كنت اتصفح صديقي الدائم الكتاب وأعجبتني هذه القصة وأحببت أن أنقلها لكم
ومما يعد من محاسن الشيم ومكارم أخلاق أهل الكرم و يحث على الوفاء بالعهود ورعاية الذمم ما رواة حمزة بن الحسين الفقيه في (تاريخه) قال لي أبو الفتح : كنا جلوسا عند كافور الإخشيدي. وهو يومئذ صاحب مصر و الشام وله من البسطة و المكنة ونفوذ الأمر وعلو القدر وشهرة الذكر ما يتجاوز الوصف و الحصر فحضرت المائدة و الطعام فلما أكلنا نام وانصرفنا ، فلما انتبه من نومه طلب جماعة منا وقال: امضوا الساعة إلى عقبة النجارين وسلوا عن شيخ منجم أعور كان يقعد هناك فان كان حيا فاحضروه وان كان قد توفي فسلوا عن أولادهم واكتشفوا أمرهم
قال فمضينا إلى هناك وسألنا عنه فوجدناه قد مات وترك بنتين أحداهما متزوجة
والأخرى عاتق فرجعنا إلى كافور وأخبرناه بذلك فسير في الحال واشترى
لكل واحدة منها داراً وأعطاهما مالاً جزيلاً وكسوة فاخرة وزوج العاتق وأجراء على كل واحدة منها رزقاً وأظهر أنهما من المتعلقين به لرعاية أمورهما فلما فعل ذلك وبلغ فيه ضحك ، وقال : أتعلمون سبب هذا قلنا : لا . فقال : أعلموا أني مررت يوماً بوالدهما المنجم وأنا في ملك أبن عباس الكاتب وأنا بحالة رثة فوقفت عليه فنظر إليّ واستجلبني وقال أنت تصير إلى رجل جليل القدر وتبلغ منه مبلغ كبير وتنال خيراً شيئاً فأعطيته درهمين كانا معي ولم يكن معي غيرهما فرمى بهما إليّ وقال أبشرك بهذه البشارة وتعطيني درهمين ، ثم قال وأزيدك أنت تملك هذه البلد وأكثر منه فاذكرني إذا صرت إلى الذي وعدتك به ولا تنسى . فقلت : له نعم . فقال : عاهدني أنك تفي لي ولا يشغلك ذلك عن افتقادي فعاهدته ولم يأخذ مني الدرهمين ، ثم أني شغلت عنه بما تجدد لي من الأمور والأحوال وصرت إلى هذه المنزلة ونسيت ذلك فلما أكلنا اليوم ونمت رأيته في المنام قد دخل علي وقال أين الوفاء بالعهد الذي بيني وبينك وأتمام وعدك ؟ لا تغدر فيغدر بك . فاستيقظت وفعلت ما رأيتم ثم زاد في أحسانه إلى بنات المنجم وفاء لوالدهم بما وعد والله أعلم .
نقلاً عن
المستطرف – للأبشيهي 200، 201
ولكم تحيات اخوكم الفرنسي