عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-2010, 10:30 AM   #79


الصورة الرمزية ابن العرب
ابن العرب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17319
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 05-17-2015 (08:21 PM)
 المشاركات : 783 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


وانا إذ تنطفئ الفرحة في قلبي –أشعر أنني أغوص إلى أعماق بعيدة محشوة بالأفاعي والأشباح والدخان الأسود، ذلك كابوس قديم كنت أراه في منامي وأنا طفل صغير، وكان أبي يعلمني أن أقرأ آية الكرسي قبل أن أنام، وأن أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة.. لست أدري لماذا عادت إلي ذكرى ذلك الكابوس.. آه يا "نجمة الليل" .. هل أصدق دموعك القديمة؟ أم تعاليك علي في البداية؟ أم تشبثك بأهدابي؟ أم لظات الوداع وحديثك عن الذئاب القادمين من الصين؟ ماذا أصدق؟

أتراني أصدق الماقع المرير؟

- غدا نذهب إلى الجبل يا منصور..
وتهت بنظراتي إلى في ليل قومول الحزين وقلت:

-وعلى السفوح يبدو الليل صافيا، وتسمع أغاني الرجال فيطرب قلبك يا منصور، وتنظر على النجوم.. فلا ترى نجمة واحدة.. بل ترى ملايين النجوم تبتسم ابتسامتها الخالدة.

- الجبل رائع يا منصور....
****
(6)
تركت "نجمة الليل" ورائي، وتطلعت إلى القمر وكان بدرا، نعم كان يغلفه السحاب المتكاثر، لكني كنت أقرأ في وجه القمر الابتسامة الخالدة التي ظلت تتسم بالهدوء والوقار منذ ألوف السنين أو أكثر، أنا في ضوئك يا قمري المنير يا من تتحدى الظلمات أمضي وسط المراعي، قاصدا قيادة الثوار... وأنا أظلم الثوار إذ أذكر واحدا او مائة أو ألفا... إنهم كثيرون.. أمثال الجنرال محمود محيطي والجنرال العظيم عثمان باتور والجنرال شريف خان والجنرال عثمان أوراز.. وهناك على القمم التقت الزمرة-العيون التي انظلقت إلى كل المقاطعات والمدن-ونشرت تقاريرها عن الحال السيئة التي يرزح تحت عبئها شعبنا المناضل في تركستان.. وفي أواخر العام انطلق السيل العارم..

قال خوجة نياز:

- سنلتقي في أورومجي حيث قصر الحاكم العام الصيني...

وكنا نعرلم أن المرحلة طويلة، وأن دونها دماء وأهوال، أدركت ذلك من كلمات الجنرال محمود محيطي الذي سمعته يقول:

- سوف تصاحبنا العناية الإلهية...

قلت:

- أيها الآباء العظام إن الأحداث قد أتلفت بعض شبابنا..

ضحك خوجة نياز وقال:

- عندما تشرق شمس الحقيقة فإن هذه الخزعبلات كلها تذوب..

ونظر صوب القمم المتوجة بالثلوج وقال:

- إرادة الله أقوى من أي فلسفة أرضية، إن ما تحسبونه انتصارا أبديا إنما هو بريق مؤقت سرعان ما ينطفء.. وفي كل عصر من عصور التاريخ يتحدى بعض المغرورين كلمات الله وينالون بعض النصر..لكن هيهات.. لقد قال الله في كتابه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)

- انطلقوا بعون الله ولا تخافوا أحدا إلا الله..

ظاهرة غريبة أدركتها في شعب تركستان، هذا الشعب الذي بدا نائما مستسلما جريحا ينزف الحسرات واللوعة، ويعشش في قلبه اليأس، هذا الشعب عندما رأى جموعنا تزحف، إذ به ينفض الكسل والوهن عن كاهله، ويفتح عينيه في فرحة غامرة وينطلق معنا.. يا إلهي! أين الصينيون؟ إنني أراهم يفرون مذعورين، وكثيرون منهم يعتنقون الإسلامويحاربون إلى جوارنا وتحررت الفتيات اللاتيكنا أو ما زلن في عصمة الكفرة من الجنود الصينيين.. وخرجنا يشاركن في المعركة..

في إحدى المعارك وجدتها تمسك برجل ضخم الجثة والناس من حولها يصفقون..قلت من هذه المرأة؟قالو عنها امرأة من "كاشغر" اسمها "خاتون".. وضابط صيني أمسكت المرأة بالضابط وربطته في جذع شجرة ضخمة.. أخذ يدور حول الشجرة كالثور الذبيح.. وهي تشوي ظهره بالسياط...

- قلت لي: يا خاتون.. أنت لي.. ولن تستطيع أي إله أن ينقذك من بين يدي.. سقتني إلى كوخ حقير.. أتذكر؟ أخبرك ألف مرة.. إني أكرهك.. وأكرهك.. ولن تنال مني شيئا.. وأكدت لك أن الله أقوى مني ومنك.. وتركتني أيها الملعون عارية.. أحضرت رجالك السكارى يتفرجون على امرأة مسكينة عارية مكتوفة اليدين.. وكنت أبكي وأتطلع إلى السماء وهي تمطر.. دعوت الله من أعماقي.. سخرت مني وقلت لي.. الله لن يسمعك.. الموجود هو أنا.. الآن أين أنت يا صن لي؟ .. انظر على الرجال القادمين من كل صوب وحدب.. وتطلع إلى الرايات التي تخفق.. هل عرفت الله؟ .. تكلم.. آه.. إنك تسجد الآن.. تقبل التراب.. تستجير بالإله الذي أنكرته.. هل أنت رجل؟ .. أعرف أنك حقير تخاف الموت.. لكنك أيها الوغد جرحت قلبي.. وجرحت جسدي.. والمرأة التي تجرح عفتها قهرا في شرعنالا عقوبة للجاني إلا الموت..

ونظر خوجة نياز إلى المشهد المثير وقال:

- يبدو أن المرأة جنت..

وقدم أحد رجال "كاشغر" وقال:

- "كاشغر" كلها تعرف قصتها..

- لا بد أنها قاست طويلا..

- هي من بيت عريق يا سيدي..

- يبدو ذلك..

- والضابط كان لا يحلو له العبث إلا ببنات الأسر الفاضلة.. لقد قتل عددا كبيرا من كبار العلماء والمتدينين..

وتقدم خوجة نياز إلى حيث الضابط المربوط:

- ماذا فعلت؟؟

نظر الأسير بعيني متعبين وقال:

- كنت أمارس بالأمس حقوق المنتصر..