من نوادر القصص ( قصة في ثلاث روايات )

يقال أنه رجل ذهب يرود الأرض بحثا عن منابت الكلا ووجد أحد الفياض الخصبة معشبة وما لبث أن شاهد رجل غريب
كان هو الأخر يبحث عن العشب لمواشيه فقال أحدهما للأخر من أنت فقال فلان ومن القبيلة الفلانية وابحث عن كذا
فقال الثاني من أنت فقال مثل ما قال له الرجل الأول وكان كل منهما فارس ومن قبيلة ثانية فتعاهدا أن يحمي كل منهما صاحبه
من قبيلته ويكونان يد واحدة على الأعداء في سبيل التعايش السلمي في هذه الديار الخصبة ولم يبقى أمامهما إلا معرفة ما يملك صاحبه .
فقال أحدهما ماذا ورائك ، فقال زوجتي وراعي ابلي وابنتي، وكان الرجل السائل لديه زوجته ،
وراعي ابله وابنه ، وقد كره أن يذكر هذا الابن خشية نفور الجار لكونه لديه بنت ، فقال : وانا مثلك عندي زوجتي وابنتي وراعي ابلي ،
فعاد كل منهما على وعد ان يرحل كل واحد ينزل بالمكان المخصص ، وعندما عاد والد الابن الى بيته ابلغ ابنه وزوجته وراعي ابله بالواقع
وامر ابنه ان يلبس لباس فتاة ويخفي نفسه بحيث لا يعلم الجار وفعلا لبس الفتى لباس فتاة وتجاورا والد الفتى ووالد الفتاة ،
وكانت الفتاتان تسرحان بالزمل وكانت تمرحان في الغدران ، فتنزل الفتاة الحقيقية لتسبح بالغدير بينما الفتى المتلبس يدير ظهره ،
وقد مضى على هذا الوضع زمن ، وكان الفتى اشد حياء من العذراء بخدرها ،
حتى ان الفتاة اصابها شكوك من زميلتها فأسرت لاهلها ولكنهم انبوها وقالوا :
لا يمكن جارنا يخدعنا وهو الرجل الطيب . وفي احد الايام اغاروا الاعداء على ابل الجارين فأخذوها فركب الآباء الخيل لرد الابل ولكن
المهاجمين كانوا أقوى ، فطعن والد الفتاة وكسرت احدى رجليه ، وعاد والد الفتى يحمل والد الفتاة ، فصاح الولد بوالدته ان تشد له الفرس ،
وتحهز سلاحه ، وكانت المصيبة العظمى على والدة الفتاة عندما تحولت ابنة الجيران الى فتى ، فقالت يا ذلاه ، فتاتنا هتكت ، ورجلنا كسر ،
وابلنا اوخذت ، ثم جائها الفتى فأقسم أمامها انه لم ينظر لفتاتها وانها مثل والدته ، ثم لحق بالابل وقد حالفه الحظ فأعاد الابل من الاعداء ،
وقد كشف والد الفتى وامه الاسباب الكامنه وراء تخفي والدهم ، وماهيه الا حياء من الجار ، وقد مضى وقت آخر على وجودهما جيران ،
حيث تحولت الزمالة بين الفتى والفتاة الى حب حقيقي ، ولم يستطع الفتى من خطبة الفتاة من شدة الحياء وبعد زمن رحل كل من الرجلين الى قبيلته ،
فاصيب الفتى بداء الغرام وطواه الهيام حتى فكر والده انه مصاب ، حيث احضر له رجل حاذق من اطباء الاعراب فقال : ابنكم يحتاج الى الكي بالنار ،
وفعلا احمى منشار بالنار لكي يكوون الفتى ، فارتجل الفتى وقيل اسمه فراج ابيات منها قوله :

يا محمي المنشار بالنـار خلـه=جروح قلبي حاميـات مكاويـه
بي علة بالقلـب ياويـل علـه=من غير شف البال محد يداويه
ما طيب لو تكفى على القلب مله=انا بلا قلبي على فقـد غاليـه
الصاحب اللي ينزع القلب كلـه=اتلا العهد بالعافيه قبل اخاويـه
اليوم مدري وين نلقـى محلـه=هذي ثلاث سنين والقلب يرجيه

