المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس من الحج والعشر


امير السعوديه
11-11-2011, 01:33 PM
دروس من الحج والعشر 15 / 12 / 1432




الخطبة الأولى :


أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ . لا يَستَوِي أَصحَابُ النَّارِ وَأَصحَابُ الجَنَّةِ أَصحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ "


أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَرَّت بِالمُسلِمِينَ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ مِن أَيَّامِ اللهِ ، وَعَاشُوا مَوسمًا كَرِيمًا مِن مَوَاسِمِ الآخِرَةِ ، فَنِعمَ الأَيَّامُ تِلكَ الأَيَّامُ ! وَنِعمَ المَوسِمُ ذَلِكَ المَوسِمُ !
إِنَّ تِلكَ الأَيَّامَ وَإِنْ كَانَت لم تَتَجَاوَزْ ثَلاثَةَ عَشَرَ يَومًا ، إِلاَّ أَنَّهَا احتَوَت مِنَ الدُّرُوسِ وَالعِبَرِ وَالفَوَائِدِ ، مَا لَو وَعَتهُ القُلُوبُ وَتَشَرَّبَتهُ النُّفُوسُ ، وَطُبِّقَ في سَائِرِ أَيَّامِ العَامِ ، لَتَغَيَّرَت في الوَاقِعِ أُمُورٌ وَلَتَحَسَّنَت أَحوَالٌ ، فَالحَجُّ إِلى بَيتِ اللهِ الحَرَامِ ، وَمَا فِيهِ مِنِ اجتِمَاعَاتٍ مَحشُودَةٍ وَأَيَّامٍ مَشهُودَةٍ ، وَالعَيدُ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ ، وَمَا فِيهَا مِن أَضَاحٍ وَتَكبِيرٍ وَأَعمَالٍ صَالحةٍ وَقُرُبَاتٍ ، وَصِلَةِ أَرحَامٍ وَزَيَارَةٍ أَقَارِبَ ، كُلُّ تِلكَ العِبَادَاتِ الجَلِيلَةِ وَالأَعمَالِ النَّبِيلَةِ ، إِنَّمَا هِيَ مَحَطَّاتٌ إِيمَانِيَّةٌ وَمَوَاقِفُ رَوحَانِيَّةٌ ، تَستَلهِمُ مِنهَا الأُمَّةُ دُرُوسًا في العُبُودِيَّةِ ، وَالَّتي مَا وُجِدَ النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الأَرضِ إِلاَّ لأَجلِهَا ، وَلا يَجُوزُ لهم بِحَالٍ أَن يَتَنَاسَوهَا ، ثم يَنطَلِقُوا في دُرُوبِ دُنيَاهُم ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ، لِجَمعٍ وَمَنعٍ وَعُقُوقٍ وَقَطِيعَةٍ ، أَو قِيلٍ وَقَالٍ وَاتِّبَاعِ هَوًى وَطَاعَةِ شَيطَانٍ .


لَقَد خَلَقَ اللهُ ـ تَعَالى ـ الخَلقَ لِعِبَادَتِهِ ، وَتَكَفَّلَ لهم بِأَرزَاقِهِم وَسَخَّرَ لهم مَا في الأَرضِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ . إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ . الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزقًا لَكُم فَلا تَجعَلُوا للهِ أَندَادًا وَأَنتُم تَعلَمُونَ "


