134.jpg

السعودي هادي صوعان


الرأس المنكسة من الإجهاد بسند اليدين على الركبتين فرصة لاسترداد الأنفاس بعد سباق قاتل ، يمكنك رؤية الأشياء بوضوح ، وإخفاء كل ذلك الغضب عن الآخرين ، ولو لثوان معدودة ، تجنب النظر إلى أنجيلو تايلور وهو جاثم على ركبتيه يضع وجهه بين كفيه في صلاة طويلة ، بالطول الكافي لأن تجعل صاحب القميص الأبيض الذي يحمل حروف KSA في حالة التقلب بين الأمل في اللجوء ل"فوتو فينيش: لحسم أمر الميدالية الذهبية ، وبين الشك في أنه أفلت في تلك الميدالية بنفسه ، ثوان معدودة لا تسمح سوى بهز الرأس في حيرة وندم مستترين.

هادي صوعان يضع يديه في وسطه ناقلاً نظره بين جنبات المضمار بحثاً عن إجابة عن تلك النهاية المثيرة لسباق 400 متر حواجز ، ممنياً نفسه بصعود مماثل على قمر ذلك السباق المجهد ، بعد ثلاثة أيام فقط من حصول الجزائري عبد الرحمن حماد على برونزية الوثب العالي ، تلك المسابقة التي لم يلمس منصة تتويجها أفريقي أو عربي من قبل ، صوعان يعاود النظر إلى تايلور مجدداً ، متعجباً من أن كليهما أتى من رحم المجهول ، ينتظران أمر القضاة والإعادة البطيئة لحسم عرش نفس السباق الذي عرف أمجاد إديون موزيس في الثمانينات والزامبي صامويل ماتاتي في التسعينات ، عرض أول بطل للقرن الجديد.

قلق صوعان ابن الطائف يبدو طبيعياً في ظل حقيقة أنه نزل برقمه ثلاث ثوان كاملة في خمس سنوات ، منذ مشاركته الأولى في بطولة العالم في جوتنبرج ، مراهقاً في الثامنة عشرة من عمره يتابع خروجه من التصفيات ومتابعة ماتاتي بحصولة على الفضية ، أسطورة زامبية قدمت من عمق القارة الأفريقية لقهر تلك السيطرة "الأمري – أوروبية" ، إحباط مماثل وخروج من التصفيات في أول مشاركة أوليمبية في أتلانتا 1996 ، خروج آخر من تصفيات بطولة العالم في أشبيلية قبل عام واحد فقط بزمن 49.88 ثانية ، ذلك الإحباط بعدم ملامسة حتى نصف النهائي.

عام 2000 كانت القفزة الحقيقية للصوعان مع إتمام عامه الثالث والعشرين ، خاصة مع نزوله في بيروت لرقم 49.14 ثانية في نهاية 1999 ، وهو ما اعطي أملاً بإمكانية تجاوز حاجز ال48 ثانية خلال أشهر قليلة ، وهو ما يعني تدعيم حظوظه في بلوغ نصف النهائي في ألعاب سيدني خلال الأشهر التالية ، خاصة أن أفضل أرقام عام 99 حققه الإيطالي فابريتسيو موري بطل العالم بزمن 47.72.

تحقيق ذهبية بطولة آسيا عام 2000 أعطى صوعان الانطباع الإيجابي بإمكانية صنع أمر أفضل من الخروج من التصفيات التمهيدية ، خاصة في ظل غياب الفرنسي ستيفان دياجانا بطل العالم 1997 ووصيف العالم قبلها بعام ، وأحد الأسماء التقليدية داخل دائرة المنافسة كل عام.

من بعيد كان صوعان يراقب صعود اسم معروف فقط في الدوائر الجامعية الأمريكية ، من أبناء الجيل الجديد للحواجز خلفاً لجيل كيفين يونج صاحب الرقم العالمي ، اسم أنجيلو تايلور ، والذي حقق أفضل أرقام عام 2000 أثناء الاختبارات الأمريكية بزمن 47.50.

نزل صوعان برقمه ثانتيين في خمس سنوات منذ بدايته في القاهرة ، هو نفسه الشاب الذي بدأ في جوتنبرج تائهاً بزمن 50.54 ، خرج من التصفية الأولى ، ونفس الحال في أتلانتا ، ونفس الحال بالخروج من التصفية في أشبيلية ، حقق 47.53 ثانية في سيدني ، إلا أن التوقعات التي صاحبته كمرشح أول للفوز بذهبية سيدني حامت حولها الشكوك ، في ظل مردوده الهزيل في التصفية الأولى ، بلحاقه بركب نصف النهائي في المركز التاسع بزمن 49.48 ، في الوقت الذي كان فيه صوعان أكثر تماسكاً ، محتفلاً بأول تواجد له في نصف نهائي بطولة عالمية بالحلول رابعاً بزمن 49.28 ، في ظل منافسة شرسة من صاحب أفضل رقم للأسطورة ماتاتي ، ومن خلفه الأوكراني المغمور جينادي جوبرينكو كسر رقمه الشخصي.

نصف النهائي كان القطار الذي ركبه العداء السعودي ، نقطة التحول الحقيقية في مشواره من الظل لقلب الضوء ، متأهلاً للنهائي ، فائزاً بتصفيته على بطل العالم الإيطالي موري بزمن 48.14 ، محققاً رقماً آسيوياً جديداً ، وهو رقم أفضل من رقم تايلور ، المتأهل بدوره من التصفية الثانية ، بل إن الأخبار المثيرة للارتياح توالت مع خبر غياب ماتاتي عن النهائي بعد الإخفاق في تصفيته ، ليضحى صوعان صاحب أفضل رقم في نصف النهائي على الإطلاق ، منطلقاً في النهائي من الحارة الرابعة ، في حين سينطلق تايلور من حارته الأولى الضيقة ، إلى جانبه بطل أوروبا البولندي بافيل يانوشفسكي ، ثم موري ، إلى جانب صوعان يأتي جيمس كارتر أحد أفراد "دفعة" تايلور الواعدة ، يليه منافس عنيد وبطل قارة سمراء واعد هو ليويلين هربرت من جنوب أفريقيا ، وصيف بطل العالم في أثينا ، ثم أسطورة أمريكا اللاتينية خلال حقبة التسعينات إيرونيلده دي أراوجو البرازيلي، الاسم الذي قد يسبب مشكلة لصوعان في الأمتار الأخيرة ، وأخيراً مفاجأة التصفيات جوربينكو.

بداية السباق جاءت متفجرة للصوعان ، والذي دخل في منافسة ثنائية مبكرة مع كارتر خلال النصف الأول من السباق ، في حين أن تايلور بدا متاخراً في المركز السادس ، إلا أن الأمتار ال100 الأخيرة عرفت تقدماً طفيفاً لتايلور بالدخول للمركز الخامس ، في حين دخل دي أراوجو ضمن دائرة الميداليات ، ومعه هربرت.

الحاجز قبل الأخير كان نقطة التحول الرئيسية لذلك السباق الحماسي ، وهي النقطة التي عرفت دخول تايلور ثانياً خلف صوعان ، فيما تراجع كارتر تماماً كرابع ، ومع الحاجز الأخير كان تايلور قد قام بدفعة تعويض جعلته في توازي السعودي خلال الأمتار العشرين الأخيرة والذي كان يبدو محتفظاً بالمقدمة، وفي الوقت الذي دخل فيه الاثنان خط النهاية ساد شعور حبس الأنفاس والحيرة في تحديد هوية صاحب الميدالية الذهبية ، بعد أن حسم هربرت الجنوب أفريقي البرونزية.

في الوقت الذي بدأ سجد فيه تايلور للصلاة في مكانه لحين إعلان النتيجة ، كان صوعان يبدو من داخله في حالة غليان لعلمه بأن تايلور ربما يمتلك فرصة حقيقية في إمكانية عبوره الخط بصدره أولاً ، رغم تجاوز السعودي الشاب الخط بقدمه قبل الأمريكي ، دقيقة واحدة تالية حتى كانت الصيحات في ملعب سيدني الأوليمبي تعم المكان بعد إعلان النتيجة على اللوحة بحلول تايلور أولاً ، رؤية ذلك الصدر لصاحب القميص الأمريكي الأزرق وهي تعبر الخط أولاً في الشاشة العملاقة كان مؤلماً ، بزمن 47.50 ، بفارق 3 أجزاء من المائة عن صوعان ، أقل فارق عرفه سباق 400 متر حواجز رجال على مر العصور بين صاحب المركز الأول ووصيفه.

رحلة الصعود الجزئي للقمر بالنسبة لصوعان عرفت إحباطاً لبضعة ثوان ، قبل أن يسارع بتهنئة بقية رفاق السباق ، نفس الرفاق الذين كان يتابعهم من قبل كعداء لم يتمكن من عبور الدور الأول ، ليصبح أول سعودي صاحب ميدالية أوليمبية ، في أول تذكير باختراق لحاجز الصوت في 400 متر حواجز منذ السنغالي أمادو ديا بايا ، أول أفريقي صاحب ميدالية أوليمبية في ذلك السباق ، بفضية سول 1988 ، والذي قهر موزيس في صراع المركز الثاني بمليمترات بلون خاص ، بلون الفضة.

شاهد نهائي 400 متر حواجر في سيدني 2000:


http://www.youtube.com/watch?feature...z-4UFdWDw#t=4s
http://www.youtube.com/watch?feature...z-4UFdWDw#t=4s

ذوق الحنان 07-30-2012 07:35 PM

أثينا 2004: ذهبية الإماراتي أحمد بن حشر المكتوم في الرماية
http://l.yimg.com/bt/api/res/1.2/Q4z...jpg_112554.jpg
الشيخ أحمد بن حشر المكتوم

بدو كطائر برتقالي رشيق ، يستقر لبضعة ثوانٍ في الهواء بعد سماع صوت الطلقة الطائشة بعيداً عنه ، رؤية ذلك الطبق وهو يهبط على الأرض في نهاية الساحة كرؤية واحة في وسط الصحراء ، شهقة الجمهور الحاضر وتعليق المذيع الداخلي معلناً إخفاق الهندي راجيافاردان راثور في إصابة أحد الأطباق ، الفارق بينه وبين المتصدر الإماراتي لا يسمح سوى بمعجزة لحرمان الأخير من ميدالية تاريخية ، لا يتبقى سوى اصطياد طبقين إضافيين لإنهاء الأمر.

