المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جمال حوار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين


تاجي استغفاري
12-01-2011, 05:50 PM
جمال حوار رسول الله مع غير المسلمين
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله
************************************
جمال حوار رسول الله مع غير المسلمين

**************************
قد يحدث أن يعترف قومٌ بوجود قومٍ آخرين وكينونتهم، ولكنهم لا يحترمونهم ولا يوقرونهم، وقد رأينا الأوربيين في فترات متلاحقة من تاريخهم يكتبون على أبواب المطاعم والمحلات «ممنوع دخول اليهود والكلاب»! فهم وإن كانوا يعترفون باليهود كطائفة مستقلة وكينونتهم منفصلة عن النصارى، وكديانة ذُكِرَ أمرها في الإنجيل، إلا أنهم لا يحترمونهم من قريب ولا من بعيد، فيساوون بينهم وبين الكلاب في المعاملة والتعليق، بل إنهم قد يدلِّلون الكلاب ويرفقون بهم، بينما لا يفعلون ذلك مع اليهود!!وكما فعل الأوربيون مع اليهود فعل الأمريكيون البِيض مع الأمريكيين السود أصحاب الأصول الإفريقية، فكانوا يكتبون على محلاتهم أيضًا «ممنوع دخول الزنوج والكلاب!».
إنه المنطق المنحرف نفسه الذي لا يعطي للنفس البشرية أي تقدير أو احترام.. أما الإسلام فشيء آخر...

في هذا المقال وغيره سنتعرض لمسألة احترام الإسلام للمخالفين له، وليس مجرد الاعتراف بهم فقط، وسيتم ذلك من خلال عدة صور منها:
جمال الحوار
منهج التبشير في حياته صلـى الله عليه وسلم
مدح المخالفين !!
واحترام الرسل والزعماء
********************

جمال الحوار!!

*************
لقد علَّمنا الرسول صلـى الله عليه وسلم الطريقة المثلى في التعامل مع غير المسلمين، فدلَّنا على أنه لا يكفي أن تعترف بوجود الآخرين، ولكن عليك أيضًا أن تحترمهم.. ولم يكن هذا الأمر اجتهادًا منه دون وحي رباني أو أمر إلهي، بل كان موافقًا تمامًا لما جاء في كلام الله في القرآن الكريم في شأن التعامل مع المخالفين لنا في العقيدة والدين.

& يقول الله في كتابه يعلمنا طريقة التحاور مع غير المسلمين:

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 24-26].

إن رسول الله صلـى الله عليه وسلم يعلم على وجه اليقين أنه على الحق والهدى، ومع ذلك أمره الله في تحاوره مع المشركين أن يقول لهم: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. إنها الأرضية المشتركة التي نقف عليها، أحدنا على حق والآخر على باطل، فلنتناقش ولنتحاور حتى نصل إلى الحقيقة الغائبة..

إنها طريقة الحوار المثلى، وغاية الأدب، ومنتهى سموِّ الأخلاق. ثم يعلِّمه الله أن يخاطبهم في أدب جمٍّ فيقول لهم: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ}!!
إنه ينسب لفظ «الجُرْم» إلى نفسه، وهو عادة يأتي في الأخطاء والزَّلاَّت، وينسب لفظ «العمل» لهم وهو يحتمل الصلاح أو الفساد. ثم إنه يُسَلِّم الأمر كله لله ، فيقول: إن الله سيجمع بيننا جميعًا يوم القيامة، ويحكم بيننا بالحق الذي يراه، فنعرف ساعتها من الذي أصاب ومن الذي أخطأ.
إنها أرقى وسيلة ممكنة من وسائل التحاور، لا تحمل أي صورة من صور العصبية والتَّزمُّت، إنما فيها كل الأدب، وكل التقدير للطرف الآخر.

& ومثل هذا يقال على ما جاء في القرآن محدِّدًا طريقة الحوار مع أهل الكتاب، قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46].
يا لَروعةَ الأسلوب!! إنه لا يطلب منا أن نتحاور مع أهل الكتاب بأسلوبٍ حَسنٍ فقط، بل يطلب منَّا دائمًا أن نبحث عن الأسلوب الأحسن والأفضل والأجمل.
هل هناك في تشريعات الأرض، وفي أقوال الفلاسفة ما يقترب من هذا الجمال الأخلاقي؟!

& ثم انظر إلى تقريب العقول وترقيق القلوب، حين يقول: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.إنه يبعث في أهل الكتاب هِمَّة التعاون والتآلف لا التنافر والتباغض، إنَّ إلهنا واحد، وقد أنزل إلينا وإليكم كُتبًا كريمة نؤمن بها جميعًا. فلماذا الشقاق والخلاف؟!

& وعلى هذا النسق راجِع الآيات القرآنية لتستمتع بالكنوز الأخلاقية.. يقول تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64].

& ويقول تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109].
وحَصْر مثل هذه الآيات يصعب لكثرتها، لكن ما يهمنا هنا هو إسقاط مثل هذه الآيات والتوجيهات الربانية على حياة رسول الله ؛ لنرى أسلوب تعامله مع غير المسلمين، ومدى توقيره واحترامه لهم..


صور من حوار الرسول مع المخالفين له

 
ومن جمال الحوار أن رسول الله صلـى الله عليه وسلم كان يستمع إلى مخالفيه وينصت، حتى لو كانت عروضهم غير مقبولة عقلاً أو شرعًا، فكان يعطيهم فرصة الكلام والتعبير عن الرأي؛ لتتاح له بعد ذلك فرصة الكلام وشرح ما يدعو إليه.