وَإِنَّ مَا مَرَّ بِنَا مِن أَعمَالٍ وَقُرُبَاتٍ في العَشرِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ ، لَيُؤَصِّلُ فِينَا مَا قَد نَغفَلُ عَنهُ في خِضَمِّ هَذِهِ الحَيَاةِ مِن مَهَامِّ العُبُودِيَّةِ ، فَتَوَقُّفُ مَن أَرَادَ أَن يُضَحِّيَ عَن أَخذِ شَيءٍ مِن شَعرِهِ وَبَشَرَتِهِ ، وَاللَّهَجُ بِالتَّكبِيرِ قِيَامًا وَقُعُودًا وَفي البُيُوتِ وَالمَسَاجِدِ وَالأَسوَاقِ ، وَصَومُ يَومِ عَرَفَةَ وَذَبحُ الأَضَاحِي ، وَأَعمَالُ الحَجِّ بَدأً بِالإِحرَامِ وَلَبسِ ثِيَابِهِ المُوَحَّدَةِ ، فَالمَسِيرُ إِلى تِلكَ المَشَاعِرِ المَقَدَّسَةِ ، ثم وُقُوفُ الحُجَّاجِ بِزِيٍّ وَاحِدٍ في أَمَاكِنَ وَاحِدَةٍ في وَقتٍ وَاحِدٍ ، ثم الطَّوَافُ وَالسَّعيُ وَالرَّميُ وَالذَّبحُ وَسَائِرُ الأَعمَالِ إِلى طَوَافِ الوَدَاعِ ، إِنَّ كُلَّ تِلكَ الأَعمَالِ لَتُعطِينَا دُرُوسًا جَلِيلَةً ، وَتُؤَسِّسُ في نُفُوسِنَا أُصُولاً أَصِيلَةً ، وَتَغرِسُ فِيهَا ثَوَابِتَ مَتِينَةً ، وَتُقَرِّرُ مَبَادِئَ يَجِبُ عَلَينَا العَضُّ عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ وَاستِحضَارُهَا في الدَّقِيقِ وَالجَلِيلِ مِن أُمُورِنَا ؛ لِنَكُونَ كَمَا أُرِيدَ بِنَا حُنَفَاءَ للهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ ، مُسلِمِينَ لَهُ وُجُوهَنَا وَقُلُوبَنَا وَسَائِرَ جَوَارِحِنَا ، لَهُ صَلاتُنَا وَلَهُ نُسُكُنَا ، وَلَهُ مَحيَانَا وَلَهُ مَمَاتُنَا ، نَعبُدُهُ كَمَا أَرَادَ هُوَ لا كَمَا نُرِيدُ نَحنُ ، وَنَتَمَسَّكُ بما يُوجِبُهُ عَلَينَا في الصَّغِيرِ قَبلَ الكَبِيرِ ، وَنَكتَفِي بما أَحَلَّ لَنَا وَنَدَعُ مَا حَرَّمَ ، لا أَن نَتَفَلَّتَ مِن وَاجِبَاتِ دِينِنَا شَيئًا فَشَيئًا وَنَتَسَاهَلَ بِتَنَاوُلِ الشُّبُهَاتِ ، ثم نَقَعَ في المَكرُوهَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ وَنَغشَى الكَبَائِرَ وَالمُوبِقَاتِ .