غطاء أزرق سماوي للرأس ، بندقية يكاد يكون قد صممها بنفسه ، أنفاس متقطعة بعناية حتى لا يتعرض سلاحه لاهتزاز غير مطلوب ، منتظراً طائرين بلاستيكيين من الجهة اليسرى ، أن تكون في الحادية والأربعين من العمر ويكون لديك الأمل في التتويج الأوليمبي ، سدادتان للأذن فوقهما غطاء معدني كامل ، يضع عالمك في صمت كامل ، تبدو الوقاية متأخرة بالنسبة لحاسة سمع تعرضت لأذى بعد مئات الآلاف من الطلقات الضائعة ، كل ما يتوجب عليك فعله هو سحق الطبق الأول ، امتصاص رد فعل أول من فعل الطلقة ، كتم الأنفاس من جديد حتى لا تسمعه البندقية ، تحريك السلاح بشكل قطري سريع ، ضرب الطبق الثاني قبل طيرانه بعيداً ، إنها نفس العالم الذي يستقر برأسك قبلها بشهور ، إنه الوقت لإبلاغ عامل ماكينة الإطلاق بكلمة السر...PULL.

التناقض الكامل بين البقاء – حتى ست سنوات فقط - بين جدران الاسكواش الأربعة ، وبين التحول محترفاً لقناص للأطباق البلاستيكية في أكثر الساحات الرياضية سعة ، حتى إنها تبدو بلا حدود ، تغيير المسار في نهاية الثلاثينات من العمر ، تسلق السلم من بدايته ، الحلول في المركز 18 بمسابقته الرئيسية ، مسابقة الحفرة في سيدني 2000 ، والحلول في المركز 23 في الحفرة المزدوجة ، مشاهدة بريطاني داهية باسم ريتشارد فولدس يصنع عودة رائعة في النهائي فائزاً بالذهبية على حساب الأسطورة الأسترالية راسل مارك ، كان أمله الوحيد متمثلاً في رؤية الكويتي فهيد الديحاني بميدالية برونزية على العنق ، وبفارق طبق واحد عن فولدس الذهبي.

في أقل من ثلاث سنوات كان المكتوم يحمل نفس الأمل ، بتخطي إنجاز الديحاني ، فائزاً بكأس العالم للحفرة المزدوجة في نيودلهي2003 ، ولقب مماثل في روما نفس العام ، معلناً نفسه مصنفاً أول على العالم ، على حساب مطارده راثور ، الذي خطف منه التصنيف الأول لبرهة مطلع 2004 ، قبل أن يستعيدها المكتوم مجدداً قبل أثينا 2004.

الرغبة في المغامرة كانت دافعاً لدخول مسابقة الحفرة فقط في أثينا يوم 15 أغسطس ، حتى لو كانت فرصه ضعيفة في المنافسة ، إلا أنه صنع المفاجأة بحجزه بطاقة التأهل للنهائي بحلوله سادساً في التصفية الأولى ، وبفارق ثلاثة أطباق فقط أقل من الروسي المتصدر أليكسي أليبوف ، المفاجأة الأكبر كانت في ال25 طبقا محل التنافس في النهائي ، عندما نجح المكتوم في اقتناص 23 طبقا ، مغازلاً الميدالية البرونزية ، قبل أن يفقدها بفارق طبق واحد فقط أقل من أسترالي أخر هو آدم فيلا ، ملامسة المجد كأول إماراتي صاحب ميدالية أوليمبية في التاريخ.

بعد مرور يومين إضافيين دون سماع أية أنباء إيجابية عن تحقيق أي ميداليات عربية ، كان المكتوم يستعد لخوض مسابقته الرئيسية للحفرة المزدوجة ، أمامه 150 طبق في التصفيات ، يحسمها 50 طبقا إضافيا في النهائي بين الست الأوائل ، محاطاً رغم تصنيفه الأول بمجموعة قناصة من نوع خاص ، فراثور ليس مجرد رامٍ قادم من الهند ، ولكنه رمز قومي حاصل على لقب الكومينولث قبل عامين ، وثالث العالم قبل عام في نيقوسيا.

المكتوم كان حاسماً منذ التصفية الأولى ، محققاً 144 طبقاً من أصل ال150 في رقم أوليمبي جديد ، ضامناً التواجد في النهائي على حساب مجموعة من المفاجآت المبهرة ، عرفت سقوط ريتشارد فولدس حامل اللقب ، وحلوله في المركز ال13 ، وخروج فهيد الديحاني بحلوله ثامناً حتى الطبق الأخير ، إضافة لتأهل عصيب لراثور ، بحلوله خامساً بصعوبة كبيرة ، ومتأخراً بتسعة أطباق كاملة عن المكتوم.

الأطباق الخمسون التالية في النهائي كانت عرضاً خاصاً من المكتوم ، مستغلاً فارق الأطباق الستة التي تفصله عن مطارده السويدي هاكان دالبي ، والذي أخفق في أربعة أطباق خلال الربع الأول من النهائي ، فيما حقق المكتوم علامة كاملة دون إخفاق واحد ، دون أن يقلقه تعافي راثور النسبي في تلك المرحلة.

خلال الربع الثاني ، كان دالبي قد خرج من المنافسة عملياً بإهدار طبقين آخرين ، فيما بقى راثور محافظاً على آماله ، وفي ظل تمتع المكتوم بواحدة من أفضل درجات تركيزه على مدار العام ، كان قد وصل خلال النصف الثاني للعلامة الكاملة وسط تأكد الجميع من قدرته على المواصلة على نفس المنوال ، في انتظار هفوة واحدة من راثور لحسم الأمور تماماً ، وهو ما حدث مع الطبق السادس والثلاثين للرامي الهندي الموهوب ، حيث طار طبقه دون اصطياد ناجح ، ليضمن المكتوم تصدره بفارق 12 طبقا قبل 14 طبقا من النهاية ، أي أنه بحاجة إلى اصطياد طبقين إضافيين لضمان الميدالية الذهبية.

النظرة الثابتة ، وحالة الحسم في اقتناص الطبق الأول بمجرد خروجه ، ومتابعته بطلقة أخرى للطبق الثاني بنفس درجة التركيز ، فارغ الطلقتين ينطلق تلقائياً بمجرد فتح المكتوم لماسورة بندقيته ، وكأنه كان يضع أحلامه في رياضة طفولته التي تبناها قبل أعوام قليلة كطلقتين من النوع الحي ، ، قبل أن تخرج في نهاية المشوار كقطعتين من المعدن ، وكأن الروح خرجت من جسديهما ، قبل أن يطبع قبلة على جانب السلاح الذي شارك في تصميمه خصيصاً ، كرفيقة درب في الحلوة والمرة ، في الصعود معه لتسلم الميدالية الذهبية الأولى للإمارت على الإطلاق ، أو ذلك الغضب الصامت مع كل طبق أفلت من قبضته ، كطائر قبل سقوطه النهائي على الأرض ، يذكره بأنه مازال بعيداً عن العلامة الكاملة.

شاهد تتويج الإماراتي أحمد بن حشر المكتون بذهبية الرماية "الحفرة المزدوجة" في أولمبياد أثينا 2004


http://www.youtube.com/watch?feature...ckqd_SLL0#t=0s

ذوق الحنان 07-30-2012 07:39 PM

المغربي خالد سكاح

http://l2.yimg.com/bt/api/res/1.2/zC...jpg_170931.jpg

يدان في السماء ، وجه ضاحك ، جسد نحيف فرح ، ونظرة لمدرجات وكأنها تبحث عن وجوه بعينها ، وجوه تحمل العلم المغربي من أجل دورة النصر ، صفافير استهجان من كل جنبات الملعب الأوليمبي ، إشارات بالانتقام من جمهور يحمل الأعلام الكينية ، وأصابع إبهام للأسفل على الطريقة الرومانية القديمة في استياء ، أكواب ورقية ملقاة ناحية المضمار دون نجاح ، عامان من العمل وأكثر من 27 دقيقة من الألعاب الذهنية والعضلات المجهدة تم القذف بها في الهواء ، ربما الاستقبال الأسوأ لبطل في ألعاب برشلونة على الإطلاق ، خالد سكاح مازال يحتفظ بابتسامته ، محاولاً صنع جمهور من خياله يحتفل معه بذهبيته الأوليمبية ، دون أن يعلم أنه بعد نصف ساعة سيتم إصدار قرار بحرمانه منها.

أعوام كاملة قضاها ذلك القطار للمسافات المتوسطة والطويلة برفقة الكينيين منافساً ، ما بين سباقات اختراق الضاحية التي كانت احتكاراً لأبناء القرن الأفريقي منذ منتصف الثمانينات ، في إزاحة شبه كاملة للسيطرة الأنجلو ساكسونية ، سكاح كان يبدو الوجه الوحيد الذي كان بإمكانه أن يفسد حفلات الفرق الكينية ، أو "التربيطات التكتيكية" التي كانت دوماً جزءاً من سباقاتهم ، وكأنه قدره الرياضي ، كونه النسخة الثالثة من أبناء الثمانينات لصناعة المسافات المتوسطة المغربية بعد سعيد عويطة وإبراهيم بو طيب.

عام واحد قبل منازلة سكاح للفريق الكيني في مضمار ملعب المونتويي ببرشلونة ، كان على موعد مع كماشة من نوع خاص في مضمار طوكيو ببطولة العالم 1991 ، لفة أخيرة قبل النهاية كان ابن بلدة ميلديت القابعة على إحدى قمم جبال الأطلسي على نفس الخطوات مع موزيس تانوي وريتشارد تشيليمو ، الفريق الكيني المتخصص في سباق 10000 متر ، جيل جديد قادم من عالم اختراق الضاحية والنصف ماراثون ، أولهما في السادسة والعشرين من عمره وثانيهما مراهق موهوب في العشرين ، الحصاد كان نجاحا معتادا في إشعار سكاح "الدخيل" بالاختناق مع الأمتار الأخيرة ، والتي نجح في حسمها تانوي ، تبعه تشيليمو ، تاركين فتات البرونزية لسكاح ، والذي لم يحظ بالدعم من جانب زميله حمو بو طيب ، الذي أنهى السباق في المركز الثامن آنذاك.

