عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2010, 06:26 PM   #84


الصورة الرمزية ابن العرب
ابن العرب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17319
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 05-17-2015 (08:21 PM)
 المشاركات : 783 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


قالت وهي تعطيه ظهرها متوجهة صوب الداخل:
تستطيع أن تطلق الرصاص من الخلف، أنا أعرفكم، لكني ذاهبة لأستريح في غرفتي.قال في توسل: يا أميرتي الغالية.التفتت إليه هاتفة بعنف:لست الأميرة، الأميرة المسكينة طفلة صغيرة وقد هربت إلى الجبال كالقطة المذعورة، أنا في الحقيقة الوصيفة الأولى، وإن شئت فأنا سيدة القصر... كان الأمير وزوجته وأفراد أسرته يأتمرون بأمري، هل عرفت الآن من وطال بينهما الحديث، حتى تيقنت أن الركب الملكي قد غادر القصر هاربا إلى الجبال، لقد نجحت خطتها، وأدت واجبها نحو القصر وأهله، وآن لها ان تنطلق في حرية... إن المآسي التي تدور من حولها، والقيم التي تداس أبان الحروب، وسقوط الحكم ثم قيامه، وتغير الحاكم، وتبادل النصر والهزيمة، وليالي العرق والعذاب والدموع قد أورثها الملل والضيق من الحياة، فلقد ذهب الأمير ولن يعود، وذهب مصطفى مراد حضرت، ولن يعود، أصبح العالم من حولها عالم حيوانات تركض وتنهش وتلعق الدماء، وترتكب الدنس، ولم تلتفت خلفها وهي تذهب إلى حجرة الأميرة، تلك الحجرة الفاخرة ذات الرياش والأثاث الباهر، ثم استلقت على السرير الأميري وتنهدت في يأس، الظلال الحمراء تتراقص على الجدران، والانعكاسات الذهبية تومض ومضات صفراء، والعملاق يقف بالباب ذليلا كالكلب، لقد ألهبت نجمة الليل حواسه ومشاعره: أتسمحين لي بالدخول؟قالت أغلق الباب من الخارج.
وتصرف حسب أوامرها دون وعي، وكم كانت دهشته حينما وجد نفسه وحيدا خارج الباب، فأدرك المداعبة المخجلة، ففتح الباب مرة ثانية، ودلف إلى الداخل في هياج كالثور، لم تكترث له، أمسك بيدها فسحبتها بلطف.. لا أريدك الليلة.قال وأين أذهب إذن؟قالت لقد سقط القصر في أيديكم، تستطيع أن تتخذ لك مقرا في أية حجرة أخرى. وأنت؟هبت واقفة وقالت: تريدني متعة عابرة؟لم يدر بماذا يجيب: حسنا، إذا أردت أن تتزوجني... فـ....وسكتت، بينما نظر إليها في دهشة وقال: كيف؟ أن تكون على دي وما د مسلمة لكني.أنا أحتقر الذي لا يؤمن بخالقه، إنك تقف أمام رئيسك في أدب واحترام، وكأنك في صلاة، فكيف لا تؤدي فروض الطاعة لخالقك؟قال وهو يلقي بجثته الضخمة على أقرب مقعد مريح:
أنا لا أعرف الإسلام. يجب أن تعرف. والقيادة ستدمرني إذا عرفت أنني أعتنق تلك الأفكار الرجعية.قالت وما يدريهم؟ قال نعم. حسنا هيا بنا.ماذا؟ لنبدأ الزواج.
هناك طقوس وكلمات يجب أن تقولها، وهناك مبادئ بسيطة يجب أن تفهمها أولا.استبد به الضيق رآها تمعن في الهروب، وتكثر من المطالب، وتجره إلى أمور لم يكن يأبه لها بالأمس، لماذا كل هذه المتاعب؟ وكيف يصبر لهذا الحد؟ قال في ضيق: أستطيع أن أجرك كالشاة إلى مقري وأفعل بك ما أشاء.
هزت كتفيها في عدم اكتراث وقالت: تستطيع....وبعد أن ابتعلت ريقها قالت: لظنك لن ترى في آنذاك الأنثى التي تسقيك رحيق الحب، سأكون مجرد وجبة شهية كطعام الشاة، الفرق كبير بين لحم الأنثى ولحم الشاة.ركع على ركبتيه وقال:إنك امرأة غريبة، لقد أصدرت حكم الإعدام على المئات في هذه المدينة، وتم التنفيذ في لحظات، وقتلت نساء ورجالا، الذي يحيرني هو أنني لا أستطيع أن أفعل شيئا حيالك.ابتسمت نجمة الليل وقالت: وهذا يسعدني. لماذا؟ لأنك تتحول تدريجيا من حيوان مفترس إلى إنسان.
صرخ في حدة: ماذا تعنين؟ القتلة والظالمون ليسوا بشرا،قالت وماضيك يبدو كماضي قاطع الطريق، إنني أريد إنسانا شجاعا، إنسانا.. أتعرف معنى كلمة إنسان؟
الإنسان في نظره هو المخلوق الآدمي ذو الشاوارب، الذي يستطيع أن يحارب وينتصر، ويحقق ما يريد، ويقتل ويستولي على الغنائم، ويرفع الشعارات التي يرفعها سادته ورؤساؤه، ويستمتع بالنساء من أي لون وعقيدة وجنس، ماذا تريد منه هذه المرأة.وسمعها تقول وهي هناك فرق بين الإنسان والحيوان. الناس جميعا يعرفون من أنا؟ الناس بين خائف منك، أو تابع لجيشك، ولهذا لن تسمع إلا ما يرضي غرورك.
أمسك كتفيها الممتلئتين في عنف وقال: ماذا تريدين مني؟أن يكون لقاؤنا في ظل مبدأ، مبدأ غير المبادئ الخاطئة التي يضعها الأقوياء بعد أن يهزموا التعساء. إنني أحبك يا نجمة الليل.قالت ولن نلتقي إلا إذا شهدت لا إلله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال لأني أحبك سأنفذ ما تقولين. قل الشهادتين.

ولما قالها أردفت قائلة:
ويجب أن تمنع رجالك عن القتل والسلب.قال سأفعل.أعرف أنكم جائعون، متعبون، وتريدون الطعام قالت والنساء والأمان. فلتسنوا الشرائع العادلة، ولا يكون انتصاركم مبررا لتحولكم إلى حفنة من الوحوش، أسلوب الوحوش يجر إلى الكراهية والعنف، ولا تشم فيه رائحة للسعادة.

قال: لشد ما تعجبني كلماتك.قالت إذن فأنت جدير بالاحترام، وبالقرب من القصر عالم فقيه لسمه الشيخ مولوي عبد الرازق، اذهب إليه وأحضره إلى هنا وليكن معه شاهدان، وبذلك نتزوج شعر ببعض الحرج، وأخذ يتلفت يمنة ويسرة ولا يدري ماذا يفعل عندما وثبت من سريرها، وارتدت عباءتهاالسوداءثم قالت: انتظر أنت، وسأعود به على الفور.

قال ملوحا بسبابته: حذاري ..الهرب معناه أن أحيل المدينة إلى حمام دم.

رمته بنظرة عاتبة وقالت:اجلس صامتا.