فتوى عن الاكتتاب في شركة المملكة القابضه
"تعس عبد الدينار . تعس عبد الدرهم" كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
يومان فقط ويتحول الآلاف من أبناء البلد إلى المشاركة في تجارة الرقيق الأبيض ، وبيع الخمور ، والتعامل بالربا بسبب اللهاث وراء الريال.
فهل كان أحدٌ يتخيل أن يقع ذلك يوماً من الأيام في هذا البلد؟!
و المصيبة الكبرى أن كل هذا البلاء سيقع برعاية رسمية!
نعم . رعاية رسمية ، وإعلان رسمي . بل إن الجهات الرسمية هي التي ستنظم عملية دخول "المواطنين" في هذه التجارات القذرة.
يومان ويطرح للاكتتاب جزء من شركة المملكة القابضة لـ "سموه الكريم" ، وهي الشركة التي احترفت تجارة العهر العصري ، ودعارة العولمة عبر "روتانا" ، و"lbc"، وغيرهما.
يومان وتشرع الأبواب للناس للدخول في شركة "سموه الكريم" التي تمتلك حصصاً في فنادق عالمية لا تبخل بالخمور والبارات على زبائنها.
يومان ويفتح المجال لمن يريد التطوع في جيش سموه الكريم في حربه لله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الداخل والخارج عبر مجموعة من المصارف الربوية الصريحة. ليكون الجميع بعد ذلك ملعونين على لسان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فهل يرضى بهذه القاذورات من يؤمن بالله واليوم الآخر؟!
يومان ونرى عياناً مصداق حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "يأتي على الناس زمان لا يبالي أحدهم بما أخذ أمن حلالٍ أو حرامٍ". فمن أجل الريال سوف يتسابق أناسٌ للاكتتاب في شركة سموه القابضة للسُّحت. و"كلُّ جسمٍ نما من السحتٍ فالنار أولى به".
سموه الكريم لم يكفه نشر العهر والفسوق والربا في "وطنه" بل أراد أن يجعل "المواطنين" شركاء في تعهير بيوتهم وتدميرها بحُرِّ أموالهم.
البلد الذي عرف بمحافظته وتدينه أصبح الآن يسير باتجاه تفسخ أخلاقي بسبب قنوات سموه وسمو غيره.
بروز ظاهرة العلاقات المحرمة ... وانتهاك للأعراض ... وزيادة في عدد اللقطاء من المواليد عند القمائم ... وارتفاع مسكوت عنه في نسب الإصابة بالإيدز ... بل هناك تزايد واضح في جرائم زنا المحارم ... والمتهم الأول في ذلك كله قنوات العهر والفسوق التي يمتلك سموه واحدةً من أكبرها، ويشارك في الثانية.
والمطلوب الآن من "المواطنين" تخفيف الحمل عن كاهل سموه عن طريق مشاركته في هذه الجرائم.
مسؤولية أهل العلم عظيمة تجاه ما يجري. ومسؤولية أصحاب القرار أعظم وأعظم عند الله ـ سبحانه ـ .
والبحث لا يجوز أن يكون محصوراً فقط في جواز المساهمة والاكتتاب أو حرمته. بل هو بحثٌ في أصل مشروعية وجود مثل هذه الشركة.
فالويل لمن رضي بذلك ، والويل لمن ساهم فيه. والويل ثم الويل لمن تحدثه نفسه بالتهوين من ذلك عبر فتيا خادعة تحلل الحرام وتضلل العباد.
وما كان الله ليغفل عمن يحاربه علناً ، ولا عمن يروج للرذيلة والانحلال في خير أمةٍ أخرجت للناس.
التحاكم لشرع الله لا يكون فقط بقتل القاتل وقطع يد السارق. فقاتل الأخلاق له حكمٌ في شرع الله ، والمحارب لله ورسوله له حكمٌ في شرع الله.
والإعراض عن ذلك سببٌ للخذلان ومحق البركة في الدنيا. وأما عذاب الآخرة فهو أشد وأنكى.
نحن اليوم نعيش طفرة مالية ضخمة. والميزانية الأخيرة كانت الأكبر في تاريخ الدولة. ومع ذلك فإن الناس يعانون من الديون التي أثقلتهم بصورة ربما لم تمر بهم منذ تفجر النفط تحت أقدامهم ... فهل نظرنا في سبب ذلك ؟
هناك أسباب مادية ظاهرة بلا شك . لكن الذي أخافه وأخشاه أن وراء ذلك كله عقوبة إلهية بعد تفشي الربا ودخول الناس فيه ، والتوسع الظاهر في بناء السياسات الرسمية على قواعده.
شركات كبرى تعمل بالمليارات علناً ، والناس تشارك في أسهمها ، وهي تصرح رسمياً في الصحف أمام الجميع أنها ملعونةٌ : آكلةٌ أو موكلةٌ للربا.
والنظام الرسمي يقر ذلك كله وينظمه!!
وعباد الدينار والدرهم من اللاهثين وراء الكسب المحرم لا يترددون في المشاركة في ذلك ، بل والتسابق إليه.
والنتيجة النهائية : نكسات تلو نكسات : ديون تراكمت ، وبيوت افتقرت ، وآمال تحطمت. وكل الذي نسمعه في تفسير ذلك إنما هو حديثٌ عن متلاعبين يعبثون بالسوق المالية فقط لا غير. أما الحديث عن شؤم المعصية ، وعن عواقب المعاملات المحرمة فيكاد يغيب عن مسامع الناس ، فكأن الأعين عميت ذلك فلم تعد تبصره، وكأن القلوب طمست، فلم تعد تعرف معروفاً أو تنكر منكراً.
يحدثني بعض الشيوخ الأفاضل ممن لهم عناية بمناصحة المتنفذين في الشركات المساهمة أنه لمس من حديث بعضهم أنهم لا يكتفون بأكل الربا عملياً ، بل إنهم يستحلون ذلك ، ولا يجدون في أنفسهم أي حرجٍ أو غضاضة في تعاطي القرض الربوي الصريح. بل يرون ذلك كله سائغاً لا حرج فيه. فعلى من تقع المسؤولية في ذلك كله؟!
فهل أمِنَّا مكر الله وسخطه ؟ وهل هذا البلد بمنآى وعصمة عما حلَّ بغيره قريباً منه ؟
اللهم عفوك وغفرانك.
|