ليلة 3 أغسطس في ملعب المونتوي كانت الأجواء تبدو كهربائية ، خاصة في ظل إخفاء الأسماء الكبيرة لأوراقها خلال التصفيات ، بما فيهم سكاح الذي أنهى تصفيته سادساً خلف تشيليمو ، دون الدخول معه في استعراض عضلات مبكر ، كان يعلم أن أوراق النهائي ستكون أكثر أهمية وتعقيداً، خاصة في وجود تينوي ، المكسيكي أرتورو باريوس صاحب الرقم العالمي ، العجوز الإيطالي سلفاتوري أنتيبو بطل أوروبا وصاحب فضية سول ، بطل العالم للشباب الأثيوبي أديس أبيبي ، فيتا باييسا صاحب أفضل أرقام 1992 في أوسلو ، وفتى مغربي كان يضعه المراقبون ضمن الميداليات ، حمو بو طيب بطل النوايا الحسنة قبل عامين.

كان سكاح يعلم أن دور أرنب السباق الذي لعبه تشيليمو في طوكيو قابل للتغيير في برشلونة ، وأنه في مواجهة مع رغبة من الثنائي في حصر منافسة اللفة الأخيرة بينهما ، بعد إقصاء "الدخيل" ، مفضلاً مراقبة الأمور في اللفات الأولى ذات الإيقاع البطيء ، فيما عدا محاولات بريئة من باريوس أو أنتيبو للتقدم لكسر حالة الرتابة.

وحده بدأ تشيليمو إلقاء أول اختبار بعد أربعة كيلومترات ، منطلقاً في إيقاع سريع أربك الجميع ، مرغماً سكاح للقيام بانطلاقة مجهدة للحاق بالثنائي الكيني ، وحده أديس أبيبي كان مرافقاً لهم ، في أول تحديد واضح لملامح السباق الجادة على سباق الميداليات ، دون أن يبالغ سكاح في الإفصاح عن نواياه مبكراً ، مقتنعاً بالموقع الرابع في ظل استمرار ذلك الإيقاع السريع لعدة لفات لاحقة.

بعد تخطي نصف السباق بقليل كان سكاح يقوم بهجومه الأول على الفريق الكيني ، ليقوم بسحب تشيليمو وفصله عن التوأم تانوي ، والذي استغرق لفة كاملة للعودة لركب السباق ، ولكن بأنفاس منهكة ، لم تسعفه للقيام برد فعل على هجوم سكاح الثاني في الكيلومتر الأخير ، والذي أتاح للمغربي الانفراد بتشيليمو تماماً والإفلات من أية كماشات كينية للمرة الأولى له في سباق 1000 متر ، إلى الحد الذي أدخل القلق على قلب تشيليمو ذي العشرين عاماً ، ملتفتاً خلفه ، باحثاً عن تانوي في طلب صامت للمساعدة دون مجيب.

في الوقت الذي أدرك معه الجميع بأن لعبة الروليت النهائي في آخر 2 كيلومتر محصورة بين اسمين ، بدأ سكاح وتشيليمو في المرور بمتنافسين آخرين سقطوا خلفهم بلفة كاملة ، ومن ضمنهم حمو بو طيب ، والذي فوجيء هو نفسه بدخول سكاح وتشيليمو عليه في موقف المنافسة المستعرة بينهما ، ليقرر بو طيب من تلقاء نفسه تسريع إيقاعه واللحاق بالثنائي ، بل والعدو أمام تشيليمو ، مكوناً فريقاً مغربياً فريدا من نوعه مع سكاح ، والذي بدا في حالة من عدم الارتياح لعدة أمتار ، قبل أن يقبل بدخول لعبة مواطنه.

إنها كماشة مغربية تبدو كانتقام من الفريق الكيني قبل عام ، ولكن بسيرالية بو طيب الخاصة ، دون أن يحمل ناقة أو جملا في أي ميدالية ، وتضاعفت السيرالية مع كل محاولة للكيني للإفلات من بو طيب ، إلا أن الأخير يرفض السماح له بالمرور ، وسط صافرات استهجان متواصلة من 50 ألف متفرج ، ملعب المونتوي تحول إلى ملعب كرة قدم فائق الغضب.

قبل لفة واحدة وصلت الغرائبية لبعد جديد قبل لفة واحدة من النهاية ، عندما دخل أحد حكام المضمار الساحة لسحب بو طيب لإبلاغه ضمنياً باستبعاده ، إلا أن الفتى أفلت مكملاً سباقه على نحو طبيعي ، وهو ما أدخل توتراً فائقاً على تشيليمو المرتبك تماماً وقبله سكاح ، والذي أبلغ رفيقه إشارة إلى ضرورة الابتعاد عن طريقهما ، خاصة في ال300 متر الأخيرة ، والتي عرفت تشجيعاً كاملاً لتشيليمو "الضحية من وجهة نظرهم" ، في الوقت الذي أطلق سكاح لساقيه العنان في آخر 200 متر ، متجاوزاً تشيليمو ، إلى الحد الذي أجبر تشيليمو بشكل لا إرادي على محاولة إمساك سكاح من ذراعه لإيقافه في ال100 متر الأخيرة ، وعلى الرغم من تعويضه لثانيتين في الخمسين متر الأخيرة ، خارت عضلات الكيني في الأمتار العشرة الأخيرة ، لينهي سكاح الأمر بزمن 27.46.70 ، في الوقت الذي حل فيه أديس بيبي ثالثاً ببرونزية ، وباريس خامساً ، وتانوي شخصياً ثامناً ، كانت أشبه بكارثة كينية مصغرة.

في الوقت الذي أظهرت فيه الشاشات استبعاد بو طيب من السباق نهائياً ، كان سكاح يقوم بأسوأ دورة انتصار لعداء في العقود الأوليمبية الأخيرة ، وسط استهجان كامل من جمهور أظهر عدائية شديدة ، متهماً سكاح بالاستفادة من وضع غير قانوني قام به بو طيب ، بعد نصف ساعة كان الاتحاد الدولي لألعاب القوى يقرر قبول الالتماس الكيني السريع ، وحرمان سكاح من ذهبيته ، وهو ما استدعى البعثة المغربية للقيام بطعن في نفس التوقيت ، في اليوم التالي كانت مراسم تسليم ميداليات ال10000 متر تحمل سكاح في موقع الفائز بالميدالية الذهبية مجدداً ، في استكمال للمشهد السيريالي الأوليمبي ، في ظل قبول الاتحاد للطعن المغربي ، بداعي أن سكاح نفسه لم يكن مشتركاً في المناورة التي قام بها بو طيب بشكل فردي من جانبه.

أفضل لحظات سكاح في مشواره الرياضي ستظل مطلية بلون صافرات الاستهجان التي صاحبته أثناء تسلم الميدالية ، وسط نظرات الجميع بأن انتصاره جاء مشوشاً ، حتى لأعوام تالية عرفت تأكيداً كاملاً من جانبه لفوزه المستحق ، مشيراً إلى أنه نبه بو طيب أكثر من مرة بغرابة تصرفه وأنه يعرض فرصه هو نفسه للخطر ، أربع سنوات تالية وكان سكاح خارج سباق ميداليات أتلانتا 96 قبل أن ينتقل للحياة في النرويج حاملاً جنسيتها ، وعشر سنوات أخرى سيعود سكاح للذاكرة مجدداً كأحد أهداف الباباراتسي على خلفية قضية حضانة أطفاله من زوجته النرويجية ، وكأنه يسمع صافرات الاستهجان المتواصلة منذ تلك الليلة في أغسطس قبل 20 عاماً ، ولكنها قادمة من العالم كله.

ذوق الحنان 07-30-2012 07:42 PM

لوس أنجيليس 1984: ذهبية المغربية نوال المتوكل في 400 متر حواجز


المغربية نوال المتوكل

http://s.alriyadh.com/2012/07/27/img/398885784370.jpg
على خط البداية صحراء قاحلة ، بدون أب في المدرجات ، بعد خبر حداث سيارته قبل ستة شهور ، جليد غرف دون موين في ولاية أيوا ، إمكانية العودة إلى كازابلانكا مجدداً ، كل شيء يبدو للحظات بلا معنى ، حتى قبل أهم سباق في تاريخها القصير ، تلك الفتاة قصيرة القامة ، سمراء بشعر مجعد بكثافة من بلد لم يقدم أي بطل في ألعاب القوى من أي نوع ، سوى فضية رضا بن عبد السلام في ماراثون روما 1960 ، ليس هناك من مبرر لاستمرارها في دون موين، حتى لو كانت رحلتها قد استمرت ست سنوات فقط من الركض كمراهقة بمضامير كازابلانكا الرملية، إلى الركض في الحارة السابعة في مضمار ملعب هيلسنكي ببطولة العالم 1983 إلى جانب السوفيتية أنا أمبرازيني حاملة الرقم العالمي ، أول مغربية على الإطلاق تتواجد بنصف نهائي بطولة عالمية من أي نوع.

