وتسكنني جميع تفاصيلك .،
رغم ماتبدو عليه الحياة : ..
مُملة ..
ثقيلة ..
ومُتحاملة ..
:
نعم، فهمتُ معنى الواو في تلك الرحلة، فهي ليست مجرد أداة لغوية، بل هي جسر يصل بين النقاط، بين الفصول، بين العوالم المتباعدة التي تتلاقى وتتوحد في لحظة تتجاوز المفردات، لتكون هناك مساحة تكتمل فيها المعاني.
لكن ما بعد الواو؟ هناك حيث تكمن الدهشة، حيث تبدأ رحلة جديدة من التقاء الفكر بالحياة. ما بعد الواو هو المكان الذي يصبح فيه التعدد فرصة للتوحد، حيث تبرز الأبعاد الجديدة وتكشف عن الأفق الذي كنا نتجاهله، حين كنا محصورين في نقطة البداية. “ما بعد الواو” هو المكان الذي يتم فيه تجاوز الحدود، حيث يتم جمع الفكرة، الإحساس، أو اللحظة التي كانت مفصولة، ولكنها تجد معناها الكامل فقط في الترابط
أنا هنا لأفجر الصمت بكلمات، ولكني لن أضمن ماسيحدث بعدها..!
هكذا مشرفنا إسكادا الحياة ونحن ..
فجميعنا كالقمر له جانب مضلم ..
وحين تلتقي الكلمات تزف الورق تلك
الأسطر وتتأجج المسافات ويبقى حرف
الواو عطفا كعزف منفرد ..
ورحلة الإنسان تبدأ دائمًا بواو واحدة…
واو الوعي، حين يدرك المرء أن الحياة ليست مجرد أيام تتعاقب، بل هي حكاية تُكتب بمعانٍ خفية بين اللحظات.
واو الوهم، حيث يتخيل القلب أنه يملك زمام كل شيء، حتى تضحك الحياة وتكشف لنا هشاشة توقعاتنا.
واو الوصال، حين نتقن فن الربط بين أنفسنا والعالم، بين أرواحنا والآخرين، وندرك أن الانفصال وهمٌ آخر
إلى من تملك الحروف في يديها وتُسحر بها القلوب ..!
إلى من بدأت الحروف في كتابة نفسها، فكانت أنتِ الحرف الأول والأخير،
إلى من أضاءت حياتي بكلماتها وأضاءت لي دروب الأمل،
أرسل لكِ كلمات لا أملك غيرها، علّها تصل إلى قلبكِ الذي لا يشبع من الجمال.
الواو، حرفٌ عجيب، كما أنتِ، يُجمع بين الفكرة والفكر، بين المحبة والحلم، بين الوجود والغياب.
كم هي طويلة تلك الرحلة التي نسافر فيها مع هذا الحرف، ننتقل بين أحضان الحروف الأخرى، لكنه يبقى هو المحور، يحمل في طياته العجب والجمال.
الواو تجمع بين العزيمة والضعف، بين البُعد والقرب، بين الشوق واللقاء.
تأملي هذا الحرف يا عزيزتي، كيف يربط كل شيء معًا ليعطي معنى أكبر من مجرد الكلمات.
أنتِ، كما الواو، تُدخلين الحياة في كل شيء تلمسينه، تجمعين بين الزمان والمكان، بين الأمل والحزن، وبين القلب والروح. لا أستطيع إلا أن أجدكِ في كل زاوية من الحياة، بين الفرح والترقب، في لحظات السكون، وفي تلاطم الذكريات.
إذا كانت الواو تدل على التتابع والاتصال، فإني أرى فيكِ تتابعًا مستمرًا من الجمال والأمل.
وأنتِ، كما هي، من دونكِ لا تكتمل الحروف، ولا تتحقق المعاني.
أرسلت لكِ هذه الكلمات كي تدركي أن حتى الواو، الذي يعبر عن الاتحاد والترابط، ليس بجمال وصلتكِ إليّ.
في كل لحظة، أجدكِ في كل حرف، في كل شعور، وأتمنى أن تدركي أن ما بين سطور رسائلي، هناك نبض قلبٍ يهمس لكِ.
كانت الواو منذ الأزل جسراً، لا طريقاً. تمضي عمرها متصلة بين المعاني، لا تنتمي إلى طرفٍ دون الآخر. هي خيطُ النسيج الذي يربط الحلم بالواقع، ونافذةٌ تُطل منها العاطفة على منفى الكلمات.
في رحلة الواو، تكون البداية دائمًا مجهولة، لكنها تحمل في طياتها وعدًا بشيء جديد. قد تجمع عاشقًا بحبيبه، أو تفصل بينهما كما تفعل السماء حين تمد المطر للأرض لكنها لا تلامسها.
الواو، تلك العلامة الصغيرة، هي لحظة انتظارٍ بين الغصّة والابتسامة، بين القَسَم والمفارقة. هي التي تفتح بابًا للعزف على أوتار الألم، لكنها في الوقت نفسه تُبقي باب الأمل مواربًا.
في كل سطرٍ تُكتب فيه الواو، تبدأ قصة جديدة: لقاءٌ قد يأتي بعد ألف غياب، أو وداعٌ يترك خلفه حكاية لا تكتمل. هي رمزٌ للتواصل في عالمٍ يتقن الانفصال، وجُملةُ ترابطٍ في نصٍّ يملؤه الشتات.
ورحلتها ليست مجرد عبورٍ بين جملتين؛ بل هي انعكاسٌ لرغبة الإنسان في جمع ما تفرّق، في الوصل بين الأضداد، في أن يجد نفسه وسط متاهة من الحروف.
وفي رحلتي مع الواو، أدركت أنها ليست مجرد وصلٍ بين الحروف، بل هي رسالة خفية:
“في الحياة، لا شيء يكتمل إلا عندما تتصل أطرافه… بواو الحب، وواو الإيمان، وواو الأمل.”
تحيةٌ لهذه الواو، التي جمعت قلوبنا،
ورسمت على دفاتر العمر قصصًا تبدأ بـ”أنا وأنت”،
ولا تنتهي إلا عند “نحن”
أحيانًا، كان الحرف يأتي بسيطًا، “وأنتِ”، “وأنا”، و”وأنت”، لكن في كل مرة كانت تأتي فيها، كان يطفو معنا شعور غير قابل للتفسير، كما لو أن كل الوجود يتراكم في تلك اللحظة، وتغدو كل مشاعرنا مختصرة في تلك الواو فقط.
الواو كانت أملًا ممتدًا بيننا، وتلك المسافة التي تسبقها كانت مليئة بالأسئلة، بالآمال، حتى بالفجوات التي لا تقوى الكلمات على ملئها. كانت اللحظات بيننا مليئة بالانتظار، بالهمسات، بكلمات لم تُكتب، كانت لغة خاصة تتحدث دون أن نحتاج إليها.