مرض العصر

الآلام المزمنة.. مرض العصر


من المعروف أن أول وأكثر شكوانا عند المرض، قد لا تكون بسبب الداء، بل من جراء الإحساس بالألم. وقد يمثل الألم، سببا يقلق مضجعنا لفترات طويلة من أعمارنا. وفي الوقت الذي وصل العلم لاكتشاف حلول وعلاجات للأمراض، بصورة جعلت من بعض الخبراء يطلقون على السرطان (المرض المزمن)، لكن ذلك زاد من حالات الآلام المزمنة. وعليه فيمكن اعتبار لألم أحد أمراض العصر التي يجب علينا معرفة أسبابه وتفاديها. وهو الأمر الذي سبب ولادة تخصص خاص له يسمى 'أمراض الآلام المزمنة'.
تعريف
بشكل عام، تنقسم الآلام إلى نوعين:
الأول: الآم حادة وهي الآلام التي تنتج عن تهيج حساسيات الألم نتيجة لسبب طارئ مثل آلام ما بعد العمليات، ألم الظهر، الصداع النصفي، المغص) وعادة تتم السيطرة عليها بعلاج المسبب وبالمسكنات.
أما الثاني: فهو الألم المزمن وهو الذي يستمر حتى بعد زوال مسببه أو لا يمكن السيطرة كليا على مسببه (مثل آلام العضلات والمفاصل المزمنه، آلام الظهر المزمن، الصداع، آلام الأمراض السرطانية، الآلام العصبية، وغيرها).


من ناحيته، عرف الدكتور طارق سنان استشاري الأشعة التداخلية، آلام الظهر المزمنة، بكونها تلك الآلام التي تظهر وتستمر لفترة تتجاوز الثلاثة أشهر. أما تلك التي لا تتجاوز مدة استمرارها الاسابيع الستة فتعرف بآلام الظهر الحادة. بينما تسمى تلك التي ما بين الأسابيع الستة والأشهرالثلاثة بآلام الظهر شبة المزمنة.
ونبه الدكتور إلى كون فترة 'الآلام الحادة' هي الفترة التي يجب أن يلجأ المريض فيها الى تحري السبب والعلاج. وذلك لكون العلاج في هذه المرحلة ابسط مقارنة بعلاج المراحل المتقدمة من آلام الظهر بخاصة. فكلما ازدادت فترة الإحساس بالألم، تطور ليتحول إلى مرحلة مزمنة.

الرابطة

صرح الدكتور طارق سنان استشاري الأشعة التداخلية، وأختصاصي علاج آلام الظهر المزمنة، بانه تم تكوين وتشكيل رابطة الآلام المزمنة الكويتية وهي الأولى من نوعها في هذه المنطقة. وسيتم قريبا عمل حملة توعية إعلامية في مختلف وسائل الإعلام. كما سيتم ترتيب محاضرات أسبوعية وشهرية تهدف إلى توعية الجمهور. بالإضافة إلى ورش عمل باستضافة متخصصين عالميين. ويتم الترتيب حاليا لعمل أول ماراثون خاص بالرابطة لتوعية الجمهور عن سبل تجنب آلام الظهر المزمنة.
ومؤسسو الرابطة، هم الدكتور إبراهيم الهادي استشاري التخدير وعلاج الآلام المزمنة (رئيس الرابطة)، الدكتور محمد شمساه، استشاري التخدير والآلام المزمنة (نائب الرئيس)، الدكتور طارق سنان استشاري الأشعة التداخلية، وعلاج آلام الظهر (مسؤول اللجنة العلمية)، الدكتور عزيز الفيلي، اختصاصي الطب الطبيعي والتأهيل الطبي( أمين السر)، والاختصاصي علي المهنا، اختصاصي العلاج الطبيعي. وستضم في عضويتها أطباء من تخصصات أخرى مثل جراحة العمود الفقري، وجراحة الأعصاب، وكذلك اختصاصيين وممرضات.

