المحبة
المحبة أمر فطري مقرها القلب ، ولها مفاهيم متعددة ، تختلف باختلاف نوايا القلوب .
فمنها ما تنقطع ومنها ما تدوم ، وكلها بإرادة الله الذي أوجبها لنفسه على عباده أولا ، ثم أفشاها بين الناس ، وجعلها مراتبا في الأحقية بها .
حيث يعد مفهومها الشرعي : هو الإعجاب بالخلق الرفيعة ، والخصال الحميدة ، والأفعال ا لعظيمة التي يتميز بها أناس عن غيرهم والاقتداء بهم فيها .
أما في مفهومها الحديث : فهي تختلف اختلافا عما شرعت عليه .
حيث لم يبقى منها سوى أساس المفهوم فقط وهو ( الإعجاب ) ولكن أصبح الإعجاب بالشخص ذاتيا ، بغض النظر عن الطبع ومقوماته ، ثم اتسع مفهومها وأصبحت تتضمن أشياء كثيرة : منها الشوق ، واللهفة ، والصبابة،
والوجد ، والهوى ، وأساسها الغرام ، ومبادلة الشعور .
ثم أطلق عليها لفظ مصدرها وهو ( الحب ) وسرعان ما كثرت ضحاياه ؛ حتى أصبحنا لا نكاد نجد شخصا إلا وله محبوبة عالقا بها .
فمنهم من وجدوا مبادلة للمشاعر ، ومنهم من تعبوا وضحوا بأنفسهم دون جدوى .
واستمر انتشاره إلى أن أوصل بعض ضحاياه إلى مرحلة الجنون والانتحار .
ثم انتقل الحب بكل غرامياته من المحبوب إلى المحبوبة ؛ وذلك : شعور فجائي يحس به احد الطرفين لأي سبب كان أعجب به من الطرف الثاني ، فيداهم قلبه إلى أن يسيطر عليه ، ثم يظهر شعوره لمحبوبه لكي يبادله المشاعر نفسها .
فمنهم من يتقبل من حبيبه ويعيشان الحب بكل مواقفه ، ومنهم من يرفض ويترك صاحبه يتجرع مرارة الحب ومواجعه ، ومنهم من يأخذه على سبيل المصلحة فيظهر لصاحبه قناع الحب مزيفا ويجامله به حتى يتحقق له ما يريد ثم يتركه ضحية للحب ومواجعه .
وهذا النوع من الحب أسرعها انقطاعا ؛ لأنه ينتهي بتحقق الغرض المراد .
أما الحب المتبادل من الطرفين :
فمنه ما يضعف بسبب الوصال الزائد وعدم الاغتراب والتجدد ، وذلك لما في زيادة الوصال من ملل ،،،
ومنه ما ينقطع بزعل في يوم من الأيام ، نتيجة للغيرة الزائدة عن حدها.
ومنه ما يدوم ولكن ليس بكامله ، بل بعض أجزائه ستنقطع أو تقل عما كانت عليه وأولها الغرام سينقطع لا محالة حتى ولو طالت مدته وتتبعه الغيرة ويقل الهوى ويضعف الشوق ويبقى الحب كوعاء فارغ لا قيمة له .
وربما تعود المحبة إلى علاقة سطحية خالية من الحب وغرامياته ...........
إذا .. ليس هناك حب سيدوم بكامل قوته سوى المحبة في الله ، فهي التي تكمن في القلب ولا تفارقه إلا بفراق الروح عند الموت .
أما ما عداها من العلاقات الغرامية فلا دوام لها ، بل ستتحلل حتى يزول أثرها ،،، وكأن شيئا لم يكن .
|