ذلك اليوم المشمس من الصيف الفنلندي لم تلحظ فيه الفتاة صاحبة الاسم العربي لدى وقوفها على خط البداية سوى طريق بمنحني دائرى مقوس ، كاسر للظهر وللآمال ، يتخلله عشرة حواجز كل أربعين متراً ، كل أربعين متراً هناك أمل أن تصبح بطلاً للعالم ، أو تصبح الأخير ، أن تصبح في النهائي أو لن يتذكرك أحد ، مجرد عداء عبر خط النهاية ولن يتذكر أحد اسمك ، 300 متر والفتاة ذات القميص الأحمر هي الرابعة ، إنها في النهائي ، الحاجز قبل الأخير يجعلها تتأخر للمركز السادس دفعة واحدة ، الأمريكية باركسديل كانت في النهائي كرابع ، إلا أن الحاجز الأخير أهدى بطاقة التأهل الأخيرة للرومانية وكوجوكارو ، 400 متر روليت من نوع خاص ، السقف لفتاة مغربية لن تحقق أكثر من هذا في سن الحادية والعشرين ، تشاهد النهائي من المدرجات ، اكتساح أوروبي شرقي ، مشاهدة صاروخ سوفيتي أشقر باسم يكاترينا فيسينكو ذهبية السباق للألعاب الجامعية وهي تحقق 54.12 ثانية ، خلفها مواطنتها أمبرايزيني، ثم قاطرة ألمانية شرقية بإسم يلين فيدلر بطلة كأس العالم 1981 ، التي حلت فيها المغربية النحيفة في المركز الأخير.

الشقيق عاد وحيداً لكازابلانكا بعد إبلاغ خبر الأب ، فيما فضلت قضاء أمسيات دون موين ترسم خطوطاً طفولية على نوافذ نزلها الشتوي ، مستغلة وجود الضباب على الحاجز الزجاجي ، والتدرب صباحاً ، الفوز بذهبية ألعاب الجامعات الأمريكية ، على حساب رهبان من عوالم مختلفة ، سعياً لمكان في ألعاب لوس انجيليس ، متابعة مارجاريتا بونوماريفوا في يونيو وهى تحطم رقم امبرازيني ، سوفيتية أخرى تكتسح الساحة ، أول فتاة على ظهر الكوكب تنزل تحت حاجز ال54 ثانية ، جنسية أمريكية على المنضدة يتم رفضها ، مقاطعة أوروبية شرقية للألعاب ، لن يكون هناك سوفييت ولا بيترا بفاف وبيترا كروج ، وكل من سبقوها في هيلسنكي ، كل هذا لم يغير من نظرتها كثيرا ، فهي تعتقد أن لا فرصة أمامها ، وتسلم الزي الخاص بالبعثة المغربية ، الفتاة الوحيدة وسط أكثر من 130 فرد ، الجميع يطالبها بميدالية لا تعلم كيف يمكن تحقيقها ، وهي تجلس لمتابعة صديقتها الأمريكية جودي براون ، حاملة ذهبية البان أميركان 1983 ، آن لويز سكوجلوند بطلة أوروبا 1982 ، أسطورة آسيا الشابة بيلافولاكاندي أوشو ، أمل الهند في كسر أساطير أخرى باستحالة تفوقهن في العاب القوى ، لغم أسترالي جديد باسم ديبي فلينتوف بطلة الكومينولث ، وأحد أكبر الأسماء المنتظر وجودها على منصة التتويج ، بطلة ألعاب الكاريبي 1982 الجامايكية ساندرا فارمر ، إلى جانب كوجوكارو بطلة أوروبا داخل الصالات ، والتي خطفت بطاقة التأهل إلى نهائي هلسنكي في الحاجز الأخير.

كل ما كانت تحتاجه الفتاة ذات ال22 عاماً هي البداية المتهملة الواثقة ، فائزة بالتصفية الأولى على حساب بيكسديل وساندرا فارمر بزمن 56.49 ، قبل أن تدخل نصف النهائي في مجموعة عصيبة ، إلا أنها كسرت كوابيس هيلسنكي ضامنة التواجد كأول عربية في نهائي أوليمبي لألعاب القوى بالحلول ثالثة بزمن 55.65 خلف سكوجلوند وكوجوكارو وعلى حساب فارمر مجدداً ، ولكنه زمن يضمن لها مبدئيا ميدالية ، كونه أفضل من أزمنة أوشا وجودي براون فلينتوف في التصفية الثانية.

فتاة جاءت من الركض على شواطيء الدار البيضاء كمن أطلقها والدها من المصباح السحري ، تضع نفسها وضع الاستعداد في تلك الظهيرة من 8 أغسطس بالكوليزيوم ، كل ما تراه هو ذلك الطريق المقوس ، والذي تتخلله عشرة حواجز وانتظار طلقة من مسدس صوت ، الانطلاقة الأولى لنوال كانت الرصاصة ، الأفضل بين الحارات الثمانية ، لوهلة نسى الجميع بونوماريوفا ، غياب الرفيقات عن المشاركة ، فقط الفتاة النحيفة ذات القميص الأخضر ، تنهي الحاجز الرابع في المقدمة بفارق بسيط عن جودي براون وكوجوكارو ، الجسد الذي كان في نظر الكثيرين قبل لوس انجيليس مجرد جسد نحيل ، تحول إلى سيارة فورميولا ، الأمر بالنسبة لها أكثر من مجرد 10 حواجز ، والدها الذي كان يذكرها في عقب كل تمرين بأنها ستكون ذهبية أوليمبية ، الطرد القادم من أيوا بمنحة رياضة ورفضت أن تفتحه ، الليلة الأولى وحيدة في غرفتها في ليلة ممطرة بدون موين ، ذلك التذكير عندما تلتقي عيناها بأعين مسئول رياضي رسمي بأن الرهان عليها ، رؤية المغربية وإلى جانبها أوشا الهندية في المركز الرابع تقاتل من أجل دخول منصة الميداليات كانت أشبه بمشاهدة مصيرين متوازيين في مرآة.

في الوقت الذي ضيقت فيه كوجاكورا الخناق قرب الحاجز قبل الأخير ، كانت مضاعفة السرعة التي قامت بها صاحبة القميص الأخضر هي عملية إلقاء آخر جبل كان على كتفيها ، لم يبق أمامها سوى تجاوز ذلك الحاجز الأخير الذي أعطى الرومانية مجداً مؤقتاً قبل عام ، بعد التخطي كانت ابنة لاعب الجودو على بعد عشرة أمتار أخيرة من تجاوز خط النهاية ، حتى جودي براون علمت أن صراعها الحقيقي هو في الفوز بالفضة ، نظرة من المتوكل يميناً ويساراً قبل عبور الخط ، لا يوجد أحد ، للمرة الأولى يصبح الشعور بالوحدة جميلاً ، لم تكن هناك قطع جليد تحولت إلى سائل يهبط لقاع النافذة ، فقط قطرة عرق من الجبين مباشرة إلي العين ، تشعرها بألم خفيف ، شمس لوس انجيليس تشعرها بدوار خفيف وكانها في طقوس العودة لجسدها ، لتكتشف أن خط النهاية الذي عبرته لا عودة منه.

ذوق الحنان 07-30-2012 07:45 PM

الجزائرية حسيبة بولمرقة
http://cdn1.albayan.ae/polopoly_fs/1...4184802529.jpg
أربعة جدران ، ولكنه يبدو المكان الآمن خلال الشهور الثمانية الأخيرة ، متر في مترين مساحة دورة مياة في مركز رياضي للتدريب في برشلونة ، ليس لشيء آخر سوى لالتقاط الأنفاس ، خارج ذلك الباب يوجد فريق حراسة مخصص لحماية فتاة نحيفة تتجول في محيط القرية الأوليمبية بقميصها الأخضر التقليدي الخاص بالبعثة الجزائرية ، أرض محرمة عليها طيلة العام بأكمله ، الانتقال من استنشاق رائحة جبال قسنطينة ، لمكيفات هواء فنادق برلين ، للمرواح الكهربائية بحمامات برشلونة ، فتاة في الرابعة والعشرين معلقة كأحد جسور مدينتها الأم ، بين مرتفعين ، أ**************** فراغ كبير بلا قرار.

فتاة تهمتها أن اسمها حسيبة بولمرقة ، فتاة تعيش جحيماً بسبب "شورتها" ، قطعة القماش التي حرمتها من دخول حيها القديم ، زيارة مدخل قسنطينة الذي عرف أول فوز للعدو الريفي كصبية في الرابعة عشرة من عمرها ، لم تلفت الأنظار إلا لسرعتها الاستثنائية. "شورت" أجبرها على اختيار العاصمة الألمانية منفى اختيارياً قبل خوض الاختبار الأخير خارج دورة المياة تلك، استعداداً لخوض أهم اختبار لها في تاريخها القصير ، والذي قد يكون أقصر في حال تنفيذ تهديدات القتل التي تلقتها في حال خوضها سباق ال1500 متر الذي على وشك الانطلاق.

قبل أربعة أعوام أيضاً كانت الجزائر تعوم على نهر من الفوضى والضجر والسياسة ، أمل أخير ممثل في الشاذلي بن جديد ، وتغيير يلوح في الأفق ، بعد خروجها من دورة المياة ستتذكر حسيبة بعد رؤية فريق حراستها أن الجزائر على نهر انقلاب عسكري مقنع وعلى أبواب توتر داخلي لا أحد يعرف مداه، بل أصبحت هي جزءاً من ذلك الصراع ، بصفتها فتاة قررت أن تصبح خارج السياق ، سياق يبحث عن كبش فداء من أي نوع.

قبل أربع سنوات كانت حسيبة تخرج بلا تتويج من سباق 1500 متر في ألعاب سول، بلا لفت للأنظار ، مجرد فتاة جزائرية تسبح في ظل المغربية فاطمة عوام التي أنهت سباقها في المركز العاشر ، الجزائرية التي أتمت لتوها عامها العشرين أخفقت في الوصول للنهائي ، محققة فقط زمن 4.08.33 ، مشاهدة جيل الثمانينات برمزه الشرقي الساطع ممثلاً في الرومانية بولا إيفان يوهو يتوج بالذهبية ، سباق 1500 متر كان أرضاً أوروبية شرقية محرمة على الآخرين ، عشرين عاماً من السيطرة السوفيتية الرومانية أو الألمانية الشرقية على أفضل تقدير.

