كاتبة جزائرية : ترثي طلال الرشيد
الجـــزائر بريئـــة .. يا طـــلال ...
بقلم : جنات بو منجل *
ذات زمن ،، كان وطني أجمل من حلم عذراء نقية
وأدفأ من ضحكة طفل شقي
وأروع مما تتصورون
ذات زمن ،، كان وطني طيورا و غزلانا و ربيعا لا ينتهي وأمانا لا ينضب ...
كان يستقبل ضيوفه بالمواويل والأهازيج ، والخيم الصحراوية وأعراس الرحل و الولائم و القصص التاريخية و الأحضان الأجمل .
كان وطني أروع يا طلال ... بصحرائه الواسعة ، بأرواح الأمهات الطيبات ،، بجباله الشامخة ، ببحره ووديانه و مروجه الخضراء وعظمة رجاله الصامدين ..
كان وطني أرقى يا طلال ... أقسم أنه كان قصيدة من سحر السهل الممتنع ..!
كان جميلا لو تدري .. حتى انه لم يغلق شبابيكه ليلا في وجه أية نسمة حب .. و لم يوصد أبوابه في وجه كل عابريه .. كبرنا ونحن نحبه ،، ونحلم أن يظل جميلا ..كأي حلم رعيناه ،، حتى نما و اصبح فتيا ...
إلى أن طلعوا من الظلام يا طلال ...
وجوه لا تشبهنا .. لا تحمل بياض قلوبنا .. لا تشي بنا ،، أبدا لا تشبهنا في اي شيء ،، رغم انها تحمل الهوية نفسها و الدم نفسه ، رغم انهم ترعرعوا في الأرض ذاتها ، تحت ظلال أشجارنا ،، وفي رحابة شواطئنا ، و جمال بساتيننا ،، ركضوا و ترعرعوا و كبروا على الأرض ذاتها يا طلال ، لكنهم لا يمتون لأحلامنا بصلة ،، لا ينتمون إلى أرواحنا بشيء ...
إلى أن طلعوا شوكا من بين ورود الأمان
لم يعد في السماء طير ... تشردت الغزلان أيها الراحل .. و انتهى الأمان ،،،
صارت الشبابيك قضبانا حديدية ، و الأمان خوفا ، و السماحة ضغينة ،، و الطرقات الدافئة مسالك نحو الموت ... و الأعراس جنائز لا تنتهي ..و الفرح حزنا متصلا لا يخفت وهجه ...
اسأل كل الأمهات اللواتي فقدن أزهار أعمارهن ،، هؤلاء الذين لم يعودوا لقضاء عطلة العيد معهم
أسال كل أب يخفي غصته في الوريد و يشد عليها سترته القديمة
أسال كل بيت تعلق فيه صورة شهيد أو فقيد ...
إلي أن طلعوا من بين الأماني كوابيس لا تنتهي ..
فتخيلوا أنهم أبطال الزمن الذي سيجي ء
وأن رصاصاتهم كاتمة للحب ..و الطيبة ..و السلام
قتلوك ؟!
بئس ما فعلوا ...و ما اقترفت أياديهم
بئس ما جنوا على وطن كان لهم خير أم و أفضل حضن
بئس ما اقترفوا في حق كل جزائري يحمل وزرهم على عاتق حاضرة و مستقبله
فأما الماضي فقد كان للرجال الرائعين ..
كاتبه جزائرية
|