نرجع للباقى من المختارات
ارحموا عزيزاً ذل
وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طيء فريقاً من جنده
يقدمهم علي رضي الله عنه
ففزع عدي بن حاتم الطائي -( وكان من أشد الناس عداء
لرسول الله صلى الله عليه وسلم) –
إلى الشام فصبَّح علي القوم واستاق خيلهم ونعمهم ورجالهم ونساءهم إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فلما عرض عليه الأسرى نهضت من بين القوم سفانة بنت حاتم الطائي
فقالت: يا محمد ... هلك الوالد .. وغاب الوافد..
فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب!
فإن أبي كان سيد قومه يفك العاني، ويقتل الجاني، ويحمي الذمار، ويفرج عن المكروب ،ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ويحمل الكل ويعين على نوائب الدهر
وما أتاه أحد في حاجة فرده خائباً
أنا بنت حاتم الطائي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جارية هذه صفات المؤمنين حقاً
لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق
ثم قال: ( ارحموا عزيزاً ذل وغنياً افتقر وعالماً ضاع بين جهال)
فامتن عليها بقومها فاطلقهم تكريما لها.
فاستأذنته بالدعاء له، فأذن لها وقال لأصحابه: اسمعوا وعوا.
فقالت: أصابك الله ببرك مواقعه ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ولا سلب نعمة عن كريم قوم
إلا جعلك سببا في ردها عليه.
فلما أطلقها رجعت إلى أخيها عدي وهو بدومة الجندل
فقالت له: يا أخي إيت هذا الرجل قبل أن تعلقك حبائله فإني قد رأيت هدياً ورأياً
سيغلب أهل الغلبة ورأيت خصالاً تعجبني
رأيته يحب الفقير ويفك الأسير ويرحم الصغير ويعرف قدر الكبير وما رأيت أجود
ولا أكرم منه فإن يكن نبياً فللسابق فضله وإن يكن ملكاً فلن تزال في عز ملكه
فقدم عدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وأسلمت سفانه.
حبست مع الدجاج
يحكى أن أبو دلامة كان يشرب في الحانات, فمشى وهو يميل فلقيه العسعس
( الأمن) فأخذوه
فقيل له: من أنت؟ وما دينك!
فقال:
ديني على دين بني العباس......ما ختم الطين على القرطاس
ٳذا اصطبحت أربعاً بالكاس...... فقد أدار شربها براسي
فهل بما قلت لكم من باس
فأخذوه وخرقوا ثيابه وساجه وأتى به ٳلى أبي جعفر فأمر بحبسه مع الدجاج في بيت
فلما أفاق جعل ينادي غلامه مرة, وجاريته مرة أخرى فلا يجيبه أحد وهو مع ذلك يسمع صوت الدجاج وزقاء الديوك.
فلما أكثر قال له السجان: ما شانك؟
قال: ويلك من أنت !! وأين أنا !!!!
قال: أنت في الحبس وأنا السجان
قال: ومن حبسني!!
قال: أمير المؤمنين
قال: ومن خرق طيلساني!!
قال: الحرس
فطلب أن يأتيه بدواة وقرطاس, ففعل, فكتب ٳلى أبي جعفر المنصور يقول:
أمير المؤمنين فدتك نفسي...... علام حبستني وخرقت ساجي
أمن صهباء صافية المزاج...... كأن شعاعها لهب السراج
وقد طبخت بنار الله حتى...... لقد صارت من النطف النضاج
تهش لها القلوب وتشتهيها...... ٳذا برزت ترقرق في الزجاج
أقاد ٳلى السجون بغير جرم...... كأني بعض عمال الخراج
فلو معهم حبست لكان سهلاً...... ولكني حبست مع الدجاج
وقد كانت تخبرني ذنوبي...... بأني من عقابك غير ناج
على أني - وٳن لاقيت شراً...... لخيرك بعد ذلك الشر راج
.
.
.
فاستدعاه المنصور وقال: أين حبست يا أبا دلامة !!
قال: مع الدجاج
قال: فما كنت تصنع
قال: أقوقئ ٳلى الصباح
فضحك وخلى سبيله....وأمر له بجائزة...
فلما خرج قال له الربيع: ٳنه شرب الخمر يا أمير المؤمنين!!!!
أما سمعت قوله (( وقد طبخت بنار الله)) – يعني الشمس - فأمر برده
ثم قال: يا خبيث, شربت الخمر!!
قال: لا
فقال: أفلم تقل: طبخت بنار الله – تعني الشمس -؟
قال: لا والله ما عنيت ٳلا نار الله الموقدة التي تطلع على فؤاد الربيع!!
