في نهاية شتاء العام الفائت 1426هـ قمت بتكرار زيارة قصر أبو جفان الأثري الذي بني ضمن عدة قصور ملكية عام 1366هـ بالقرب من مورد ماء أبو جفان الواقع فوق أعلى جبل العرمة شمال شرق الخرج ب 75 كم تقريبا .
وحيث تشرفت بزيارته عدة مرات إلا إني تشوقت المرة الأخيرة لزيارته بسبب ما أفاد به أحد الأصدقاء من أنه تم تكليف إحدى المؤسسات بإعادة تأهيله وترميمه .
ذهبت إلى هناك ولم أجد أن الترميم قد اكتمل ، لكن قد يكون إكتمل الآن .
(و من خلال منتدانا الجميل أحببت إعطاءكم فكرة عنه لمن لم يسمع به من قبل ، أو لم يره منذ مدة ) .
سبب تسميته :
سمي بقصر أبي جفان نسبة لمورد الماء المشهور هناك ، وحول هذا المورد استراح الملك عبدالعزيز وجيشه عام 1319هـ حين قدومهم لفتح الرياض .
يأتي لهذا المورد البدو الرحل طلبا للماء ، و قد ذكره المؤرخ المبارك أحد أبناء الأحساء في مذكراته التي نشرتها المجلة العربية ، حين كانت السيارت تنقل المسافرين ما بين الأحساء والرياض في الخمسينات الهجرية .
أين يقع :
يقع هذا القصر في قلب الصحراء ، في منطقة جبلية شمال شرق الخرج ب 75 كم تقريبا وفي جنوب منطقة الوسيع المشهورة وفوق جبال العرمة الممتدة من (منطقة روضة الخفس و رويغب شمال الرياض بحدود 120 كم ) إلى قرب التوضحية ( هجرة تقع على طريق الخرج - حرض - الهفوف ) ، وتشكل هذه الجبال قوسا في شرق منطقة نجد تنحدر نحو الشرق .
تكثر في تلك المنطقة الأودية الصغيرة المغطاة بالأشجار والشجيرات البرية كالعوشز والطلح والسدر البري وحشائش الشبرم والشفلح ، وتخلو منطقته من جميع أشكال التجمعات الحضرية إلا من بعض المزارع التي هُجر أكثرها مؤخرا ، بسبب التدهور في مجال الزراعة ولعدم صلاحية أكثر تلك الأراضي للزراعة.
ويبعد عن أقرب تجمع حضري بحوالي 50 كم ، ولذا من الصعب الوصول إليه إلا عبر طرق ملتوية بين ( شغايا ) الجبال ، وكان له طريقا شديد الإنحدار لا تستطيع معظم السيارت صعوده بسبب حفر مياه الأمطار له وجعلته على شكل درجات كبيرة ، و قد صعدته قديما أما في رحلتي الأخيرة فلم أستطع بعد عدة محاولات والهدف من ذلك هو الإختصار بدلا من الإلتفاف بحثا عن طريق سهل .
وصف القصر :
يتكون هذا القصر المربع الأضلاع تقريبا من فناء داخلي مكشوف ومستطيل الشكل ، يقع في جهته الشمالية عدد من الغرف ، وعلى ما يبدوا أنها للنوم والراحة ولجلوس الخدم والزائرين ، وفي الجهة الجنوبية مجالس كبيرة ، أعدت لجلوس كبارالضيوف ، لكل مجلس بابين ، ونافذتين أو نافذة واحدة على الفناء الداخلي ، وأتوقع سبب ذلك أنها كعادة أهل القرى قديما تحسبا للنواحي الأمنية ، وله بوابتان كبيرتان أحدهما شمالية والأخرى شرقية وهي الرئيسية تقريبا ، وبابان صغيران جهة الجنوب ، لغرض إدخال الخدمات لغرف مجاورة للمجالس الكبيرة ، وقد تكون لإعداد القهوة على ما يبدو للضيوف .
قصر أبو جفان
وبني في غربي فناء القصر سُلمان ( درج ) ويؤديان للسطحين غير المتصلين ( أحدهما يعلو المجالس الكبيرة والآخر يعلو الغرف الشمالية و بشكل متواز ) ، وقدرتُ إرتفاع أسوار القصر بحوالي ستة أمتار مقارنة بجسم الرجل ، هذه الأسوار تُكون بنفس الوقت جدرانا للغرف ، ويزود القصر بالمياه من بئر في بطن الوادي المجاور لغربي للقصر ، وعلى بعد خمسن مترا تقريبا .
مكونات بناؤه :
من الطبيعي أن مكونات بناء القصر كمكونات أي بناء قديم ، وهي اللبن والطين ، وتم استخدام بعض الصخور كدعائم للبن الطين في جداره الغربي ( اللبن هو البلوك الطيني المشبع بالتبن لغرض تماسكه بقوة ) ومسقوف بجذوع الأثل المتلاصقة ، وتغطى هذه الجذوع بطبقة من الحصير المصنوع من سعف النخيل ( تحضر عادة من منطقة الأحساء غالبا ) ، ثم يغطى بأعواد الأثل الصغيرة لكي تقوم بإسناد الحصير لكي لا يسقط ، وعلى شكل شبكة متماسكة من الأعواد ( يعمل الحصير كبديل للآرم سترونق الحالي ، أو ألواح الجبس التي تزين مبانينا الحديثة ) ، ثم تغطى أعواد الأثل والحصير بطبقة طينية مشبعة بالتبن ، ثم تغطي بطبقة خفيفة من النورة ( مهوب مزنة !! )( وهي مادة جيرية بيضاء تشبه الجبس تستخرج من الصخور الجيرية التي تكثر في منطقة نجد ، وتسخن بدرجات حرارة عالية بإيقاد النيران أسفل منها حتى تتفكك على شكل قطع صغيرة ثم تكسر وتطحن ، والغرض من ذلك حماية الجدران من التعرية الكيميائية والميكانيكية ، وكانت تستخدم قديما أما الآن فتلاشت صناعتها بعد إزدهار صناعة الأسمنت ، ويعاب عليها وليس عيبا في ذلك الزمن ، هو حرارتها الشديدة بعد مزجها بالماء وسرعة جفافها ولذا وجب تشكيلها بسرعة ، قبل جفافها لأنها لا تصلح إطلاقا بعد جفافها السريع ) .
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