رسول الله صلـى الله عليه وسلم وعتبة بن ربيعة

 
انظر إلى هذا المثال الرائع في التعامل مع غير المسلمين عندما دار حوار راقٍ بين رسول الله وعتبة بن ربيعة[1] من سادة قريش..

يقول عتبة بن ربيعة وهو يساوم رسول الله صلـى الله عليه وسلم على ترك الإسلام: «يا ابن أخي، إنك منَّا حيث قد علمت من السِّطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرَّقت به جماعتهم، وسفَّهت به أحلامهم، وعِبْتَ به آلهتهم ودينهم، وكفَّرت به مَن مضى مِن آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها». فقال له رسول الله صلـى الله عليه وسلم : «قُلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ أَسْمَعْ». قال: «يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا؛ حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا سوَّدناك علينا؛ حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإنْ كنت تريد به مُلكًا ملَّكناك علينا، وإنْ كان هذا الذي يأتيك رِئيًا تراه لا تستطيع ردَّه عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نُبْرِئك منه؛ فإنَّه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُدَاوى منه».

حتى إذا فرغ عتبة، ورسول الله صلـى الله عليه وسلم يستمع منه قال:
«أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟» قال: نعم. قال : «فَاسْمَعْ مِنِّي».
قال: أفعل.

فقرأ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} [فصلت 1-5].

ثم مضى رسول الله صلـى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه، فلما سمعها منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما يسمع منه، ثم انتهى رسول الله صلـى الله عليه وسلم إلى السجدة منها، فسجد ثم قال: «قَدْ سَمِعْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ مَا سَمِعْتَ فَأَنْتَ وَذَاكَ». فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: «نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به». فلما جلس إليهم قالوا: «ما وراءك يا أبا الوليد؟» قال: «ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشِّعْر ولا بالسِّحر ولا بالكهانة. يا معشر قريش، أطيعوني، واجعلوها بي، وخَلُّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فوالله ليَكُونَنَّ لقوله الذي سمعتُ منه نبأٌ عظيم، فإن تُصِبْهُ العرب فقد كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وإن يظهر على العرب فمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ، وعِزُّه عِزُّكُمْ، وكنتم أسعدَ الناس به». قالوا: «سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه!!». قال: «هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم[2].

وهذا الحوار في غاية الأهمية؛ فعلى الرغم أن عتبة بن ربيعة كان قد قدَّم كلامه بمجموعة من التُّهَم الموجَّهة لرسول الله صلـى الله عليه وسلم إلا أن رسول الله صلـى الله عليه وسلم ظل على هدوء أعصابه، ولم ينفعل، إنما واصل الاستماع في أدبٍ واحترام، مع أن عتبة عرض على النبي التنازل عن دعوته مقابل ما يعرضه عليه من مغريات الدنيا، فقَبِلَ النبيُّ صلـى الله عليه وسلم أن يستمع إليه، بل قال له: «قُلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ أَسْمَعُ».. فهو يُكَنِّيه بِكُنْيَتِهِ، أي يُناديه بأحب الأسماء إليه ويلاطفه ويرقِّق قلبه، ولما عرض عتبة بن ربيعة الأمور التي جاء بها لم يقاطعه النبي مع سفاهة العروض وتفاهتها، بل إنه صبر حتى النهاية، وقال في أدبٍ رفيع: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟» قال: نعم. قال : «فَاسْمَعْ مِنِّي».

لقد أعطى الفرصة كاملة لعتبة لكي يتكلم ويعرض وجهة نظره، وبعد انتهائه تمامًا بدأ رسول الله في الكلام؛ ليضرب لنا بذلك أروع الأمثلة في التحاور مع الآخرين، وإن كانوا مخالفين تمامًا في العقيدة والدين.

 

السيقار
12-01-2011, 06:15 PM
سبحان الله انه كلام شيق رائع

*همس طلآل*
12-01-2011, 07:44 PM
اللهم صلي وسلم عليه
اشكرك على الطرح القيم
جزاك الله الخير ..

][ .. خالد .. ][
12-02-2011, 08:02 PM
موضوع قيم وطرح يستحق الوقوف امامه

صلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

تسلمين اختي تاجي وكثر الله من امثالك


كل التقدير

الواصــل
12-02-2011, 09:36 PM
الله يجزاك الجنه

Anfas
12-03-2011, 07:52 AM
صلوات ربي وسلامه عليه
بارك الله فيك اختي الغالية على هالطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك ..

لمسة وفآء
12-03-2011, 11:56 AM
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

الله يجزاك خير على هالطرح القيم
وجعله في موازين حسناتك.

غدق
12-04-2011, 09:10 PM
طرح قيم بارك الله فيك..











مرت من هنا تلك










ميزتي قو بآآسي

" آلـ جــود "
12-05-2011, 04:58 AM
آللهم صلِ و سسلم عليه
ربي يجزآك الجنه على طرحك القيم

رَوُحِِ آلَِِسِِمْآء
12-05-2011, 08:38 AM
جزآك آلله كل خير وجعل مآكتبت

بميزآن حسنآتك وشآهدآ لك لآ عليك

* على الفطرة *
12-20-2011, 06:52 PM
والله لو تبعنا شرعه وسيرته صلى الله عليه وسلم لسدنا العالم كله بايي وامي ونفسي هو عليه الصلاة والسلام
جزاك الله خير ونفع بما نقلتي وجعله في موازين حسناتك

مخاوية الليل
12-20-2011, 09:01 PM
جـــزأإأكـ اللـــه الــــف خييير عالطــــرح,,

’’تحيــــأإأإتـــــــي^_^