عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-2024, 05:55 PM   #100
مراقب عام


الصورة الرمزية ابو طارق الشمري
ابو طارق الشمري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22256
 تاريخ التسجيل :  Mar 2013
 أخر زيارة : 05-21-2024 (07:10 AM)
 المشاركات : 4,078 [ + ]
 التقييم :  183643
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Blue

اوسمتي



مناسبة القصيدة :
ورود على أبي الطيب كتاب من جدته لأمه تشكو شوقها إليه و طول غيبته عنها , فتوجه نحو العراق , ولم يمكنه وصول الكوفة على حالته تلك , فانحدر إلى بغداد , وكانت جدته قد يئست منه , فكتب إليها كتاباً يسألها المسير إليه , فقبلت كتابه , و حمّت لوقتها سروراً به , وغلب الفرح على قلبها فقتلها , فقال يرثيها :


القصيدة :

ألا لا أُري الأحداثَ حَمْدَاً ولا ذَمّا=فَما بَطشُها جَهلاً ولا كفُّها حِلمَا
إلى مثلِ ما كانَ الفتى مرْجعُ الفتى=يَعُودُ كمَا أُبْدي ويُكرِي كما أرْمَى
لَكِ الله مِنْ مَفْجُوعَةٍ بحَبيبِها=قَتيلَةِ شَوْقٍ غَيرِ مُلحِقِها وَصْمَا
أحِنّ إلى الكأسِ التي شرِبَتْ بها=وأهوى لمَثواها التّرابَ وما ضَمّا
بَكَيْتُ عَلَيها خِيفَةً في حَياتِها=وذاقَ كِلانا ثُكْلَ صاحِبِهِ قِدْمَا
ولوْ قَتَلَ الهَجْرُ المُحبّينَ كُلَّهُمْ=مضَى بَلَدٌ باقٍ أجَدّتْ لَهُ صَرْمَا
عرَفْتُ اللّيالي قَبلَ ما صَنَعَتْ بنا=فلَمَا دَهَتْني لم تَزِدْني بها عِلْمَا
مَنافِعُها ما ضَرّ في نَفْعِ غَيرِها=تغذّى وتَرْوَى أن تجوعَ وأن تَظْمَا
أتاها كِتابي بَعدَ يأسٍ وتَرْحَةٍ=فَماتَتْ سُرُوراً بي فَمُتُّ بها غَمّا
حَرامٌ على قَلبي السّرُورُ فإنّني=أعُدّ الذي ماتَتْ بهِ بَعْدَها سُمّا
تَعَجَّبُ مِنْ لَفْظي وخَطّي كأنّما=ترَى بحُرُوفِ السّطرِ أغرِبةً عُصْمَا
وتَلْثِمُهُ حتى أصارَ مِدادُهُ=مَحاجِرَ عَيْنَيْها وأنْيابَها سُحْمَا
رَقَا دَمْعُها الجاري وجَفّتْ جفونها=وفارَقَ حُبّي قَلبَها بَعدمَا أدمَى
ولم يُسْلِها إلاّ المَنَايا وإنّمَا=أشَدُّ منَ السُّقمِ الذي أذهَبَ السُّقْما
طَلَبْتُ لها حَظّاً فَفاتَتْ وفاتَني=وقد رَضِيَتْ بي لو رَضيتُ بها قِسْمَا
فأصْبَحتُ أسْتَسقي الغَمامَ لقَبرِها=وقد كنْتُ أستَسقي الوَغى والقنا الصُّمّا
وكنتُ قُبَيلَ الموْتِ أستَعظِمُ النّوَى=فقد صارَتِ الصّغَرى التي كانتِ العظمى
هَبيني أخذتُ الثأرَ فيكِ منَ العِدَى=فكيفَ بأخذِ الثّأرِ فيكِ من الحُمّى
وما انسَدّتِ الدّنْيا عليّ لضِيقِهَا=ولكنَّ طَرْفاً لا أراكِ بهِ أعمَى
فَوَا أسَفا ألاّ أُكِبَّ مُقَبِّلاً=لرَأسِكِ والصّدْرِ اللّذَيْ مُلِئا حزْمَا
وألاّ أُلاقي روحَكِ الطّيّبَ الذي=كأنّ ذكيّ المِسكِ كانَ له جسمَا
ولَوْ لمْ تَكُوني بِنْتَ أكْرَمِ والِدٍ=لَكانَ أباكِ الضّخْمَ كونُكِ لي أُمّا
لَئِنْ لَذّ يَوْمُ الشّامِتِينَ بيَوْمِهَا=لَقَدْ وَلَدَتْ مني لأنْفِهِمِ رَغْمَا
تَغَرّبَ لا مُسْتَعْظِماً غَيرَ نَفْسِهِ=ولا قابِلاً إلاّ لخالِقِهِ حُكْمَا
ولا سالِكاً إلاّ فُؤادَ عَجاجَةٍ=ولا واجِداً إلاّ لمَكْرُمَةٍ طَعْمَا
يَقُولونَ لي ما أنتَ في كلّ بَلدَةٍ=وما تَبتَغي؟ ما أبتَغي جَلّ أن يُسْمى
كأنّ بَنيهِمْ عالِمُونَ بِأنَّنِي=جَلُوبٌ إلَيهِمْ منْ مَعادِنه اليُتْمَا
وما الجَمْعُ بَينَ الماءِ والنّارِ في يدي=بأصعَبَ من أنْ أجمَعَ الجَدّ والفَهمَا
ولكِنّني مُسْتَنْصِرٌ بذُبَابِهِ=ومُرْتكِبٌ في كلّ حالٍ به الغَشمَا
وجاعِلُهُ يَوْمَ اللّقاءِ تَحِيّتي=وإلاّ فلَسْتُ السيّدَ البَطَلَ القَرْمَا
إذا فَلّ عَزْمي عن مدًى خوْفُ بُعده=فأبْعَدُ شيءٍ ممكنٌ لم يَجِدْ عزْمَا
وإنّي لَمِنْ قَوْمٍ كأنّ نُفُوسَنا=بها أنَفٌ أن تسكنَ اللّحمَ والعَظمَا
كذا أنَا يا دُنْيا إذا شِئْتِ فاذْهَبي=ويا نَفسِ زيدي في كرائهِها قُدْمَا
فلا عَبَرَتْ بي ساعَةٌ لا تُعِزّني=ولا صَحِبَتْني مُهجَةٌ تقبلُ الظُّلْمَا


 
 توقيع : ابو طارق الشمري



رد مع اقتباس