قصة اختيار هدية أوباما لخادم الحرمين

"الوطن" تكشف قصة اختيار هدية أوباما لخادم الحرمين مستشارو الرئيس أجمعوا على ضرورة إيصال رسالة ذات مغزى

القاهرة، واشنطن: الوطن

علمت "الوطن" أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما استمر في مراجعة خطابه التاريخي طوال ليل الأربعاء الماضي في جنادرية الرياض قبل أن يتوجه لإلقائه أول من أمس في جامعة القاهرة. وبين أحد مساعدي أوباما لـ "الوطن" أن الرئيس استفاد من الهدوء في مكان إقامته بمزرعة خادم الحرمين الشريفين بالجنادرية في الحذف والإضافة والتعديل وذلك بعد انتهاء الاجتماع المطول بين القيادتين والذي امتد لنحو 6 ساعات بعد الثامنة مساءً، ليتفرغ أوباما بعدها مع عدد محدود من معاونيه للمراجعة النهائية.
إلى ذلك، علمت "الوطن" أن الهدية القيمة التي أهداها أوباما للملك عبدالله وهي الآية الكريمة "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا". كانت محل مشاورات ومداولات انتهت بضرورة توجيه رسالة لخادم الحرمين تؤكد له أن طرحه وسعيه المستمر للحوار بين الأديان هما محط إعجاب الشعب والإدارة الأمريكية.
وقال لـ "الوطن" سليمان كوك وكيل أعمال الخطاط العالمي محمد زكريا الذي خط الآية الكريمة إن زكريا من أبرع الخطاطين الأمريكيين وقد استغرق إعداد اللوحة خمسة أشهر بعد أن أبلغه مستشار أوباما أنهم "يريدون شيئاً مختلفاً يوصل رسالة ذات مغزى كبير للملك عبدالله".

عادة ما يعبر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عن أسفه للمحيطين به وحتى إلى المسؤولين في الإدارة الأمريكية، من أن الأصدقاء الجيدين، مثل بلدينا أمريكا والمملكة، يجب أن يستمعا لبعضهما البعض بصورة حميمية وأن يتبادلا المشورة والنصائح من وقت لآخر. ولسوء حظنا، فإن الملك عبد الله يعتقد أيضا أن القيادة الأمريكية لا تستمع لمعظم النصائح التي تقدمها السعودية رغم أنها غالبا ما تكون ردا على طلب مباشر منها ومع توافر حسن النوايا في ذلك.
هذا ما توصل إليه مستشارون بالإدارة الأمريكية اختاروا الهدية التي قدمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لخادم الحرمين والتي كانت عبارة عن لوحة تمثل آية قرآنية كريمة (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا))، وذهبوا إلى أن ذلك سيكون بمثابة إشارة قوية ومؤثرة لدى الملك عبد الله، كما أنها ستظهر له أننا نستمع إلى رسالته بل ولمعظم رسائله والتي تعنى بشكل رئيس بنشر قيم التسامح واحترام الأديان والحوار والتفاهم.
وقالوا إن خادم الحرمين يسعى لنشر خطاب إسلامي حديث لمواجهة الخطاب الذين يتبناه المتطرفون الذين يمثلون عدونا المشترك. ومن ثم فإن خادم الحرمين وبدون منازع هو القائد الوحيد في المنطقة الذي قام ببذل جهد كبير ومقدر لتأسيس ذلك الخطاب على أكبر عدد من المستويات ونشره من على أكبر عدد من المسارح العالمية. ويأتي في مقدمة تلك الجهود المبادرة العربية للسلام التي طرحها عام 2000، وقيامه بزيارة البابا في الفاتيكان، وإنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، وتأسيس أكبر جامعة للنساء في العالم بالرياض وتدشين مؤتمرات حوار الأديان.
وأضافو أن الملك عبد الله استهل تدشينه لمؤتمر حوار الأديان الذي انعقد في مدريد بتلاوة هذه الآية الكريمة. إن أطروحات خادم الحرمين ترتكز بشكل رئيس على أن الإسلام هو دين شامل يعنى بنشر ثقافة التسامح والسلام وأنه يعيش بانسجام وفي وئام مع الإنسانية جمعاء.
لقد أدرك الرئيس أوباما أهمية وقيمة الهدية التي سيقدمها للملك عبد الله وماذا تعني له هذه الآية الكريمة، والتي ستكون إشارة حقيقية للاحترام المتبادل ولنوع جديد من الصداقة المشتركة التي تقوم على الاستماع للآخر والفهم وعلى تطوير طرق جديدة للعمل معا.
وقال سليمان كوك وكيل أعمال الخطاط العالمي محمد زكريا، الذي قام بتنفيذ القطعة الفنية التي قدمها أوباما لخادم الحرمين، أن زكريا يعتبر من أعظم الخطاطين في أمريكا قاطبة حيث إنه يمتلك تجربة عالمية ثرة في هذا الفن وحصل على درجة عالمية في هذا التخصص من إحدى جامعات تركيا قبل سنوات عديدة. وأضاف سليمان أن تفوق وإبداع زكريا في هذا المجال "دفع بمستشاري الرئيس الأمريكي للاتصال به والاتفاق معه على تنفيذ هذا العمل الملهم والمبدع". وأوضح أن مستشاري الرئيس قالوا له إنهم "يريدون شيئا مختلفا يوصل رسالة ذات مغزى كبير للملك عبد الله". وذكر أن أوباما اطلع مسبقا على عدد من الأعمال المنفذة بواسطة زكريا ومن ثم قام باستلهام فكرته منها، قبل أن يتم اختيار هذه الآية القرآنية لتكون هي فكرة العمل الفني. وتابع سليمان أن زكريا قام بتنفيذ هذا العمل من مرسمه الذي يدير منه نشاطه في ولاية فيرجينيا وأنه شرع فورا في تنفيذ ما طلبه منه، مشيرا إلى أن تنفيذ هذا العمل الكبير استغرق نحو خمسة أشهر ولم يتم الفراغ منه إلا قبل أسبوع فقط من زيارة أوباما للملكة. وأشار إلى أن تنفيذ هذه القطعة الفنية تم بشكل كامل بواسطة زكريا حيث إنها جرت العادة أن يقوم المعاونون بعمل الزخارف التي في جوانب العمل. واختتم زكريا قائلا "لقد تم استخدام حبر خاص وقلم خاص لم يتم استخدامها من قبل لتنفيذ هذا العمل المهم والكبير ومصدر فخرنا هو تنفيذ عمل يقدم للملك عبد الله"، مشيرا إلى أنهم تلقوا عرضا لتنفيذ عمل آخر لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.