اشكر صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل قاهر روؤساء العالم على ماقام به اثناء فترة منصبه ك وزير الخارجية
عد 40 عاما قضاها في دهاليز الدبلوماسية ترجل أخيرا وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل عن منصبه. الأمير الذي عين وزيرا للخارجية عام 1975 بعد أن خلا المنصب بوفاة والده الملك فيصل بن عبدالعزيز، كان ركنا أساسيا في صناعة السياسة الخارجية للدولة طيلة العقود الأربعة الماضية، مدافعا عنها، وشارحا لها بسبع لغات، وبلباقته التي لا تخطئها العين في أي مؤتمر صحفي يكون الفيصل طرفا فيه.
مواقف كثيرة يتذكرها السعوديون للفيصل، ليس آخرها موقفه الحازم في القمة العربية الأخيرة التي جرت بمصر، حين عقب على رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقمة، التي غالط فيها حول مواقف بلاده من القضايا العربية، ليرد الفيصل مباشرة، مبينا زيف المثالية الروسية المدعاة: “روسيا سلحت النظام السوري الذي يفتك بشعبه، وهذا النظام فقد شرعيته، وروسيا تتحمل مسؤولية كبيرة في مصاب الشعب السوري”. موضحاً أن “روسيا تقترح حلولا سلمية وهي مستمرة بتسليح النظام السوري”. وهكذا كان الفيصل لا يجامل إذا تعلق الأمر بالقضايا المصيرية للأمة العربية، على الرغم من أن السياسة السعودية في عهده عرفت بالواقعية والاتزان، وتجنب التدخل في شؤون الآخرين، مالم يقحم الآخرون أنفسهم في الشؤون السعودية، وهنا كان الرد يأتي حازما، بل ويصل إلى التلويح المباشر بالعقاب، كما قال ذات مرة قبل 4 سنوات حين سمع تلميحات عن تدخلات خارجية في السعودية: “أي اصبع سيأتي الى المملكة سنقطعه. والتدخل في شؤوننا الداخلية لن نقبله، كما اننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية لأحد. نحن دولة ترتكز على الشريعة الاسلامية ولن نقبل لومة لائم يرى في هذا النظام ما لا يعجبه”.
من مواقف الفيصل التي لن ينساها الخليجيون، موقفه في الأحداث التي شهدتها البحرين إبان الربيع العربي، حين حاولت إيران اللعب بورقة الطائفية لزعزعة استقرار البحرين، وقتها وجه الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز قوات درع الجزيرة بالتدخل في البحرين لفرض الأمن وإعادة الاستقرار، وهو ما حدث بالفعل، ليثير البعض في وسائل إعلام عربية وإيرانية إمكانية تدخل إيراني في مقابل التدخل الخليجي، فكان رد الفيصل حاسما، وهو أن أي زورق إيراني يقترب من البحرين، فإنه لن يرجع.
هكذا مزج سعود الفيصل بين الدبلوماسية الهادئة الرصينة، والحزم السياسي الذي يوصل للخصوم، والأصدقاء المراوغين، ما لا تستطيع الدبلوماسية إيصاله، ولعل تصريحاته الأخيرة عن “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين في اليمن، تكشف هذا المزيج، الذي ميز السياسة السعودية الخارجية، الفيصل قال بالحرف “”نحن لسنا دُعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها.” فالحرب ليست غاية أبدا، لكنها ليست خيارا مستبعدا، إذا تعرض أمن الوطن لخطر التدخلات.
قاوم الفيصل المرض، فكان يصر على أداء الواجبات المنوطة به، مهما زاحمته الآلام، وعاندته، إلا أنه لابد لكل فارس من أن يترجل، وهكذا قبل الملك سلمان بن عبدالعزيز طلبا من الوزير العتيد بإعفائه، من منصبه، فأعفاه وأبقاه مشرفا على الشؤون الخارجية، فهو يعلم بحكمته أن كل وزير يأتي بعد الفيصل هو في حاجة إلى خبرته ونصائحه، وذاكرته الثرية بالمعلومات والأحداثم ن اخوكم ابن العرب