قبل إجراء الانتخابات التشريعية نهاية عام 1991 كانت الجزائر تأخذ وقتاً مستقطعاً بالاستيقاظ مبكراً لمتابعة فتاة بدت للوهلة الأولى طيفاً من عالم نوال المتوكل عام 1984 ، حسيبة بنت ال23 عاماً تقتحم ال100 متر الأخيرة من سباق 1500 ببطولة العالم في طوكيو ، تضع وراءها الرومانية دونيا مالينتي "خليفة باولا إيفان" ، صامدة أمام ملاحقة السوفييتيتين تاتيانا دوبورفيتسخ ومواطنتها ليودميلا راجاتشوفا ، محققة زمن 4.02.21 ، تلك القبضات المتوالية في الهواء ، الصراخ المتكرر تجاه لا أحد بعد تجاوز خط النهاية ، كان الأمر يتعلق بأول فتاة اخترقت الحاجز الجوي الأوروبي الشرقي في تلك المسافة ، أول عربية أفريقية بطلة للعالم ، بعد بضعة أشهر أصبحت حسيبة حبيسة بلا موطن ، تجد في أرض أوروبية نقطة تحول اسمة أخرى في تاريخها ، وكأنه مكتوب على تلك الفتاة قضاء وقتها في دوائر مفرغة ، تماماً كمضمار بلا خط نهاية.

خط البداية في مضمار الملعب الأولميبي على جبل مونتويي الكاتالوني لا يعكس أي ظلال ، وقت الغروب قد حان وقته ، فقط أحذية بألوان مختلفة من بينها حذاء حسيبة في وضع الاستعداد ، الأحذية الأخرى تنتمي لأشرس منافسة لنهائي 1500 أوليمبي منذ عقود ، كماشة ثلاثية للكومينولث الروسي مكونة من الثلاثي التقليدي تاتيانا دوبورفيتسخ ومواطنتها ليودميلا راجاتشوفا ، يكاترينا بودوكاييفا ، موهبة موزمبيقية في العشرين من عمرها تحمل خامات بطلة عالم مقبلة إسمها ماريا موتولا ، نحلة صينية في الثامنة عشرة من عمرها (ستكون حاملة الرقم العالمي لاحقاً حتى يومنا هذا) تدعى كويونزيا.

رومانية عنيدة تسعى لفوزها الأكبر باسم دونيا ميلنتي "بطلة العالم في نفس المسافة داخل الصالات) ، تسعى للفوز بذهبيتها الثانية بعد ذهبية 800 متر في لوس انجيليس ، وهي صاحبة فضة نفس الألعاب في 1500 متر آنذاك ، باتسي بالمر الأمريكية في عامها الثلاثين تسعى لإكمال مستواها المتصاعد منذ عام 1990 ، البولندية مالجورزاتا ريدز التي رافقت حسيبة كتفاً بكتف حتى اللفة الآخيرة في بطولة العالم بطوكيو ، ماتيي دومنيجيز من البلد المضيف وأحد أكثر الأوروبيات تخصصاً في عالم داخل الصالات ، وليو لي الصينية بطلة العالم للناشئين قبل عامين فقط ، ومع عامها الواحد والعشرين تمثل مع كو يونزا أبرز عناصر الجيل الذهبي الجديد للمسافات المتوسطة الصينية ، ميكروكوزم لعالم على وشك أن يتغير داخل العالم الكبير لكل فتاة من تلك الفتيات ، وعالم ال1500 متر ، وكأن "التركة" التي ستتركها الأوروبيات الشرقيات على الباب لمن يأخذها ، فقط كان الجميع ينتظر حدوث ذلك رسمياً في برشلونة 92.

لفة واحدة فقط أنهتها راجوتشوفا في المقدمة في 61 ثانية ، أجهزت فيها على كل خطط خصومها ، الإيقاع السريع للسوفيتية السابقة جعل الكماشة ذات الأسنان الثلاثة للكومينولث الروسي تسيطر على الأمور مبكراً ، راجوتشوفا ومن خلفها دوروفسكي ، وفي المركز الثالث تبقى حسيبة مترقبة على نفس الإيقاع ، مع اللفة الثانية بدا للروسيات أن بولمرقة هي الشوكة التي ستكرر نفس الألم الذي عانين منه في طوكيو ، ومع نهاية اللفة الثانية تتقدم الجزائرية لتصبح في المركز الثاني ، حسيبة كانت تعلم المفارقة الحقيقية في أنها مهددة بالقتل والنفي كونها المرشحة الأقوى لحصول الجزائر على أول ميدالية ذهبية أوليمبية منذ الاستقلال ، فقط ميدالتين برونزيتين في الملاكمة بلوس أنجيليس 1984 من مصطفى موسى ومحمد زاوي ، وعلى مضمار كساه ليل يوم 8 أغسطس بدت حسيبة كظل لا يرواح مكان راجوتشتوفا ، حتى اللفة الأخيرة.

في الوقت الذي انتظر فيه الجميع أن تكشف الجزائرية عن أوراقها في ال100 متر الأخيرة ، كان قرار حسيبة بالهجوم ومضاعفة السرعة قبل 300 متر كاملة ، جس نبض مبكر لقدرة الروسية على الصمود ، إلا أن ما حدث هو أن بنت قسنطينة أطلقت ساقيها للريح في واحد من أفضل النهائيات التي عرفها سباق 1500 متر الأولمبي على الإطلاق ، نفس الفتاة المراهقة التي أبهرت الجميع كناشئة في منتصف الثمانينات ، فتاة تعود من منفاها الاختياري ، نظرة من وقت لآخر إلى اللوحة الإلكترونية لمتابعة إمكانية تحطيم الرقم العالمي ، من بعيد تخرج ميلينتي منسحبة من جراء إيقاع السباق القاتل ، الجميعات تلهثن ، وحدها كو يونزا تركض بكل ما تملك ، صينية على وشك الصعود للمنصة كثالثة ، وجزائرية تعبر خط النهاية كبطلة للذهب بزمن 3.55.30 دقائق ، رابع أسرع رقم ل1500 متر سيدات في التاريخ.

لم يكن هناك صراخ في الهواء ، أو أيادي مرفوعة لأعلي ، فقط اختارت حسيبة إحدى الكاميرات المتواجدة في المضمار ، نظرت إليها وأشارت بقبضتها مرتين ، قبل أن تمر بأصبعها على كلمة الجزائر على قميصها الأخضر ، وكأنها تريد أن تقرأ الاسم حرفا بحرف ، لم تكن بحاجة إلى مؤتمر صحفي بعدها ، لقد كانت تكلم مجموعة بعينها ، ربما لا تعلم من هم على وجه التحديد ، لكن كانت رسائلهم تصل إلى فنادق برلين الباردة ، لقد فات موعد الخوف ، حتى لو جاءت رصاصة الآن فالوقت قد تأخر ، فلا وقت للبقاء بين أربعة جدران بعد اليوم.

ذوق الحنان 07-30-2012 07:48 PM

سيدني 2000: برونزية الجزائري عبد الرحمن حماد في الوثب العالي

عبد الرحمن حماد
http://l.yimg.com/bt/api/res/1.2/aeE...jpg_111223.jpg
لثواني الثلاث التي استغرقها راقداً على الوسادة الزرقاء الضخمة هي كل ما يحتاجه في الوقت الحالي ، إنها تسمح له بالتفكير بهدوء في طبيعة موقفه بدلاً من الفتك بالعصا الراقدة إلى جانبه ، في الوثب العالي الإخفاق له صوت ، يمكن سماعه على الفور وبوضوح ، عندما تطيح لمسة واحدة من الجسم بالارتفاع المطلوب ، أول محاولة فاشلة على ارتفاع 2.29 متر ، إخفاق آخر يجعل من شاب جزائري فارع الطول مجرد ضيف في قائمة هو يمثل فيها العربي الوحيد بنهائي المسابقة بسيدني 2000 ، إخفاق واحد آخر قد يرسله للمنزل.

في المسافة من ترك الوسادة إلى دكة الانتظار والإحماء، سيكون على عبد الرحمن حماد متابعة مجريات واحد من أشرس النهائيات الأوليمبية لعقود طويلة ، لحين قدوم دوره في المحاولة الثانية على نفس الارتفاع ، متعجباً من التناقض البالغ الذي يتراوح بين شعوره بكونه رجلا يحط على القمر للمرة الأولى وسط مجموعة من أفضل رواد اللعبة خلال التسعينات ، وبين شعوره بألم الابتعاد عن تحقيق إنجاز تاريخي يتجاوز الهبوط على القمر ، أول أفريقي وعربي قد يدخل ضمن دائرة الفوز بميدالية أوليمبية في أي مسابقة من مسابقات القفز أو الوثب ، وهي الدائرة المغلقة المحصورة على مجموعة المدارس الأوروبية والأمريكية و الكاريبية التقليدية.

حماد يجد نفسه في نفس الموقع في لوحة النتائج ، ذلك المسار المتمهل الذي بدأ بتخطٍ ناجح من المرة الأولى لارتفاع 2.20 متر ، تبعه بتخطٍ ناجح آخر من المرة الأولى لارتفاع 2.25 ، ليدخل في الحلقة الأكثر حرارة للثمانية الأوائل من أصل 13 منافسا ، ذلك الإخفاق في 2.29 أدخله في حسابات ليلة قد تكون طويلة من يوم 24 سبتمبر ، لم يشعر معها حماد بالارتياح قليلاً سوى مع إخفاق على نفس الارتفاع للسويدي الواعد ستيفان هولم ، تبعه إخفاق آخر لبطل العالم الروسي فاتشلاف فورونين ، الجزائري القادم من دلس الصغيرة يبدو أكثر ارتياحاً مع سماع صوت سقوط العصا في محاولات الآخرين.

تلك السعادة غريبة الأطوار للاعبي الوثب العالي، والتي تدخل السعادة لقلبه، لسماع إخفاق الآخرين تمتزج بالنسبة لحماد مع شعوره بالاقتراب مجدداً من نجاح رحلته القمرية ، على حساب فورونين ، صاحب أفضل أرقام العام ، والوحيد الذي تجاوز حاجز ال2.40 ، والمرشح الأول لذهبية سيدني ، سماع صوت العصا مرة أخرى وهي تسقط بسبب جسد الروسي يعني تأزم موقعه ، فأمامه محاولة ثالثة وأخيرة ، فورونين قد يكمل حلقة الإخفاقات الكبرى في مسابقة ذلك العام ، والتي بدأت بخروج حامل اللقب الأوليمبي تشارلز أوستن من التصفيات بتجاوزه ارتفاع 2.20 فقط.