الهدف

تهدف هذه الرابطة إلى نشر الوعي بين المواطنين والأطباء وأعضاء الهيئة التمريضية وبأسباب وطرق والوسائل الحديثة لعلاج الآلام المزمنة، بما في ذلك تلك الناتجة عن مشاكل العمود الفقري، المفاصل، أمراض سرطانية، والكسور وغيره. ومن الأهداف أيضا، توعية الأطباء، خصوصا من هم في الرعاية الطبية الأولى. بالتالي:
أسباب الآلام المزمنة
كيفية التعامل معها
كيفية الوقاية منها
إيضاح طبيعة هذه المشكلة للتغلب على الجانب النفسي للألم
الدعوة عامة

ودعا الدكتور طارق الجمهور إلى التواصل مع الرابطة سواء للاستفسار أو الاستشارة في أمور العلاج المزمنة. فأعضاء الرابطة هم من أفضل الأخصائيين الذين يمكنهم علاج الآلام بأفضل الوسائل بما في ذلك علاج آلام العمود الفقري، علاج آلام المفاصل، العلاج التداخلي البسيط، الحقن الأسمنتي لعلاج الفقرات، العلاج بالإبر الصينية، التأهيل الطبيعي،و أفضل الوسائل لعلاج الآلام المزمنة.
إحباط ومعاناة

أشار الاستشاري إلى انتشار الآلام المزمنة في الكويت، وفي جميع الدول وبكونها أكثر انتشارا بين النساء. وبأنها نتاج لأمراض مزمنة ومن أصعبها من ناحية التعامل والعلاج. وفي كثير من الأوقات يؤدي طول فترة الإحساس بالألم إلى إحباط المريض وإلى المعاناة النفسية بالإضافة إلى الجسدية.
أسباب

1- العمود الفقري: ومن ابسط أسبابه هي: الانزلاق الغضروفي، العيوب الخلقية، انزلاق الفقرات الظهرية. التهاب المفاصل والحوض، ضيق قناة العمود الفقري، الكسور بأنواعها، والكسور الناتجة عن هشاشة العظام.
2- الأمراض السرطانية، أو أي ورم يؤثر على الجهاز العصبي ويؤدي لآلام مزمنة ومبرحة. لصعوبة وطول فترة العلاج التي يتطلبها الورم.
3- آلام المفاصل: وتشمل جميع المفاصل، وقد تكون نتاجا للخشونة أو الروماتيزم أو الإصابة.

كيفية التعامل

وفي هذا السياق، أشار الاستشاري إلى أمور عامة تحدد كيفية التعامل مع الآلام المزمنة ،منها:
1- توعية أطباء الرعاية الأولية، مما يمكنهم من تحويل المريض إلى الطبيب المناسب والمتخصص مبكرا، لتشخيص وعلاج الآلام المزمنة، وأسبابها.
2- استخدام العلاج المناسب للمرض. وهذا يختلف سواء في نوع الدواء وطريقة التعامل واستخدام التداخل البسيط مثل ابر الحقن. فقد أدى التطور الطبي إلى طرح العديد من الحلول لأمراض كان ميؤسا من علاجها في السابق. فيمكننا الآن مثلا استخدام الطريقة الحديثة لتحجيم الديسك بواسطة الإبر ويمكن معالجة كسور الفقرات التي تنج عن هشاشة العظام بواسطة البالون والاسمنت الطبي. فيما يمكن علاج آلام الأمراض السرطانية، بواسطة الأدوية وحقن العصب.
3- كما يجب ألا ننسى دور الطب الطبيعي والتأهيل الصحي، حيث يتوافر لدينا محليا أطباء ومتخصصون لعلاج الآلام المزمنة، كالدكتور إبراهيم الهادي. بالإضافة إلى أطباء حاصلين على شهادات علمية في الوخز الصيني مثل الدكتور عزيز الفيلي.
معاناة طويلة

