أخي وصديقي طلال – رحمه الله – لم تكن تربطني به صلة قربى فحسب ، بل صلة قربى وصداقة حميمة .
وبحكم صلة القربى التي تجمع أسرتينا كثيرا ما كنت أسمع عن قريب لنا يدعى طلال الرشيد وأخ يصغره يدعى عبد العزيز ، وحينه بالطبع لم أكن قد التقيت بأي منهما،ولكنني كنت متشوقا لرؤيتهما .
وفي العام 1967م ، وحينها لم يكن عمري تجاوز الست سنوات ، التقيته للمرة الأولى عندما قدم وأسرته من جده للرياض ، مازلت أذكر لحظات التقاء أسرتينا ، فتلك اللحظات مازالت محفورة في الذاكرة وبكل تفاصيلها كانت لحظات مؤثرة، ولقاء من نوع فريد فالحفاوة التي استقبل بها الوالد الشيخ راكان سعود السبهان –رحمه الله – طلال واحتضانه له بحنان شد انتباهي ولفت انتباه طلال- رحمه الله- في ذات الوقت، فكلانا توقف طويلا عند تلك اللحظات رغم صغر سني عمرينا آن ذاك.
خلال ذلك اللقاء ومنذ الوهلة الأولى شعرت بشيء يشدني نحوه ويجذبني إليه ، وبعد استقرار أسرة طلال الرشيد بالرياض بدأ التواصل بين الأسرتين ، خاصة خلال فترات الإجازات والمناسبات ، ومنذ تلك اللحظة أيضا بدأت أواصر الصداقة تمتد بيني وبين طلال ، ورويدا رويدا توطدت تلك العلاقة حتى غدت حميمة ، وضلت متوهجة حتى غيبه الموت – رحمه الله – وخلال تلك الفترة عرفت طلال الرشيد عن قرب ، وتأثرت به وتشربت من خصاله الجميلة.
أما عن المواقف فبحكم القرابة والصداقة ، وملازمتنا لبعضنا البعض في أحايين كثيرة حدثت العديد من المواقف ، غير أن هناك موقفا حدث عندما رزقت بابنتي العنود ، هذا موقف لم يزول من الذاكرة ، لأنه يجسد نبل ووفاء هذا الشامخ ، ففي ذاك اليوم (10/5/1424) وتحديدا قبل وفاته بخمسة أشهر ، وبينما أنا ملازم لزوجتي بالمستشفى تفاجأت بوصوله لزيارتنا رغم أنه كان قد هاتفني من جدة وهنأني بالمولودة، كان – رحمه الله – قد حضر إلى المستشفى خصيصا لتهنئتي، وقاطعا كل تلك المسافة من أجل العنود ، ثم وجدته – رحمه الله – يدخل غرفة الأطفال ( الحضانات ) ومع صلاة فجر الجمعة ، لم ينتظر لأدله على الطفلة ولم يعر حديث الممرضة المشرفة التي سألت عمن يبحث لتدله أي اهتمام، بل قال لها: دعك فسأعرفها، ورغم وجود أكثر من تسعة أطفال بالغرفة إلا أنه ترك لفراسته العنان وسرعان ما وجدته يتعرف عليها ويقف عندها ويقرأ عليها ويدعو لها، وعندما وجد الدهشة بادية على إحدى الممرضات- وهي من جنوب أفريقيا- قال لها باللغة الانجليزية 0( أنا جاي أحيّر البنت ) أي أخطبها وعندما قلت له ( إلا هذي يا طلال بدري عليها ) أطلق ضحكة كانت غريبة بالنسبة لي ، ثم أردف قائلا ( أنا جاي علشانها ما جيت علشانك ، لأني أبغى من زمان أشوف ضناك) لقد رفضت حضور مناسبة زواج فهد العبد العزيز السبهان بحائل ، وآثرت الحضور من جدة لرؤية العنود، لأن الكل منشغل بالزواج فيما أنت بمفردك هنا بالرياض.
وفي صبيحة ذات اليوم دعاني طلال الرشيد – رحمه الله – إلى بيته وأثناء تناولنا لوجبة الفطور قال لي : ( أنت مفتكر إن البنت محيرة لي .. لاهي محيره لعبد العزيز) وعندما قلت له: ( ولكن هناك فارق في السن ) رد عليّ قائلا : ( علم نفسك)