كان الخليفة الراشد هارون الرشيد شديد الذكاء سريع البديهة و يمتلك من الفطنة ما لا يمتلكه غيره، و في أحد الأيام و هو جالس في مجلسه بين و زرائه و علمائه دخلت عليه أمرأة من آل برمك، و كانت هذه المرأة ناقمة و كارهة لهارون الرشيد حتى لم يكن على وجه الأرض أبغض إليها منه، و لكنها كانت امرأة شديدة الذكاء فلم تواجه بما في قلبها بل دعت له بقولها ” يا أمير المؤمنين أقر الله عينك، و فرّحك الله بما آتاك، و أتم سعدك، لقد حكمت فأقسط”، فرح الوزراء و من حول الخليفة بدعاء المرأة لخليفة المؤمنين هارون الرشيد على عكس الرشيد نفسه،
فقال لها الخليفة الرشيد: من تكونين أيتها المرأة ؟
فقالت المرأة: أنا من آل برمك ممن قـتلت رجالهم و أخذت أموالهم وسلبت نوالهم.
فقال هارون الرشيد: اما الرجال فقد مضى أمر الله فيهم، و أما المال فمردود إليك.
ثم ذهبت المرأة ، فتعجب من في المجلس من فعله ثم قال لهم أتدرون ما قالت المرأة ؟
فقالوا:ما نراها قالت إلا خيراً
فقال الرشيد: ما أظنكم فهمتم قولها ، أما قولها ” أقر الله عينك” فهي تدعوا علي بالعمى فقرار العين أي سكونها عن الحركة ، و أما قولها ” و فرحك الله بما أتاك” فهى تقصد قول الله تعالى ” حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغته ”، و أما قولها ” و أتم سعدك” فهي تقصد قول الشاعر إذا تم شئ بدأ نقصانه… ترقب زوالاً إذا قيل تم، و أما قولها ” لقد حكمت فأقسط” فهي تقصد قول الله تعالى ” و أما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا”
فتعجب الحضور من ذكاء المرأة وسرعة بديهة خلفية المؤمنين هارون الرشيد ..