فضحك المنصور.. وقال: خذها يا ربيع ولا تعاود التعرض له
لو علمت بحاله لولجت عليه
قال بشر بن سعيد: كان بالبصرة شيخ من بني نهشل نزل ببني أخت له في سكة بني مازن فخرج رجالهم ٳلى ضياعهم وذلك في شهر رمضان وبقيت النساء يصلين في المسجد, فلم يبق في الدار ٳلا كلب يعس, فرأى بيتا فدخل وانصفق الباب, فسمع الحركة بعض الٳماء فظنوا أن لصاً دخل الدار.
فذهبت ٳحداهن ٳلى الشيخ وليس في الحي رجل غيره فأخبرته..
فقال: ما يبتغي اللص منا؟....
ثم أخذ عصاه وجاء حتى... وقف على باب البيت فقال: ٳيه يا ملأمان !
أما والله ٳنك بي لعارف, وٳني بك أيضاً لعارف فهل أنت ٳلا من لصوص بني مازن شربت حامضاً خبيثاً حتى ٳذا دارت الأقداح في رأسك منتك نفسك الأماني
وقلت: أطرق بني عمرو والرجال خلوف والنساء يصلين في مسجدهن, فأسرقهم, سوأة لك! والله ما يفعل هذا الأحرار!
ليس والله ما منتك نفسك, فاخرج وٳلا دخلت عليك فصدمتك مني العقوبة, وأيم الله لتخرجن أو لأهتفن هتفة مشؤومة يلتقي فيها الحيتان: عمرو وحنظلة ويجيء سعد بعدد الحصى ويسيل عليك الرجال من هاهنا ومن هاهنا ولئن فعلت لتكونن أشأم مولود..
فلما رأى أنه لا يجيب أخذه باللين وقال: اخرج بأبي وأمي! ٳني والله ما أراك تعرفني, ولو عرفتني لقنعت بقولي واطمأننت ٳلي!
أنا عروة بن مرثد أبو الأعز وأنا خال القوم وجلدة ما بين أعينهم لا يعصونني في أمر وأنا لك بالذمة كفيل خفير أصيرك بين شحمة أذني وعاتقي , لا تضار, فاخرج فأنت في ذمتي, وٳلا فٳن عندي قوصرتين أهداهما ٳلي أختي البار الوصول, فخذ ٳحداهما فانتبذها حلال من الله تعالى ورسوله!
(وكان الكلب ٳذا سمع الكلام أطرق, وٳذا سكت وثب يريد المخرج)
فتضاحك أبو الأعز ثم قال: يا ألام الناس وأوضعهم, لا أرى ٳلا أني الليلة في واد وأنت في آخر.
ٳذا قلت لك: السوداء والبيضاء تسكت وتطرق, فٳذا سكت عنك تريد المخرج, والله لتخرجن بالعفو عنك, أو لألجن عليك البيت بالعقوبة, فلما طال وقوفه.......... جاءت جارية من ٳماء الحي.....
فقالت: أعرابي مجنون والله ! ما أرى في البيت شيئا ودفعت الباب فخرج الكلب, وحاد عنه أبو الأعز ساقطا على قفاه !!!!!
ثم قال: أما والله لو علمت بحاله لولجت عليه.
جوع كلبك يتبعك
كان أحد ملوك حمير عنيفاً على أهل مملكته يغصبهم أموالهم ويسلبهم ما في أيديهم وكانت الكهنة تخبره أنهم سيقتلونه فلا يحفل بذلك.
وسمعت امرأته أصوات السؤال فقالت: إني لأرحم هؤلاء، لما يلقون من الجهد ونحن في العيش الرغد وإني لأخاف عليك أن يصيروا سباعاً وقد كانوا لنا أتباعاً
فرد عليها وقال: جوع كلبك يتبعك!!
فلبث بذلك زماناً ثم أغزاهم فغنموا ولم يقسم فيهم شيئا فلما خرجوا من عنده قالوا لأخيه - وهو أميرهم: قد ترى ما نحن فيه من الجهد ونحن نكره خروج الملك منكم – أهل البيت – إلى غيركم
فساعدنا على قتل أخيك واجلس مكانه.
وكان قد عُرف بغيه واعتداءه عليهم فأجابهم إلى ذلك فوثبوا عليه فقتلوه!!
فمر به عامر بن جذيمة – وهو مقتول – وقد سمع بقوله:
جوع كلبك يتبعك
فقال: ربما أكل الكلب مؤدبه إذا لم ينل شبعه!!
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
