طلال الرشيد - رحمه الله – ربطتني به أواصر صداقه امتدت لأكثر من خمسة عشر سنة. لازمته خلالها وعرفته عن قرب وتشربت من خصاله الجميلة ، وعندما طلب مني أخي وصديقي عبدالعزيز الرشيد كتابة موقف حدث لي مع أبي نواف ، تزاحمت المواقف الجميلة التي حدثت بيننا في مخيلتي ولو حاولت حصرها في هذه المساحة فلن أفلح، لذلك سأكتفي بذكر موقفين يحكي كل واحد منهما عن صفه من صفاته الجميلة ويجسدها.
قبل وفاته بعام واحد طلب مني – رحمه الله – البحث عن قصة مثل يتداوله عامة الناس أنشرها بفواصل، لم أتوان في تنفيذ طلبه. بعد فتره زرته بمنزله وسألته عن القصة فأجابني بأنها نشرت بالمجلة ، فقلت له كيف تكوم بنشرها وهي قصة غير حقيقة ، عندها تفاجأ وأمسك رأسه بكلتا يديه وبدت على محياه علامات الغضب، ثم قال لي : يا عبدالرزاق التاريخ أمانة في أعناقنا ، تركته فتره من الزمن وهو عاتب علي ثم قلت له بأن ما ذكرته كان مجرد مداعبه ، فوجدته يرتاح قليلا ويقول لي : لو سئلت عن مصدر هذه القصة سأقول لهم أنه عبدالرزاق .
كان طلال – رحمه الله – محبا لأصدقائه ، وفيا معهم ، حريصا على التواصل معهم وذات مره وفي إحدى رحلاته إلى الخارج فوجئت باتصال من قبله وكنت حينه خارج المملكة طلب مني خلاله اللحاق به وبمجموعة من زملائي ، ذهبت إلى حيث يتواجد وأثناء استمتاعنا بالرحلة أخبرنا بأن والد أحد أصدقائه بصدد اجراء عملية جراحية بفرنسا وأن عليه المغادرة الى فرنسا فورا، وأثناء ذهابنا الى المطار – أبو نواف الى فرنسا وأصدقائي الى السعودية ، فيما كان عليّ البقاء ليومين قبل العودة الى المنطقة التي قدمت منها - كانوا يداعبونني بأنني سأبقى وحيدا، وكنت بالفعل أشعر بالضيق ، بعد توديعي لهم ، وبينما أنا أقف خارج المطار فوجئت بأبي نواف يعود ويخبرني أنه سيبقى معي لأن تأشيرته لفرنسا لم تعد صالحة، سعدت كثيرا وبدأت أداعبه وأقول له : ليس من طبع أهلك ترك خوياهم ، فقال لي : والله اني نويت أتركك لحالك لكن حظ أهلك الي حال بيني وبين سفري.وبعد يومين قدم الى السعودية لإنهاء الإجراءات ومن ثم غادر الى فرنسا للحاق بوالد صديقه فكم كان أبو نواف وفياً.