]
ثم ابلغ والده بالواقع وماكان من والده الا ان يشد الرحال لاهل الفتاة ليخطبها من والدها لكي ينقذ ابنه من السقم الذي حل به بسبب الفتاة .
وهنا تتشعب القصة الى ثلاث روايات .
الاول قال : ان الفتى ذهب بمفرده ولجأ الى شيخ قبيلة الفتاة وصارعنده فداوي ،
واتصل بالفتاة وكان آخرالليل يلتقي معها .حتى اكتشف الشيخ هذا العمل الذي يقوم به فداويه ،
فسأله فأخبره الفتى ، فقال سأنظر في موضوعكما بعد التأكد .
وفي اليوم التالي ارسل الشيخ احد جواريه سرا وقال : قولي لها بأن فلان قد مات .
فلما ابلغتها بذلك شهقت وفارقت الحياة . وعادت الجارية الى سيدها واخبرته بما حصل ، فجاء يعتذر للفتى فقال له :
لقد فعلت كذا لكي اختبر حبها لك لاقوم بتزويجكما
وحدث ما حدث والان سوف ازوجك فتاة افضل منها ، فقال الفتى لا بد ان اراها للمرة الاخيرة ، ودفقام وذهب لمنزل اهل الفتاة ،
ورآها مغطاة وقد فارقت الحياة ، فأرتما عليها وفارق الحياة .
أما الرواية الثانية : فيقال ان الفتى ذهب بنفسه وعند وصوله للحي ، جاء الى بيت شعر صغير
فقد عجوز ، فحل عندها ضيفا ، وسألها عن الحي ومن هو كبيره ،
فقالت هؤلاء عرب فلان ، والليلة عندهم حفلة زواج لابنة فلان على ابن عمها ، ولكنها لا تريده ،
حيث تريد ابن جار لهم سابق ، فطلب الفتى من العجوز ان تكتم سره ، بعد ان اخبرها بانه هو الفتى الذي تريده الفتاة ،
وقد اعطاها خاتمه ، وقال لها : اعطي هذا الخاتم لها ، وقولي لها صاحب الخاتم عندي بالبيت ، ثم ذهبت العجوز واعطتها الخاتم ، فصاحت بها ،
اين صاحب الخاتم ، دون شعور منها . فشعر ابن عمها بذلك ، وابلغته مصارحة اياه ، بان الرجل الذي تريده حاضر ، فاقسم الا يذبحه .
وعندما بلغ الفتى الخبر ، ذهب لابن عمها وقبل رأسه على مرئا من القبيلة وقال : انا طالبك ان تذبحني وتريحني من الحياة ، او تعطيني محبوبتي
، فقال ابن العم ، تراها طالق ومن عندي لك وعليك طلبها من ابوها ، وكان الاب حاضر ، ويعلم بطيب هذا الفتى ، وفروسيته ، وقد زوجه البنت
، وبعد نهاية الزواج طلب الفتى من ابن عم الفتاة الذي تنازل عنها ، ان يرافقه الى قبيلته ، فرافقه حتى اذا وصل الحي ، قام بتزويجه بأخته .
الرواية الثالثة : قيل انه عند وصول الفتى فراج ومعه صديقه عمير لحي الفتاة ، ذهبا لبيت والدها ليخطبها منه ،
يقال انهم حلوا ضيوف عند جار والد الفتاة ، وكان والد الفتاة عنده ضيوف وقد ذهبت الفتاة لبيت احد الجيران ،
لكي تطحن للضيوف الغداء في رحا الجيران ، فتعرض لها داب ، ولسعها وتوفيت ، وقد بلغ الفتى الخبر ،
فارتجل أبيات وذهب ليلقي عليها النظرة الاخيرة ، وعندما شاهدها شهق وارتمى عليها ، وتوفي الاثنان ،
وهذه القصيدة التي قالها الفتى يتمنى أن هذه الحية لو اصابت صديقه عمير ...

ركبا لفا بالضيف جعلـه يكسـر=اللي سببهـم للغـدا يطحنونـه
ليته بساق عمير واقول واكبـر=واحـرم القـراي لا يصلـونـه
لو عشيري راعي القرن الاشقر=بالعون فاخت شوف عيني عيونه
شفته على زل القطايف تصفـر=وتعض في حمر النواجذ سنونـه
شروا هدوم الترف باليوم الاقشر=والخام الابيض بينهم يذرعونـه

وسلامتن تسلمكم