عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2010, 05:16 PM   #43


الصورة الرمزية ابن العرب
ابن العرب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17319
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 05-17-2015 (08:21 PM)
 المشاركات : 783 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


توجه تيمور بعد ذلك إلى بلاد فارس، لأن الحالة الاجتماعية هناك لم تكن تبعث على الرضا، فقد كان ملوكها و أمرائها لا يفكرون فى غير مصالحهم الشخصية و ملذاتهم الدنيوية، و إلى كافة ألوان المرح و العبث و اللهو، و يتركون البلاد و شأنها، لا يعملون على تحسين الحالة، و إستتاب الامن، فنزل تيمور إليها على رأس سبعين فرقة من أبطال تركستان حتى أشرف على أصفهان. فما كاد أن يصل و يحط رجاله خارج المدينة، حتى خرج كبارها يسلمون عليه، و يعرضون طاعتهم و خضوعهم، و لكن لم يأت الليل بظلامه الساتر حتى خرج الناس من بيوتهم، و قتلوا من التركستانيين ثلاثة آلاف نفس، فيهم عدد لا يستهان به من الأكابر و ال****************؛؛؛؛ غضب تيمور لما احل بأبناء وطنه، و رجال حاشيته و ****************ه فأمر كل فر من افراد جيشه أن يحمل إليه رأس فارسى، و كان عدد جنوده سبعين الفا و على أثر ذلك وضع تيمور يده على بلاد فارس، و دفعت له الجزية كل المدن، و ذكر الخطباء إسمه على المنابر، ثم تدفق بجيوشه نحو الفرات فتغلب على السلطان احمد جلاير، و كان ظالما فأنقذ رعاياه من جوره، و استولى على بغداد، ثم صار صوب الهند، و عبر نهر الهندوس، و تم له فتحها فى مدة وجيزة، و دخل دهلى عاصمة الهند فاتحا منتصرا، و اغتنم منها ما لا يعد و لا يحصى من الجواهر و الاموال، و بهذا دانت له جميع ربوع آسيا، و لم يبق أمامه إلى بلاد العرب و البلاد العثمانية التى سيأتى دور كل منها فيما بعد.
عاد تيمور من حرب الهند فى شهر مايو سنة 1399م، و فى شهر يوليو من نفس السنة ركب على رأس جنده و مضى يزحف على البلاد العربية، فغزا سوريا، و الشام و حارب السلطان بايزيد خاقان الدولة العثمانية التركية و أسره مع ابنه (20 يوليو سنة 1402م) واستولى على الأناضول كلها و رفرف علم تركستان فى سمائها، ووحد الأتراك تحت راية واحدة فتقدم إليه سلطان مصر بالطاعة بعد الانتصار العظيم و أرسل الهدايا و التحف، و سجن صاحب بغداد و ألد أعداء تيمور أرضاء له.
أما ملوك أوربا فقد وقفوا مدهوشين ذأهلين يخطبون وده و يرسلون الرسل و الكتب إلى تيمور سيد آسيا و خاقان تركستان.
هذا هنرى الرابع ملك انجلترا الذى يحارب زعماء الجرمان بعيدا عن عاصمة ملكه كتب إلى تيمور يهنئه بإنتصاراته العظيمة.
وهذا شارل السادس ملك فرنسا بعث بتقديره و إعجابه إلى تيمورلنك خاقان تركستان و معه كتاب و بعض الهدايا.
و أما عمانوئيل امبراطور بيزنطة فيقدم طاعته لتيمور، و يبعث إليه بالهدايا و التحف. و أما السفن الجنوبية فقد رفعت علم تركستان على مقدمتها، و أرسل الدون هنرى ملك قشتا له فى اسبانيا نبيلا من رجاله إلى تيمور، فلحق الرسول بتيمورلنك حتى وصل إلى سمرقند عاصمة تركستان و راح يكتب عن مشاهداته.
وعاد هنرى الثالث فأرسل إلى تيمور وفدا آخر برياسة النبيل « كلافيجو »فذهب إلى آسيا الصغرى فوجد تيمورا قد تركها عائدا إلى سمرقند فلحق به وفاقا للأوامر المعطاة له.
و لما رجع تيمور إلى تركستان راح ينظر فى ما جرى فى غيابه و ما قام به نوابه من الإدارة و الإحسان فأمر بقطع رؤوس بعضهم و أثنى على البعض الآخر من المخلصين و قدرهم و أعلى شأنهم. و امر البنائيين بإنشاء قصر جديد تكون حجارته بيضاء لامعة و أحس فى نفسه قوة جديدة فصمم على فتح الصين و زحف إليها بجيشه العرمرم و لكن الموت داهمه فى الطريق فأسلم الروح بالقرب من مدينة « اوترار » 17 فبراير سنة 1405م و هو ابن سبعين سنة و نقل جسده إلى العاصمة و دفن بها.
و لقد اعقب موت هذا الخاقان العظيم بعض الاضطرابات السياسى فى البلاد و قد استطاع ابنه « شاه رخ » أن يثبت سلطانه على معظم ملك أبيه، و يكبح الثائرين من اقاربه، و بعد أن توفى تمكن ابنه « اولوغ بك » أيضا من المحافظة على امبراطورية تركستان و ممتلكاتها من الهند إلى العراق و نشطت فى عهدهم العمارة و الحضارة و استبحر العمران و اتسعت التجارة و امتد السلام على الامبراطورية.
و قد أكثر تيمورلنك وأحفاده من الإصلاحات النافعة فى تركستان، فعنوا بالزراعة واهتموا بالرى، و مهدوا الطرق، و امنوا السبل، و قد افتخر تيمور فى نظاماته « توزوكات » بأنه أعاد الأمن إلى ربوع آسيا بحيث أصبح يتسنى للصبى أن يسير بكيس من ذهب من شرق البلاد إلى غربها آمنا مطمئنا.
وعنى تيمورلنك بتأسيس المدارس و المساجد و الجوامع و المرصد و المكاتب و المصانع و المستشفيات. و تقدمت فى عهده الفنون الصناعية و التجارية و الزراعية، فنشطت التجارة و صارت تزدهر متاجر البلاد القاصية من الشرق و الغرب، فازدحمت تركستان بساكنيها، و صارت مركز تجار الشرق. و قد ابتنى فيها القصور الشاهقة و الرياض النضرة، و حذا حذوه أبناءه و أحفاده، فوصلت تركستان إلى قمة المجد و الشهرة.