كانت الواو منذ الأزل جسراً، لا طريقاً. تمضي عمرها متصلة بين المعاني، لا تنتمي إلى طرفٍ دون الآخر. هي خيطُ النسيج الذي يربط الحلم بالواقع، ونافذةٌ تُطل منها العاطفة على منفى الكلمات.
في رحلة الواو، تكون البداية دائمًا مجهولة، لكنها تحمل في طياتها وعدًا بشيء جديد. قد تجمع عاشقًا بحبيبه، أو تفصل بينهما كما تفعل السماء حين تمد المطر للأرض لكنها لا تلامسها.
الواو، تلك العلامة الصغيرة، هي لحظة انتظارٍ بين الغصّة والابتسامة، بين القَسَم والمفارقة. هي التي تفتح بابًا للعزف على أوتار الألم، لكنها في الوقت نفسه تُبقي باب الأمل مواربًا.
في كل سطرٍ تُكتب فيه الواو، تبدأ قصة جديدة: لقاءٌ قد يأتي بعد ألف غياب، أو وداعٌ يترك خلفه حكاية لا تكتمل. هي رمزٌ للتواصل في عالمٍ يتقن الانفصال، وجُملةُ ترابطٍ في نصٍّ يملؤه الشتات.
ورحلتها ليست مجرد عبورٍ بين جملتين؛ بل هي انعكاسٌ لرغبة الإنسان في جمع ما تفرّق، في الوصل بين الأضداد، في أن يجد نفسه وسط متاهة من الحروف.