مِن دقة الخَلْق نجدُ الخلايا في جسم الإنسان موزونةً بنِسَب دقيقة، وأي
خلل في تلك النسب يسبِّب العِلَلَ والأمراض، وكذلك
الحال في النبات والحيوان، فكيف لا، وهي مِن صُنع الخالق العظيم؟!
والكون بأكمله كذلك، اليابسةُ والماء والغلاف الجويُّ
كلٌّ بميزانٍ موزونٍ، والخلل في هذا الميزان يُحدِثُ الكوارثَ والدَّمار.
وكذلك حال الإنسانِ في حياتِهِ وُزِنَ بنفسِ الميزان ودقَّتِه،
فله مِن الحقوقِ وعليه من الواجبات، لكن الناسَ ألهاهم
التكاثرُ في المالِ والجاه والمنصب، وغيرِها من مُغرِيات الحياة، فانشغلوا
بحقوقهم عن واجباتِهم، بل وأكثر من ذلك، فأخلُّوا بموازينِ حياتِهم
مما نتَج عنه الصراعُ بين الناس والضغوط، والجرائم والحوادث
والمعاصي والرذائل، والجشَع والطَّمع، وانحطاط الأخلاق، ولا خيرَ في
أمَّةٍ أصاب أخلاقَها الصَّلعُ، وكما قال أمير الشُّعراءِ:
وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقِهم
فأَقِمْ عليهم مأتمًا وعَوِيلا
نقل لعلنا نستفيد ميعا
بالتوفيق
حاتم