مع سقوط ثان لهولم على نفس الارتفاع بدا حماد أكثر حماساً ، خاصة أنه يعلم بداخله أنه مثل فورونين يعيش أفضل أعوامه على الإطلاق ، محققاً قبل شهرين أفضل أرقامه الشخصية، بارتفاع 2.34 في بطولة أفريقيا بالعاصمة الجزائر ، تلك القفزة التي حملته من كونه عاشرا في بطولة العالم بأشبيلية قبل عام واحد فقط ، البطولة التي فاز بلقبها فورونين نفسه ، وهي القفزة التي جعلته مع هولم أكثر الأسماء تطوراً في العامين الماضيين ، وهو الذي حقق فقط في كأس العالم في جوهانسبرج ارتفاع 2.10 ، محتلاً المركز الأخير.

عندما أدرك العربي فارع الطول أن الدور قد حان لإدراك قفزته ، كان يعلم أن نجاح تلك القفزة قد يحمله جزئياً للقمر ، محققاً تفوقاً نهائياً في نهاية الرحلة على هولم تحديداً ، استقرار في المكان ، نظرة للعصا ، وخطوات طويلة من الجهة اليسرى تتيح له ارتقاءا مثاليا ، وتجاوزا ناجحا لارتفاع 2.29 ، دون أن تتحرك العصا من مكانها ، رد الفعل الثابت من حماد فيه نفس القدر من الارتياح ، ولكنه قريب من تلك الفرضية التي تلازم قافزي الوثب الطويل في إمكانية الإخفاق طوال الوقت ، لعبة روليت مصغرة ، جسمك هو أداتها الأساسية.

تجاوز في اللحظة الأخيرة من هولم ، وتجاوز مماثل من فورونين يجبر الجميع على تصعيد الموقف لارتفاع 2.32 ، إلى جانب مفاجأة روسية تسير كالقطار دون توقف اسمها سيرجي كليوجين ثالث أوروبا ، والذي أتى خلف حماد مباشرة في أشبيلية ، إلى جانب النابغة السويدي ستافان شتراند ، وبطبيعة الحال الأسطورة الكوبية خابيير سوتومايور ، حامل الرقم العالمي ، وصاحب أفضل رقم في العالم ست مرات في آخر تسع سنوات ، وصاحب ذهبية برشلونة 92 ، وأيضاً الحاصل على عفو بعد عام كامل من الإيقاف بسبب عينة منشطات في دورة ألعاب الأمريكتين ، سوتومايور الجريح ، الذي اكتفى بمحاولتين ناجحتين فقط طوال الليلة ، على ارتفاع 2.25 متر ، وأول المتجاوزين على الارتفاع الجديد 2.32 ، واضعاً الجوقة في موقف فقدان الجذابية مبكراً ، وفي مقدمتهم حماد نفسه.

سقوط مرتين من شتراند وخروج كامل من فورونين بثلاث محاولات فاشلة ، ومحاولة أولى فاشلة من كليوجين ، كلها مؤشرات تجعل من قفزة حماد المقبلة هبوطا حقيقيا على القمر ، دخول معتاد من الجهة اليسرى بخطوات أكثر جرأة ، تبعها مشاهدة جسم رياضي طوله 189 سم وهو يلتف من فوق العصا في تقنية تجعل من حماد أفضل قافز عربي أفريقي للوثب العالي على مر العصور ، هبوط ناجح دون ضوضاء على الوسادة ، قبضة فرح في الهواء يوجهها لفريقه التقني ، واستيعاب متأخر لأهمية اللحظة ، مع بقاء اهتزاز العصا في مكانها دون سقوط بعد تنفيذ المحاولة ، محاولة تضع الجزائري في المركز الثاني حتى تلك اللحظة.

تجاوز ال2.32 من المرة الأولى لحماد كان موسيقى بالنسبة لألعاب القوى الجزائرية ، على الرغم من تجاوز كليوجين لعارضته في المحاولة الثانية ، وهولم من محاولته من المرة الأولى ، خاصة أن الأخير مازال في جعبته محاولات فاشلة أكثر من الجزائري ، وهو نفس الوضع الذي مر به الكندي مارك بوزويل وشتراند وكونستانتيم ميتوسيفيتش من الكيان الهيوني من محاولتهم الثالثة.

كان التصعيد لارتفاع 2.35 يعني تحديا حقيقيا للجميع ، أو بمعني آخر تحقيق رقم شخصي جديد ، جعل منه كليوجين أكثر صعوبة بنجاحه في المحاولة الأولى ، ليقفز إلى صدارة المسابقة في مفاجأة مدوية ، حتى أضحت المحاولات ال18 التالية للمتنافسين الستة الآخرين واحدة من أصعب سلاسل "حبس الأنفاس" لمسابقة الوثب العالي الأولميمبي على الإطلاق ، قفزة واحدة تعني الصعود مع كليوجين في ارتفاع جديد برحلة الذهب ، أو القنوع بالمركز السابع في ركن النسيان.

حماد من جانبه كان يعيش نفس التناقض بين شعور الغضب مع محاولاته الثلاث الفاشلة ، وشعور بالإخفاق من الآخرين ، خاصة سوتومايور ، الذي وجد صعوبة في تجاوز ذلك الارتفاع ثلاث مرات متوالية ، وهو الوحيد على الكوكب الذي تجاوز قبل سبع سنوات حاجز ال2.45 ، شتراند نفسه يخفق في المحاولات الثلاث ويستقر عند ارتفاع ال2.32 ، نفس الأمر مع أوزيل وميتوسيفيتش ، في الوقت الذي تبقى فيه هولم ، الذي عرف محاولتين فاشلتين من قبل ، وهو ما يعني أن قيامه بمحاولة ناجحة يهديه الفضية وسوتومايور على البرونزية ، خلف كليوجين صاحب التتويج الذهبي ، ويبقى حماد كالملاح الفضائي الذي رأي القمر من مسافة خمسة أمتار دون أن يلمسه ، مستقراً في المركز الرابع ، مع محاولة الفتى السويدي الأخيرة.

ولكن فشل محاولة هولم و سماع سقوط العصا على الوسادة البلاستيكية جعلت بطلها الأول أوليمبياً في الوثب العالي ، العصي على وسائد الوثب العالي قد تحتم ضرورة التفكير في أسباب الإخفاق ، ولكنها في حالة حماد كانت سبباً للهبوط على القمر ، وعلى المنصة لتسلم ميداليته البرونزية .. كل شيء يبدو مختلفاً من أعلى.

شاهد فوز عبد الرحمن ببرونزية الوثب العالي في أولمبياد سيدني 2000


http://www.youtube.com/watch?feature...&v=vXV4XgrYNgY

ذوق الحنان 07-30-2012 07:53 PM

لقطة من لقاء المصري محمد رشوان مع الياباني ياماشتا
http://l3.yimg.com/bt/api/res/1.2/La...jpg_190717.jpg
إنها بالفعل إضاءة قوية بالنسبة لصالة ألعاب في مدينة جامعية ، ربما عدة آلاف وات تحاول أن تدخل حدقة العين ، تعمي البصر تماماً ، مثبتة في سقف الصالة يمكنك رؤيتها في حالة واحدة ، عندما تكون في الأسفل ، تحاول أن تبقى على قيد الحياة أمام بطل العالم ثلاث مرات ، أقل قليلاً من مترين ، 96 كيلو فوق الجسد ، 96 كليو من الأحلام المؤجلة بالميدالية الذهبية ، النظر إلى اليمين قليلاً بحثاً عن دعم ما ، فقط ومضات مصورين لا نهاية لها قادمة من أماكن غير معروفة ، والأعلام اليابانية في الجوانب الأربعة ، محاولة إفلات أخيرة ، ظهر يشكل قوساً تحت جسد المنافس ، لثانية تبدو محاولة ذلك الشاب أقرب للنجاح في الهروب كفريسة من تحت سيطرة منافسه ، ولكنها ثانية واحدة ، الأسطورة يحكم السيطرة ، حركة "يوكو شيهو جاتامي" لعقرب يمثل حروف JPN على اللوحة الإلكترونية ، 10 ثوان إضافية والحكم يرفع يده ، إيبون كامل ، لقد انتهى الألم.

العقرب ينهض عن جسد المصري وهو يعرج بقدم واحدة ، أعلام بيضاء تتوسطها دائرة حمراء تكسو قاعة عش النسر بكاليفورنيا ، الإسكندراني مازال محتلاً وسط البساط ، أنفاس متلاحقة ، رداء مفتوح بالكامل لا يخفي جسداً مرهقاً ، من عناء دقيقة وخمس ثوان فقط من ذلك النهائي وخلفها 12 سنة من الأحلام ، ربما يسأل بداخله ما إذا كان قد اتخذ القرار الخاطيء ، نفخة طويلة من الفم في الهواء ونظرة مثبتة على السقف.

في وقت لاحق من مساء نفس اليوم 11 أغسطس ، كانت قطرات الماء وآثار مساحيق التدليك تجد مكانها على أرض الغرفة الخلفية الخاصة بالإحماء ، كلها تقود منضدة ياسهوريو ياماشتا ، شاب مصري في الثامنة والعشرين من عمره يتابع الموقف من وراء نظارته الطبية ، ياماشتا ذلك الاسم الذي كان يتداوله الجميع في أول بطولة عالم عسكرية يشارك فيها رشوان عام 1980 ، بطل العالم عام 1997 وزن فوق 95 كيلو ، والذي تحطمت ركبته في العام التالي أمام سوميو إندو في بطولة عموم اليابان التاريخية ، إندو يحاول الهجوم بحركة كاني باسامي حاول من خلالها إخلال توازن طفل اليابان المدلل ، النتيجة هي خروج ياماشتا بقدم واحدة سليمة ، كان الصوت قادماً من الساق ، أنهى الحكم المواجهة بالتعادل ، حتى أوندو فضل في إلحاق الهزيمة بذلك العقرب الذي لم يخسر مباراة واحدة على مدار ثلاثة أعوام كاملة.

