وصية الأمير المرحوم طلال الرشيد !!
وصية الأمير المرحوم طلال الرشيد !!
روى مستشار التحرير بمجلة فواصل عبدالله الراجح تفاصيل الايام الاخيرة من حياة الشاعر طلال العبدالعزيز الرشيد (الملتاع) يرحمه الله منذ ان غادر الرياض في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك بلباس الاحرام في طريقه لمكة المكرمة لاداء مناسك العمرة وحتى مغادرته الى الجزائر وآخر اتصال هاتفي له مع الفقيد قبل يوم واحد من مقتله في منطقة الجلعة بالجزائر.
وقال الراجح ودموعه تسابق كلماته لـ(عكاظ): الحديث عن الاخ الحبيب طلال الرشيد ابو نواف طويل وطويل وفي طياته تفاصيل لا تنسى على مدى اثنتي عشرة سنة ماضية عشتها قريبا منه لكنني الآن سأتحدث عن ايامه الاخيرة ففي يوم (15) رمضان الماضي او يوم (16) رمضان كان رحمه الله عاقد العزم على السفر الى مكة المكرمة لاداء مناسك العمرة وكان بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم متواجدا في مجلة فواصل وحضر لوداع كل الزملاء في مكتب المجلة وكان في سفراته السابقة لا يشعر زملاء العمل بذلك ربما حرصا منه رحمه الله على اشعار الجميع انه متواجد من اجل التزام الزملاء بالعمل لكن هذه المرة كانت مختلفة حيث حضر لتوديعنا
وفي ذلك اليوم امر بصرف راتب شهر شوال مقدما وهذه تحدث ايضا لاول مرة حيث اعتدنا على استلام رواتبنا شهريا لكنه اراد ان تساعدنا في مصاريف العيد وهنا بكى الزميل الراجح ثم عاد ليؤكد ان الفقيد كان حريصا على مساعدة المحتاجين من خلال صفحات (ارحموا من في الارض) حتى انه كان يشرف عليها شخصيا وقد وقع على صفحات الثلاثة الاعداد القادمة من المجلة.
واوضح انه يرحمه الله قبل سفره كان حريصا على ان يتضمن عدد المجلة في شهر رمضان بطاقة ادعية وقد اختار الادعية بنفسه من كتيب كانت قد اعدته زوجة طلال وقد اختار من الادعية عددا منها وضمنها في زاويته التي يكتبها اضافة الى البطاقة التي تصدر في قلب المجلة مع كل عدد حتى انه بعد سفره طلب مني ارسال الادعية فهي التي ستكون لان المعتاد ان يوضع في البطاقة شعرا واثر حرصا منه على ان يقرأه الناس ويدعون له وكان اهتمامه منصبا على هذا الامر وروى الراجح رحلة سفره من الرياض الى مكة
وقال: ودعته يوم سفره في المكتب ثم غادر الى منزله وبعد ذلك جاءني اتصال من مدير مكتبه ابراهيم القصيمي واخبرني ان طلال يريد ان احضر لمنزله لاقوم بايصاله الى المطار وهو لم يعتد ان يطلب منا ذلك في السابق وبالفعل ذهبت لمنزله فطلب مني ان اوصله بسيارتي ولبس ملابس الاحرام وكله ينصع ويسطع بياضا وبدأ يوصيني وبعض الزملاء الذين تواجدوا في المنزل اثناء سفره ان نكون اخوة متحابين متعاونين وكان احساسه ان هذا هو الوداع الاخير وكان يطلب مني ان اكون هادئا وان اسيطر على اعصابي لانه يعرف انني عصبي في بعض المواقف واوصاني على زملائي وطلب مني اشياء ابلغها للزميل عبدالله ناصر العتيبي مدير التحرير لمجلة فواصل واضاف..
اوصلته بسيارتي للمطار وودعني واخذني بالاحضان وكان هذا آخر لقاء مباشر معه رحمه الله واعطاني رقم هاتفه السيّار لاكون على اتصال معه ووصل لمكة المكرمة وامضى فيها بعد اداء مناسك العمرة حوالى اسبوع وبعد ان وصل الى الجزائر اتصل بي وقال لي: (صوتك يا عبدالله متغير هل تعاني من شيء?) فاخبرته انني لا اعاني من شيء لكنه يرحمه الله اصر على انني اعاني من شيء ما وبالفعل انا كنت اشعر بضيق لكنني لم احب ان اخبره بذلك, فطلب مني بعد ان نغلق الهاتف ان اتصل به ثانية واوضح له الامر الذي اعاني منه.
واكد الراجح ان وداعه قبل سفره هذه المرة كان مختلفا عن العادة وكان حديثه يحمل في طياته الوداع الاخير والكثير من الوصايا وقال: (بعد ان اغلق سماعة الهاتف وهو في الجزائر شعرت بالحنان الذي يحمله قلب هذا الرجل.. حنان الاب والاخ). واضاف: في يوم العيد اتصلت به وهنأته بالعيد وقلت له: (انا الوحيد الذي اتصلت بك وعيّدتك قبل الناس) فرد عليّ وهو يضحك: (انت الوحيد الذي يعرف رقمي فلا تمنّ عليّ). واوضح ان آخر اتصال تم بينه وبين الفقيد ثاني ايام عيد الفطر اي قبل مقتله بيوم.
الله يرحمك يا ( أمير ) الناس ، و( أمير ) الشعر ( العامي ) ..
الأمير الشاعر طلال الرشيد ..
رحمك الله يا ( رشيد ) العرب ...
|