إِنَّ المُسلِمَ المُرِيدَ لِلأُضحِيَةِ ، حِينَ يُمسِكُ مِن دُخُولِ العَشرِ عَن قَصِّ الشَّعرِ وَالظُّفرِ وَالأَخذِ مِن شَيءٍ مِنَ البَشَرَةِ مَهمَا قَلَّ بِلا حَاجَةٍ ، إِنَّهُ لَيَتَعَلَّمُ تَعظِيمَ الأَمرِ وَالنَّهيِ ، وَتَوقِيرَ الآمِرِ النَّاهِي ـ سُبحَانَهُ ـ وَإِجلالَهُ ، وَالوُقُوفَ عِندَ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ في الصَّغِيرِ مِنَ الأُمُورِ قَبلَ الكَبِيرِ .
وَيُحرِمُ الحَاجُّ أَيًّا كَانَ مَنصِبُهُ أَو مَالُهُ أَو عَشِيرَتُهُ أَو بَلَدُهُ ، مُتَجَرِّدًا مِن مَلابِسِهِ أَيًّا كَانَ ثَمَنُهَا أَو نَوعُهَا ، وَيَغتَسِلُ لإِحرَامِهِ وَيَتَنَظَّفُ وَيَتَطَيَّبُ ، فَيَتَجَرَّدُ بهذَا مِن آفَاتِ الدُّنيَا وَدَنَايَاهَا ، وَيَنبُذُ جَمِيعَ مَقَايِيسِهَا وَمَعَايِيرِهَا ، وَيَغتَسِلُ مِن مَاضِيهِ وَيَتُوبُ إِلى اللهِ ممَّا قَد يَكُونُ فِيهِ مِن حَالٍ لا تُرضِيهِ ، وَتَرَاهُ في طَرِيقِهِ يَلهَجُ بِالتَّلبِيَةِ ، لِيُعلِنَ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إِلى رَبِّهِ لا إِلى غَيرِهِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ التَّوَجُّهَ مُتَكَرِّرٌ في الحَيَاةِ مَرَّةً بَعدَ مَرَّةً ، تَوَجُّهٌ مُستَمِرٌّ لا يَتَوَقَّفُ ، في عُبُودِيَّةٍ تَنتَظِمُ كُلَّ أُمُورِ الحَيَاةِ وَلا تَنقَطِعُ ، لا خُرُوجَ فِيهَا لِلعَبدِ عَن إِرَادَةِ رَبِّهِ ، بَل هُوَ طَوعٌ لأَوَامِرِهِ رَهنٌ لِتَعَالِيمِ دِينِهِ ، مُرتَضٍ لها في كُلِّ شَأنٍ مِن شُؤُونِهِ , لِعِلمِهِ أَنَّهُ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ ، وَأَنَّهُ المُنعِمُ المُتَفَضِّلُ ، فَمِن حَقِّهِ أَن يُعبَدَ وَيُوَحَّدَ وَيُحمَدَ ، وَأَن يُذكَرَ وَيُشكَرَ وَلا يُكفَرَ ، وَأَن تُخلَصَ لَهُ العِبَادَةُ وَلا يُشرَكَ بِهِ .
وَيَلهَجُ غَيرُ الحُجَّاجِ بِالتَّكبِيرِ في كُلِّ أَوقَاتِهِم ، وَبعدَ صَلَوَاتِهِم وَحِينَ ذَبحِ أُضحِيَاتِهِم ، وَفي هَذَا التَّكبِيرِ مَعَانٍ جَلِيلَةٌ كَثِيرَةٌ ! فَاللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ شَيءٍ وَأَعظَمُ ، وَاللهُ أَعلَى مِن كُلِّ شَيءٍ وَأَجَلُّ , وَأَمرُهُ ـ تَعَالى ـ وَنَهيُهُ أَكبرُ وَأَعظَمُ وَأَعلَى وَأَجَلُّ , وَمَا يُرِيدُهُ ـ سُبحَانَهُ ـ يَجِبُ أَن يَكُونَ في كُلِّ نَفسٍ هُوَ الأَكبَرَ وَالأَعظَمَ وَالأَهَمَّ , اللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ دُنيَا يُطمَعُ فِيهَا ، اللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ مَنصِبٍ يُؤبَهُ لَهُ ، اللهُ أَكبرُ مِن كُلِّ جَاهٍ تَتُوقُ لَهُ النُّفُوسُ ، اللهُ أَكبرُ وَأَعظَمُ مِن كُلِّ مَخلُوقٍ مَهمَا كَبُرَ أَو تَكَبَّرَ أًو عُظِّمَ أَو تَعَاظَمَ .
