12-25-2025, 05:57 AM
|
#8
|
|
ملكة الإستطبل
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم العضوية : 12377
|
|
تاريخ التسجيل : Nov 2008
|
|
أخر زيارة : يوم أمس (06:25 AM)
|
|
المشاركات :
1,706 [
+
] |
|
التقييم : 28290
|
|
الدولهـ
|
|
MMS ~
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
(الفصل الخامس) ما بعد القِسمة: بابٌ يُغلق… وأثرٌ يبقى
انتهت القسمة على الورق،
لكن ليان، في تلك الليلة، لم تشعر أنها خرجت من اجتماعٍ،
بل خرجت من نفسها.
عاد البيت إلى هدوئه تدريجيًا.
تفرّقت الأصوات، وانطفأت المجاملات،
وبقي في الممرّ طيفٌ ثقيل لما لم يُقَل.
كانت تعرف أن البكاء لا يعيد شيئًا،
لكنها كانت تعرف أيضًا أن القلب، حين يُخذَل،
يحتاج أن يُسمَع ولو بصمتٍ طويل.
في صباح اليوم التالي، اتخذت قرارًا واضحًا.
لن تمكث في البيت تُعيد اجترار الصور،
ولن تكتفي بالظنون وهي قادرة على التثبّت.
ستذهب إلى الشركة…
لا للعمل، ولا للاستعراض،
بل لتتأكد من أمرٍ واحدٍ فاصل:
أن استقالة وفاء لم تُوقَّع فحسب،
بل أُغلِق معها كل ما يُبقيها “حاضرة” في مفاصل الإدارة.
لم تكن ليان تريد الانتقام.
كانت تريد إغلاق الباب بإحكام،
لأن بعض الأبواب إن تُركت مواربة
تعيد الفوضى من حيث لا يشعر أحد.
⸻
بدت الشركة من الخارج كما هي:
مبنى كبير، حركة متواصلة، ووجوه تعرف طريقها.
في عالم المقاولات لا يتوقف الزمن احترامًا للأحزان،
لكنه يزداد قسوة حين تختلط فيه السلطة بالذاكرة.
صعدت ليان إلى الطابق الإداري،
ودخلت مكتب فهد بعد استئذانٍ مختصر.
رفع رأسه، وبدا أنه لم يتوقع حضورها بهذه السرعة.
قالت بهدوءٍ مشدود:
«جئت لأتأكد من أمرٍ واحد.»
فهم قبل أن تُكمل.
وأجاب دون مواربة:
«تمّ توقيع الاستقالة. واعتمادها. وانتهى الأمر إداريًا.»
لم تكتفِ ليان بالجملة.
فهي تعلّمت خلال الأشهر الماضية
أن بعض “النهايات” لا تكون نهائية إلا حين تُغلق تفاصيلها الصغيرة.
سألته بنبرة دقيقة:
«الصلاحيات؟ الدخول؟ الوصول للملفات؟»
زفر فهد زفرة قصيرة، ثم قال:
«أُغلِقت كلها. بطاقة الدخول أُلغيَت. الوصول للنظام توقّف.
ولا يوجد لها أي صلاحية تنفيذية بعد اليوم.»
صمتت ليان لحظة،
ثم قالت جملة واحدة خرجت من وجعٍ منضبط:
«لا أريد أن يبقى في الشركة شيءٌ يذكّر بمنصبٍ لم يعد له معنى.»
لم يجادلها.
هزّ رأسه، وقال:
«أفهمك.»
وقبل أن تقوم، أضاف—كأنه يقدّم تفسيرًا لا تريده:
«أما الحقوق المالية… فتعرفين أن ذلك يُحوَّل مباشرة إلى حسابها.
هي ليست ممن ينتظرون “مستحقات” على مكتب.»
أومأت ليان.
لم تكن هذه الجملة مفاجئة؛
وفاء—بثروتها وما آلت إليه الأمور—لا تحتاج أن تعود لتأخذ شيئًا.
ومع ذلك، كان المهم عند ليان
ليس المال… بل الأثر.
نهضت لتغادر.
قال فهد خلفها:
«ليان… أعلم أن الأمر أثقل عليكِ مما يبدو.»
لم تلتفت.
اكتفت بقولٍ هادئٍ موجع:
«الأصعب أننا نبدو بخير… ونحن لسنا كذلك.»
وغادرت.
⸻
في طريقها إلى المصعد،
لم تكن تبحث عن أحد،
ولم تخشَ لقاء أحد.
وفاء لم تعد تعمل هنا،
وهذا وحده كان جزءًا من الاطمئنان المؤقت.
لكن الاطمئنان المؤقت لا يشفي.
عادت ليان إلى سيارتها،
جلست لحظة قبل أن تدير المحرك،
وشعرت بأن قلبها—رغم كل ما فعله العقل—
ما زال يحمل حطامًا لا يُرمَّم بالقرارات الإدارية.
فتحت هاتفها بلا وعي.
تصفّحت الأسماء، ثم توقفت عند اسمٍ واحد
كانت تخفيه في أعماقها كما تُخفى الأشياء الجميلة خوفًا عليها:
حبيبٌ سرّي، لم يُعلَن يومًا،
ولم يُختبر يومًا على حافة الألم.
لم تكتب له.
ولم تتصل.
وضعت الهاتف جانبًا،
كأنها تخشى أن تُحمِّله ما لا ذنب له فيه،
أو أن تكشف ضعفًا لا تريد لأحد أن يراه.
⸻
في المساء، اتصلت نُورا.
قالت بصوتٍ ثابت:
«علمتُ أنكِ ذهبتِ إلى الشركة.»
أجابت ليان:
«ذهبتُ لأتأكد أن الباب أُغلِق كما ينبغي.»
سألتها نُورا:
«وهل أُغلِق؟»
قالت ليان:
«أُغلِق… إداريًا.»
صمتت نُورا لحظة، ثم قالت:
«هذا جيد.
لكن تذكّري: بعض الأبواب تُغلق بالمفاتيح…
وبعضها لا يُغلق إلا بالوقت.»
قالت ليان بصوتٍ خافت:
«أنا خائفة يا نُورا.»
سألتها:
«ممّ؟»
قالت ليان:
«من نفسي…
من أن أكره،
من أن أتغير إلى امرأة لا أعرفها.»
قالت نُورا بهدوء العارف:
«ستتغيرين… نعم.
لكن ليس كل تغيرٍ سقوطًا.
أحيانًا… هو نجاة.»
أغلقت ليان الهاتف بعد دقائق،
وجلست وحدها في غرفتها.
لم تبكِ، ولم تنهَر،
لكنها شعرت بأن هناك قصةً أخرى
تختبئ في قلبها…
لم تُفتح صفحتها بعد.
— نهاية الفصل الخامس —
|
|
|
أنا هنا لأفجر الصمت بكلمات، ولكني لن أضمن ماسيحدث بعدها..!
|