وللأسف، فمعظم المرضى لا يلجأون إلى تقصي المساعدة الطبية إلا بعد فترة طويلة وأكثر من اللازم. فلا يراهم الأختصاصي إلا بعد تطور الألم وأسبابه بشكل يعقد فيه من طرق العلاج. والسبب الرئيسي وراء ذلك هو قلة أو عدم الوعي، سواء بين المرضى أو الأطباء بوجود المتخصصين بعلاج آلام الأمراض المزمنة.
العمليات الجراحية
وعن دور جراحة العمود الفقري، أضاف الاستشاري قائلا: 'هنالك دور مهم للجراحة. بيد أن توجه الطب الحديث واستنادا على معظم الدراسات العالمية الحديثة، أثبت بان نسبة رجوع آلام الظهر لمرضى العمليات يتراوح ما بين ال 50 و60 %. ولذلك فأصبحت العمليات تجرى للحالات الطارئة أو الخطرة مثل الشلل'.
الخلل

إن الإصابة أو حدوث خلل في ديناميكية العمود الفقري يترتب عليها حدوث ضعف في هذه المنطقة، مما يؤدي إلى رفع نسبة الخطر من إصابة هذا الإنسان بمشاكل الأمراض المزمنة، سواء نتيجة لنفس السبب أو لأسباب أخرى. لذلك نصح الدكتور المريض بالوقاية وبحماية العمود الفقري. عن طريق الرياضة ( المشي والسباحة)، تخفيف الوزن، الجلوس في الوضعية الصحيحة، وغيرها من النصائح الصحية.
آلام الظهر مصدرها دماغي

توصل فريق من الباحثين الألمان إلى أن المرضى الذين يعانون من الآلام المزمنة في الظهر ويتعرضون مع مرور الوقت لتغيرات بنيوية مجهرية في المناطق المسؤولة عن الألم في الدماغ. مما يؤكد أن أوجاع الظهر المزمنة ترتبط بتغيرات تحصل في الدماغ، وهو أمر قد يشجع على إجراء أبحاث بهدف إيجاد العلاجات المناسبة لهذه الأوجاع.

العقل يخفف الألم

إن الاستخدام الجيد للعقل والتفكير يمثل السر في تخفيف الألم بشكل طبيعي. وابسط مثال على ذلك هو إن الفرق الملاحظ بين الشخص والآخر في القدرة على تحمل الألم. ففي الوقت الذي تجد البعض لا يستطيعون تحمل وخز إبرة، نجد إن الآخر يقومون بالنوم على سرير من الإبر من دون الشكوى من أي الألم. وقد يكون السبب عنا هو القدرة على التحكم بمصادر أو بإشارات الألم في الدماغ. وهذا هو ما حاول إيضاحه الباحثون في دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية من أن الاسترخاء والتأمل وتصفية الذهن تعد من أهم الوسائل الطبيعية التي تساعد على التخلص من الآلام المزمنة من دون الحاجة إلى الجراحة أو تعاطي العقاقير الدوائية المسكنة.
الاسترخاء عكس التوتر
لقد وجد الخبراء أدلة تشير إلى أن الاسترخاء فعال في تخفيف أوجاع أسفل الظهر وآلام الصداع والتهابات المفاصل وغيرها من الاعتلال ذات الآلام المزمنة وإلى زيارات طبية قليلة.
وللتذكير، فالاسترخاء هو حالة ذهنية متزنة الناتجة عن تصفية الذهن والتخلص من الأفكار السلبية التي تشجع الألم ويتم فيها تركيز التفكير على تكرار كلمة أو فكرة معينة أو بعدد مرات التنفس
وأوضح الباحثون أن الاسترخاء كالتوتر تماما ينشأ داخل الجسم ويؤثر عليه، فعندما يسترخي الإنسان ترتخي عضلاته المشدودة ويبطؤ تنفسه وعمليات الأيض في جسمه ويقل ضغط دمه. كما تنخفض حدة العواطف والانفعالات. أما في حالة التوتر أو القلق فيتهيأ الجسم لحالة الكر أو الفر وما يتبعها من تهيجات وارتفاع من نشاطات اجهزة الجسم كافة.