عندما كان رشوان يتدرب في إحدى الصالات بالأزاريطة مطلع السبعينات ، ياماشتا يتابعه من بعيد معلمه نوبويوكي ساتو ، بطل العالم عام 1967 ، في قاعة أشرعتها مفتوحة برفقة عشرات المواهب داخل معبد حديث لرياضة هي أقرب للعقيدة ، بالنسبة لرشوان كان الأمر يتعلق بلاعب كرة سلة سابق أصبح عاشقاً ولهان لتلك الرياضة التي بدأت في غزو القلوب منذ ذلك العقد ، واحد من ضمن ملايين حول العالم.

بعد 12 عاماً أصبح على بعد 10 أمتار من بطل العالم ثلاث مرات ، الذي لم يهزم خلال 196 مباراة طيلة سبع سنوات كاملة ، عقرب مازال يشعر بأنه لم يحقق أي شيء ، بلا ميدالية أوليمبية حتى برونزية ، أسطورة بلا مجد حقيقي ، انسحاب ياباني من ألعاب موسكو 1980 جعل من رحلته لصالة عش النسر ، وحرمان مماثل من الجمع بين وزنين في لوس انجليس ، ليختار في النهاية الرهان على الوزن المفتوح وترك وزن فوق 95 ، فرصته الأخيرة لأن يجد مكانه في متحف وطنه الذي استغرق قرناً كاملاً في معمله الخاص لتقديم رياضة ، هي ربما واحدة من أبسط الرياضات النزالية على مستوى المباديء ، وأكثر الرياضات إشعاراً بالوحدة والقهر ، رياضة لا تطالبك فقط بالفوز ولكن تطالبك بنسيانه أيضاً إذا لم يتحقق عن جدارة.

الشاب السكندري يضمن الصعود للنهائي بعد عناء يوم طويل ، انتهى بثلاثة انتصارات متوالية بإيبون صريح واضح في مباراة منها ، يستوعب مجدداً في رأسه تعليمات مدربه الياباني ياماموتو ، يكاد يرى اللمعان في عين كل من هم في بعثته ، لقد صنع أسطورته الخاصة قبل أن يبدأ النهائي ، أول مصري يحرز ميدالية أوليميبة خلال ربع القرن الأخير ، الآن أصبح وجهاً لوجه مع الاسم الذي كان لا مفر من سماعه في معسكره الياباني قبل الألعاب الأولمبية ، كعقرب لا يمكنه أن يسقط مطلقاً ، الآن يراه مجدداً على المنضدة ينظر إلى السقف غير قادر على مواجهة أضواء صالة الإحماء ، في البداية كانت مواجهة الدور الثاني أمام الألماني الغربي أرثر شنابل ، إنهاء تقليدي بإيبون ، ولكن ياماشتا أنهى فوزه المعتاد بنهوض مصحوب بعرج في القدم اليمني ، كل كوابيس إصابته أمام اوندو عاودت محبيه مجدداً ، ربما كان الأمر أشبه بإنهيار جليدي من قمة جبل.

رؤية ياماشتا وهو بقدم واحدة أمام الفرنسي لوران ديل كولومبو في نصف النهائي ربما قد تكون نقطة التحول في الوزن المفتوح لسنوات قادمة ، إنها طقوس ما قبل استقبال الهزيمة الأولى ، محاولة ديل كولمبو الأولى لضرب قدم العقرب المحطمة تسحب الأكسجين من القاعة ، ضربة أخرى في نفس القدم تجعل ياماشتا يسقط على الأرض ممسكاً بتلابيب خصمه ، ينهض مجدداً متأخراً بكوكا "ربع نقطة" ، 30 ثانية تالية حتى كان ياماشتا يستغل الفرصة الوحيدة التي قد تتاح له ، عقرب يمسك بفريسته لإيقاعها بحركة أوشي جاري ، قبل أن يمسك تماماً بجسم ديل كولومبو مجبراً إياه على استقبال إيبون آخر ، يمكث عدة ثوان بعد قرار الحكم ناظراً حوله كأحد أبطال أغلفة مجلة ناشيونال جيوجرافيك ، نهوض آخر من جسم الضحية ، القدم تكاد تكون مبتورة ، ربما قد ضمن الأسطورة بطاقة النهائي ، ولكنه لا يبدو مستعداً لخوضه ، إذا كان هناك شخص واحد يمكنه أن يكتب اسمه من ذهب ، أن يحطم قلب ياماشتا فهو رشوان ، ضربة واحدة للقدم اليمني المعطوبة ، ويمكن بعدها الاحتفال وانهاء الأمر بأسرع مما يمكن تخيله. الآن 197 مواجهة دون خسارة واحدة ، ولكنه على وشك أن يصبح الفوز الأخير.

بطل منتصر يحتفل به رفاقه في منتصف ستاد أوليمبي ، البطل يحمل في يده فرعا من سعف النخيل ، قطعة مرسومة على تلك الميدالية الذهبية ، ربما المرة الوحيدة إلى جانب النقوش الخاصة بميداليات أمستردام 1928 التي يحتفل فيها رياضيون بالرياضي المنتصر ، ذلك الاعتراف الكامل بأحقيته ، كلها مسألة دقائق في ظل رؤية ياماشتا ساحباً قدمه كطفل يحبو إلى الحلبة ، قادما للتو من جلسة علاج أخيرة بها بعض اليأس ، قطع في الوتر الخلفي للركبة ، الفرصة الذهبية لإجبار ذلك العنيد على رؤية المصابيح في سقف أي صالة جودو من أي نوع ، رداء أبيض يلفه حزام أسود ، هذا هو كل تملكه.

رشوان يبدو في حالة عدم ارتياح للموقف بأكمله ، يبدو أنه يريد الابتعاد عن الجانب الأيمن بأكمله ليامشتا ، يحاول المناورة على الجانبين للعثور على لحظة لإنهاء حالة الإمساك التي تسيطر على الموقف خلال العشرين ثانية الأولى ، يقرر الهجوم أخيراً على القدم اليسرى التي يرتكز عليها ياماشتا ، الأخير يتمكن من تنفيذ يوكو شيهو جاتامي سريعة تسقط رشوان على الأرض استعداداً للتحكم نهائياً على أرض البساط ، السكندري يظهر مقاومة حقيقية ، ربما هي المقاومة الأشرس التي عرفها الياباني ، رشوان بدا وكأنه يصارع للبقاء على قيد الحياة أمام "موبي ديك" بشري ، تلك الرغبة المؤلمة في إبقاء الرأس بعيداً عن البساط ، رؤية شخص ما يدفع ثمن قراره النهائي ، قرار خوض مواجهة شريفة ، القرار الذي تعلمه منذ تركه لكرة السلة والدرس الأول في الأزاريطة بعدم مهاجمة موقع الإصابة الخاص بخصمه ، شاشة عرض النتيجة تنتظر توقيع الإيبون ، دقيقة مرت وأنت ترى نفسك وحدك تهبط لسفح الجبل ، أنت في القاع وكل ما تراه هي الأضواء الصناعية المثبتة في السقف انتظاراً لنهايتك المحتومة.

خمس ثوان تالية كان رشوان ينظر للسقف وحيداً ، مطلقاً نفخة في الهواء استعداداً للنهوض ، لم يعد هناك أي ألوان ذهبية ، فقط عناق متبادل بين المصارعين ، حزام يكاد يحتفط بوقار الرداء الأبيض ، يحمل آثار الهزيمة ، الختم بكونك الضحية رقم 198 ، الوقوف في طقوس التتويج على يسار البطل ، لتسلم القطعة المعدنية المنقوش عليها احتفال المنافسين بالفائز ، رشوان يمد يده لمساعدة ياماشتا على الصعود للمنصة ، مجرد شاب سكندري بنظارة طبية بطاقم أبيض تتخلله ثلاثة خطوط بثلاثة ألوان مختلفة ، وعلى الظهر مطبوعة Egypt بنفس طراز الثمانينات ، ناظراً للسقف بأضوائه حيث موقع أعلام أربع دول ممثلة على المنصة ، دون أن يترك الجميع في موقف طرح السؤال الأخير ، هل اتخذ ذلك المصري القرار السليم؟

شاهد نهائي وزن 96 كيلو جرام في الجودو بأولمبياد لوس أنجيليس 1984 وأخلاق رشوان واكتفاءه بالفضية:



http://www.youtube.com/watch?feature...=iNi5tV3GYR0#!

ذوق الحنان 07-30-2012 07:56 PM

غادة شعاع
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:A...iPCk0M7768Sc0l
10 حواجز أمامها ، تلك الحواجز هي نقطة ضعفها الأساسية التي قد تفقدها العديد من النقاط في أول ألعاب أوليمبية لها ، يقفز إلى ذهنها ذلك السؤال الغريب ما إذا كانت الوالدة قد بدأت مجدداً في قص نفسة حكاية الأرنب التائه الذي أنقذته في سن السابعة للجيران وأفراد العائلة المتجمعين في المنزل في محردة ، وربما بقية أهل حماة؟

إنها القصة الأبدية التي يجب أن يعلمها كل زائر لبيت شعاع ، إنه العالم الصغير الذي طالما شحن بطاريات تلك الفتاة الصغيرة ، إنقاذ حياة ذلك الكائن الصغير بالطبع كان مهماً ، ولكن أكثر ما حفزها للركض خلفه نصف الكيلومتر هو أنه كان صعب المنال ، ربما كان الوحيد الذي أقدم على تحديها ، الوحيد الذي شعرت معه بالعجز ، في بلدة صغيرة على مرتفع كبير ، يشعر بالضجر سريعاً من فتاة لا تعرف التوقف ، تريد أن تخترق محردة عدواً ، قبل أن تتوجه لتدريب كرة السلة المدرسي ، ومشاهدة مباريات الكرة الطائرة في المساء ، قبل الخلود للنوم مجبرة في المساء ، لشعورها بأن هناك بضعة ساعات في اليوم يمكن استغلالها في مزيد من المنافسات.