وَيَطُوفُ الحُجَّاجُ وَيَسعَونَ وَيَبِيتُونَ بِمِنًى ، ثم يَنطَلِقُونَ جَمِيعًا إِلى عَرَفَةَ ثم إِلى مُزدَلِفَةَ ، ثم يَعُودُونَ لِمِنًى وَيَبِيتُونَ فِيهَا , وَهُم إِنَّما يَتَحَرَّكُونَ ذَاهِبِينَ إِلى هَذَا المَشعَرِ أَو عَائِدِينَ لِذَاكَ , طَاعَةً لِرَبِّهِم ـ سُبحَانَهُ ـ وَتَحقِيقًا لِلعُبُودِيَّةِ الَّتي مِن أَجلِهَا خُلِقُوا ، وَاقتِدَاءً بِمَن أُمِرُوا بِالأَخذِ عَنهُ وَالسَّيرِ عَلَى نَهجِهِ ، في صُورَةٍ رَائِعَةٍ لِلوِحدَةِ الَّتي يَجِبُ أَن يَكُونُوا عَلَيهَا ، بِلا فَرقٍ بَينَ أَبيَضَ أَو أَسوَدَ ، أَو عَرَبيٍّ أَو عَجَمِيٍّ ، أَو غَنيٍّ أَو فَقِيرٍ ، أَو رَئِيسٍ أَو مَرؤُوسٍ .
وَتَرَاهُم في ثَلاثَةِ أَيَّامٍ يَرمُونَ الجَمَرَاتِ وَيُكَبِّرُونَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ، وَفي ذَلِكَ تَذكِيرٌ لهم بِمُوَاصَلَةِ الحَربِ مَعَ عَدُوِّهِمُ اللَّدُودِ الشَّيطَانِ , وَتَجدِيدٌ لِلحَذَرِ مِن إِغوَائِهِ أَوِ السَّيرِ في طُرِقِهِ , وَتَعوِيدٌ لهم أَن يَذكُرُوا اللهَ وَيَستَحضِرُوا عَظَمَتَهُ وَجَلالَهُ كُلَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ العَدُوُّ أَو أَحَدٌ مِن أَعوَانِهِ أَن يُغوُوهُم أَو يُفسِدُوا عَلَيهِم سَيرَهُم إِلى رَبِّهِم ، وَأَن يَرجُمُوا خِطَطَ أُولَئِكَ الأَعدَاءِ وَيَنبُذُوهَا وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَلا يُقِيمُوا لها وَزنًا .
وَيَذبَحُ المُسلِمُونَ الهَديَ وَالأَضَاحِيَ ، فَيَتَذَكَّرُونَ أَبَا الأَنبِيَاءِ وَإِمَامَ الحُنَفَاءِ ، المُسلِمَ القَانِتَ لِرَبِّهِ ، إِبرَاهِيمَ الخَلِيلَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ الَّذِي لم يَتَرَدَّدْ هُوَ وَابنُهُ إِسمَاعِيلُ في تَنفِيذِ مَا أُمِرَا بِهِ ، بَل ضَرَبَا أَعظَمَ الأَمثِلَةِ في الاستِجَابَةِ لِمَن بِيَدِهِ الخَلقُ وَالأَمرُ ، حَيثُ قَدَّمَ الابنُ رُوحَهُ مُستَسلِمًا ، وَقَدَّمَ الأَبُ فَلَذَةَ كَبِدِهِ صَابِرًا ، فَكَانَ لهما الذِّكرُ الحَسَنُ في الدُّنيَا ، وَالعَاقِبَةُ المَحمُودَةُ في الآخِرَةِ .
وَحِينَ يَقُولُ ـ تَعَالى ـ : " الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الحَجِّ " فَإِنَّ في ذَلِكَ تَربِيَةً لِلمُؤمِنِينَ أَن يَكُونُوا في حَيَاتِهِم عَلَى أَحسَنِ مَا يَكُونُ مِنَ السُّلُوكِ ، وَأَن يَكُونَ دَيدَنُهُمُ التَّحَلِّيَ بِأَجمَلِ الأَخلاقِ وَالآدَابِ ، وَعَدَمَ التَّدَنِّي إِلى الرَّفَثِ أَوِ التَّدَنُّسِ بِالفُسُوقِ ، أَوِ النُّطقِ بِالفُحشِ وَالانشِغَالِ بِالجَدَلِ الَّذِي لا طَائِلَ وَرَاءَهُ .
وَالحَجُّ كُلُّهُ بِشَعَائِرِهِ العَدِيدَةِ وَأَعمَالِهِ المُتَنَوِّعَةِ ، وَالَّتي لا تَخلُو مِن بَذلِ الجُهدِ وَتَحَمُّلِ التَّعَبِ وَالمَشَقَّةِ ، وَصَبرِ الحَاجِّ عَلَى مَا يَحصُلُ لَهُ مِن عَقَبَاتٍ وَمَا يَوَاجِهُهُ مِن صِعَابٍ ، يُذَكِّرُ الأُمَّةَ بِذُروَةِ سَنَامِ الإِسلامِ وَهُوَ الجِهَادُ , لِتَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لا عِزَّةَ لها وَلا انشِرَاحَ لِصُدُورِهَا وَلا ارتِفَاعَ لِرُؤُوسِهَا إِلاَّ بِالجِهَادِ .


أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَلْنَحمَدِ اللهَ عَلَى مَا شَرَعَهُ لَنَا مِن عِبَادَاتٍ وَمَا جَعَلَهُ مِن مَوَاسِمَ لِلخَيرَاتِ .
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسْمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ . ثُمَّ لْيَقضُوا تَفَثَهُم وَلْيُوفُوا نُذُورَهُم وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيتِ العَتِيقِ . ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّت لَكُمُ الأَنعَامُ إِلاَّ مَا يُتلَى عَلَيكُم فَاجتَنِبُوا الرِّجسَ مِنَ الأَوثَانِ وَاجتَنِبُوا قَولَ الزُّورِ . حُنَفَاءَ للهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ أَو تَهوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ . ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ "




الخطبة الثانية :


أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ التَّقوَى ، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ، وَاعلَمُوا أَنَّ أَيَّامَ العَشرِ بما فِيهَا مِنَ الحَجِّ وَالعَجِّ وَالثَّجِّ ، وَالسَّفَرِ وَالاجتِمَاعِ ثم الافتِرَاقِ وَالعَودَةِ ، وَالتَّضحِيَةِ بِالنَّفسِ وَالمَالِ وَالأَوقَاتِ وَالأَهلِ وَالدِّيَارِ ، وَالتَّجَرُّدِ مِنَ الزِّينَةِ وَارتِدَاءِ لِبَاسِ الإِحرَامِ المُتَوَاضِعِ ، إِنَّ كُلَّ أُولَئِكَ مَدرَسَةٌ بَل جَامِعَةٌ إِيمَانِيَّةٌ تَربَوِيَّةٌ ، يَجِبُ أَن تَستَفِيدَ مِنهَا الأُمَّةُ مَا يُصلِحُ شَأنَهَا وَيُعلِي قَدرَهَا وَيَنفَعُهَا في أُخرَاهَا ، وَاضِعَةً نُصبَ عَينَيهَا أَنَّ الدُّنيَا بِكُلِّ مَا فِيهَا لا تَعدُو أَن تَكُونَ رِحلَةً كَرِحلَةِ الحَجِّ ، وَأَنَّ أَيَّامَهَا كَأَيَّامِ العَشرِ ، تُوشِكُ أَن تَنتَهِيَ عَاجِلاً ثم يَعُودَ كُلُّ عَبدٍ إِلى رَبِّهِ ، فَيُجَازِيَهُ بما عَمِلَهُ وَقَدَّمَهُ ، وَمِن ثَمَّ فَلا حَاجَةَ لِلرُّكُونِ إِلى الزَّخَارِفِ وَالانشِغَالِ بِالزِّينَةِ وَالمُلهِيَاتِ ، بَل يَكفِي المُؤمِنَ زَادٌ كَزَادِ الرَّاكِبِ الَّذِي خَرَجَ مِن أَهلِهِ حَاجًّا ثم عَادَ ، مَعَ الصَّبرِ عَلَى مَا في الدُّنيَا مِن نَقصٍ وَتَغَيُّرٍ وَتَبَدُّلِ حَالٍ ، إِلى أَن يَلقَى العَبدُ رَبَّهُ في دَارٍ لا نَصَبَ فِيهَا وَلا تَعَبَ .

ذوق الحنان
11-11-2011, 02:13 PM
جزاك الله كل الخير اخي الكريم النجم على هذا الموضوع المهم والقيم

جعله الله في ميزان حسناتك

بارك الله فيك

دلع الجنوب
11-11-2011, 04:05 PM
جزاك الله خير الجزاء

امير السعوديه
11-11-2011, 08:42 PM
جزاكم الله ع هذا المرور تسلمواااااااا

غدق
11-11-2011, 10:25 PM
طرح قيم
يستحق التقدير
كل الشكر لك









مرت من هنا تلك








ميزتي قو بآآسي

لمسة وفآء
11-12-2011, 08:21 PM
الله يجزاك خير على هالطرح القيم
وجعله في موازين حسناتك.

مخاوية الليل
11-12-2011, 09:35 PM
جـــزاااااااكـ اللـــه الـــف خيييييير عالطـــــرح,,

’’تحيــــــــــــأإأإأإتــــــي’’

حبي طلال
11-12-2011, 10:00 PM
مشكور ويعطيك العافيه

نجول
11-13-2011, 12:24 AM
الله يجزاك خير