علاج الديسك
بلا جراحة

تعتبر الطرق البديلة عن الجراحة المفتوحة هي المفضلة، وذلك نتيجة لتعقيدات ومضاعفات العملية التي من ابسطها مضاعفات التئام جروح العظام والأنسجة، بالإضافة إلى تضرر العظم. ومن نفس المنطلق، فيعتبر التدخل البسيط هو الأفضل دائما. وعلية تم عمل دراسة محلية لتقييم طريقة تحجيم (أو تصغير) الديسك بواسطة ابر التردد الصوتي، كإجراء لعلاج مشاكل الديسك من دون الحاجة إلى عملية جراحية. وقد ضمت عينة هذه الدراسة الأولى من نوعها محليا على 100 مريض تتراوح أعمارهم ما بين 20و 66 سنة، (63 رجلا و37 امرأة). وتمت فيها متابعة وتقييم تحسن الحالة ومضاعفاتها، ونسبة التخلص من الألم. ويمكن تلخيص النتائج كالتالي: بعد مرور 6 أشهر من الخضوع لعملية تصغير أو تحجيم الديسك، سجلت نسبة نجاح بنسبة 75 %. فيما سجلت نسبة نجاح بنسبة 71 %، بعد مرور السنة. وعلية يمكن اعتبار هذه الطريقة من العلاج كبديل ناجح وبسيط وذو مضاعفات محدودة جدا مقارنة بالعمليات الجراحية. وقد تم اعتماد هذه الطريقة كخطوة في علاج مرضى الديسك قبل اللجوء إلى العملية الجراحية أو كبديل للجراحة في كثير من الحالات.


مفهوم جديد

يمكن الاستنتاج من خلال ما هو موضح في هذا الملف بأن الألم هو إدراك، وليس في الواقع إحساسا، (مثل البصر والسمع). وينتج من الحساسية لتغيرات في مادة الأنسجة الكيماوية التي تصل للحبل الشوكي والمخ، و يتم بعد ذلك تفسيرها بأنها ضارة. والمثير هو كون الألم العارض المشترك لمعظم الأمراض وبأنه السبب الأساسي من وراء زيارة المعظم منا للطبيب. فمعظمنا قد يحس بالضيق او حتى يرى الجروح او يشك في إصابته بمرض ما، ولكنة لا يذهب للطبيب إلا بعدما يشعر بالآلم. وأكبر مثال على ذلك، 'ولا استطيع ان أتفهمه' هو كيفية سكوت البعض منا على بعض الأورام التي تكون بينه وواضحة وضوح الشمس. فلم يعد من المستغرب لدينا، ان يتم مريض على مدى سنوات يراقب تطور وتوسع ورم في منطقة ما من جسمه، وأن لا يلجأ للاستشارة الطبية إلا عند بدأ إحساسه بالألم وبعد وصول السرطان لمراحل متأخرة جدا. مما يدل إننا قد لا نلجأ إلى الطبيب إلا نتيجة لإحساسنا بالألم فقط. وأن نتجاهل أعراضنا الأخرى ونتغاضى عن الأمراض مادام الألم غير موجود. ولكن المشكلة هنا تكمن في صعوبة إذا لم تكن في استحالة علاج سبب المرض في هذه المراحل المتأخرة، مما يترتب عليه تركيز العلاج في هذه المرحلة على تخفيف الألم فقط.
وللتخلص من الألم يلجأ الأطباء أولا إلى علاج المرض المسبب له. ولكن في بعض الحالات المرضية المستعصية قد تستمر الآلام رغم المحاولة في علاج المرض أو من دون وجود سبب واضح للألم، وعندها يوجه الأطباء جهودهم إلى التخفيف أو السيطرة على قوة الآلام بما يسمى بعلاج الألم.

القبس