الانطلاقة لم تكن جيدة مع مسدس الانطلاق ، الأمور تبدو في نصابها الطبيعي ، بداية بطيئة كالعادة مع 100 متر حواجز ، المسافة بعيدة عن مونا شتيجاوف الألمانية ، التي حققت زمن 13.22 ، ترى اسمها في لوحة النتائج في المركز السادس بزمن 13.72 ، بطلة العالم السورية والمرشحة الأولى لنيل ذهبية سباعي أتلانتا 96 ترقد بالمركز السابع عشر بأول مسابقة من المسابقات السبع.

سبع مسابقات كاملة ، جزء من حياة تلك الفتاة الشامية ذات الشعر الطويل المجدول ، تريد أن تصبح في كل مكان ، إمرأة خارقة يمكنها رفع الجبال ، وإسقاط المنافسين أرضاً ، أمنيتها الخارقة أن تصبح في مكانين مختلفين في نفس التوقيت ، لاعبة كرة السلة بالمنتخب السوري ، التي تذهب سريعاً لخوض مسابقات رمي الرمح ورمي الجلة ، امتلاك الأرواح السبع أمر مزعج لأنه ليس هناك سبع أرواح أخرى يمكن امتلاكها.

غادة تطيل النظر للوحة النتائج للقيام بالحسابات اللازمة لدخول سباق الوثب العالي وتعويض النقاط في مسابقة أخرى لا تسيطر عليها بشكل كامل ، تحاول تتذكر قصص أرنبها ، القصص التي صاحبت طفولتها ، المرة الأولى التي سمعت فيها باسم جاكي جيونر كيريس ، أمريكية سمراء خارقة تصعد على منصة السباعي بفضيتها في لوس أنجيليس 84 ، الآن في سن الرابعة والثلاثين ترقد في صراخ بعد صراخها في أتلانتا 96 بسبب إصابة بالغة ، ترقد على الأرض في ألم برغم فوزها بتصفيتها وحصولها على 1098 نقطة ، اسمها يظهر في اللوحة في المركز الثاني بالترتيب العام خلف شتيجاوف ، ولكنه في ثانية يختفي بعد إعلان انسحابها ، نفس الانسحاب الذي رافق جوينر في أول بطولة عالم لغادة عام 1991 في طوكيو ، السورية أنهت جدول لوحة النتائج يومها في المركز الأخير بمجموع كلي 5066 نقطة ، بأمل طفيف في أن يتذكرها أحد بعد ذلك الموعد.

اسمها الآن يقفز ضمن الثلاثي الأول بعد فوزها بمسابقة الوثب العالي بارتفاع 1.86 ، وحصولها على 1054 نقطة كاملة ، أخبار جيدة تزامنت مع تراجع بريطانية داهية شابة اسمها دينيس لويس حصدت من تلك المسابقة 941 نقطة فقط ، ومعها بيلاروسية طموحة هي ناتاليا سازانوفيتش بطلة العالم للشباب عام 1992 ، والتي توقفت عند 1.80 متر، حتى العنيدة السرياليونية يونيس باربر توقفت عند حاجز 1.77 متر.

بعد أربعة أعوام من العمل وتحت إدارة روسية صارمة حققت غادة أفضل رقم عام 1995 ، مكتسحة ملتقى جوتسيز النمساوي الأهم في سباقات السباعي على الإطلاق ، والذي يعد مؤشراً مهماً في مايو من كل عام لهوية الفائزين في بطولات العالم أو الألعاب الأوليمبية ، حلم حصول فتاة عربية على ميدالية من أي نوع في تاريخ هذه المسابقة أصبح قريباً في جوتنبرج السويدية ، حيث موقع بطولة العالم بنفس العام ، ولكن عليها أولاً تخطي الألمانية الأسطورة هايكي دريشلر وسابين براون ، الحصاد كان القفز نحو 1600 نقطة من أيام مشاركتها الأولى في طوكيو ، ساعدها في هذا تحقيقها لأفضل رقم شخصي في مشوارها بسباق 800 متر بزمن 2.14.33.

للمرة الأولى بطلة للعالم في السباعي من سوريا ، أمر غير مألوف ولكنه يبدو متسقاً مع الفتاة التي كانت تثير جنون محردة بتنقلها بين عالم وآخر ، وكأن حياتها أصبحت "سباعي" كبيرا ، وأمل يلوح في الأفق لتحقيق أول ميدالية أوليمبية منذ فوز جوزيف عطية بفضية المصارعة في لوس أنجيليس.

إكتساح مماثل في مايو 1996 بجوتسيز ، وأفضل رقم شخصي كلي ، أفضل أرقام العام عالمياً ، سادس ، أفضل أرقام شخصية في 200 متر عدو ، والوثب العالي والوثب الطويل و 100 متر حواجز ، كل هذا في خلال يومين بمجموع 9942 نقطة ، سادس أفضل رقم في تاريخ السباعي على الإطلاق ، الأمر لا يتعلق بأنها مستعدة ، إنه موعد متوقع مع المجد في أتلانتا.

كانت غادة بحاجة إلى ضربة قوية على منضدة اليوم الأول لسباعي أتلانتا ، تلك الضربة كانت نواياها حاضرة في تلك الملامح فائقة التركيز قبل رمي الجلة ، خاصة بعد محاولة أولى لم ترض طموحها ، المحاولة الثانية كانت كل شيء يمثل الأسلوب الجاد الذي تخوض به غادة مسابقاتها ، الحصاد كان مسافة 15.95 متراً ، وحصولها على 925 نقطة دفعتها للمقدمة ، أمام مطاردتها البيلاروسية ، التي أصبحت منافستها المباشرة بعد حصد 829 نقطة ، فيما تبدو دينيس لويس من بعيد في انتظار سباق ال200 متر التالي من أجل التعويض.

آخر مسابقات اليوم الأول كانت ضربة حقيقية من جانب غادة في أكثر سباق تمكنت من تطويره في العام الفائت ، حاصدة 995 نقطة من سباق 200 متر بتحقيقها زمن 23.85 ، وهو رقم يقترب من رقمها قبل ثلاثة أشهر في جوتسيز 23.78 ، دون أن تعير اهتماماً كبيراً لتفوق سازانوفيتش في تلك المسابقة بحصدها 1008 نقطة فقط ، فيما لم تحقق دينيس لويس ضربتها بتحقيقها زمناً ضمن لها 939 نقطة فقط.

اليوم الثاني كان يبدو غائماً ، مع احتمالية سقوط أمطار أو رياح على أقل تقدير ، مما أثار بعض القلق في مسابقة الوثب الطويل التي كانت تعد أبرز النقاط التي بإمكانها أن تتسبب في تراجع مركز غادة ، وهو ما تحقق جزئياً بتفوق كامل من سازانوفيتش بمسافة 6.70 أمتار وحصد 1072 إضافية ، مقابل 930 نقطة إضافية فقط لشعاع ، والتي قبعت في المركز العاشر بتصفيتها بمسافة 6.26 أمتار فقط. وسبب تقدم يوينيس باربر بعض الإزعاج بحصدها بدورها 1030 نقطة من تلك المسابقة.

الأجواء الغائمة والرياح المعارضة تواصلت مع المسابقة المفضلة لغادة ، رمي الرمح كان الحجر الذي يمكنه أن يضرب كل العصافير برمية واحدة ، خاصة التخلص من مطاردة دينيس لويس وإعادة أوراق اللعبة إلى ما كانت عليه بعد نهاية اليوم الأول في مواجهة تفوق سازانوفيتش ، رمية أولى لم تكن مرضية كالعادة ، تبعتها رمية ثانية هائلة حققت بها مسافة 55.22 متراً ، كانت كافية لتصدرها المسابقة وحصد 971 نقطة ، متقدمة على لويس صاحبة المركز الثاني ، في الوقت الذي تحقق فيه فارق كبير على سازانوفيتش التي حلت سابعة ب783 نقطة فقط ، وهو ما يعني أن إنهاء عاديا لسباق 800 متر على حساب سازانوفيتش ودينيس برفقتها في التصفية قد يكون كافياً لحصد الذهب؟

هدف تمكنت غادة شعاع من تحقيقه في نهاية رائعة بتجاوز خط النهاية بالمركز الثاني خلف البولندية أورسولا فولدرتشيك ، وبزمن 2.15.43 ، في الوقت الذي قبعت فيه دينيس لويس في المركز الرابع والقنوع بالميدالية الرونزية برصيد كلي 6489 نقطة ، وخلفها سازانوفيتش في المركز الخامس وبميدالة فضية تاريخية لبلادها برصيد كلي 6563 ، بفارق 217 نقطة عن شعاع التي أحرزت أول ذهبية في تاريخ سوريا ، مكتفية فقط بدورة نصر بعلم لم يحظ بتلك الطقوس من قبل بمضمار لألعاب القوى ، ربما طقوس لعصر جديد ستسيطر عليه تلك الفتاة التي لم تتجاوز ال25 عاماً من عمرها ، ربما تحصل على حياة أخرى كالتي حصلت عليها منافستها الألمانية هايكي دريشلر التي حاولت ملامسة المجد حتى عندما اقتربت من الأربعين.

وحدها رؤية سيارتها الBMW المحطمة تماماً بعد حادث مروع في ألمانيا في 1998 قد يعطي انطباعاً بأن الأرواح السبع التي تتمتع بها في السباعي كانت ملازمة لها بعد خروجها سالمة ، ربما مهشمة الأذرع والساقين ، ولكن بروح كانت كافية لفوزها ببرونزية بطولة العالم في أشبيلية في العام التالي ، روح أرنب في حالة هروب متواصل من مصيدة إحباطه ودخوله عالم النسيان عقب إنجاز أتلانتا ، ولكنه مستمع على كل حال بوجوده في البرية.




الساعة الآن 02:53 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010

mamnoa 5.0 by Abdulrahman Al-Rowaily