التميمي :: طاش ما طاش...على خطى طيور الظلام ,

كتب الشيخ عبد الرحيم التميمي مقالاً نصه ::
الإرهاب والكباب....الإرهابي...طيور الظلام....هذه عناوين عدد من الأفلام التي قدمها أكثر الممثلين العرب جماهيرية وشعبية " عادل إمام" في سبيل تجفيف منابع التدين في المجتمع المصري وذلك عبر تشويه صورة الإسلاميين بغية دق إسفين بين المجتمع والتيار الإسلامي بدعاته وجمعياته وأنشطته المتعددة , وتصوير الإسلاميين كعامل "رئيس" في التخلف واتهامهم بعدم الولاء للأوطان وإقصاء المخالفين.
إن قياس مدى نجاح تجربة هذه الأفلام لا يقاس بتجمهر الناس على شباك التذاكر ولا كثرة المتحلقين حول عروضها السنوية , وإنما يُقاس بمدى التأثير في فكر المجتمع وثقافته وسلوكه , ولهذا فقد لقيت هذه "الحملة السينمائية" فشلاً ذريعاً , وبرهان ذلك في انجفال الناس بشكل عام نحو دعاة الإسلام في أرض الكنانة على اختلاف مدارسهم وتوجهاتهم , وعلى هذا الطريق يمضي أبطال "طاش ما طاش" بعد الفشل الجماهيري في العام الماضي لمسلسلهم " كلنا عيال قرية" في استخدامهم كوسيلة لضرب التيار الإسلامي ودق إسفين وهوة بين المتدينين وغير المتدينين عبر مشهد رفض بعض الإداريين لتوظيف المتخرج المتميز علمياً بسبب مظهره أو فكره , أو تصوير شخصية الليبرالي " القصبي" بصورة الحريص على وحدة الوطن , وتصوير "الإسلامي المخالف" بصورة المتزمت الذي ليس لديه ولاء لبلده ووطنه , وإدعاء احتكار محبة الوطن, ورفض رؤية "الآخر" لمحبة الوطن وكيفية الحفاظ على وحدته والذي يرى أن حفظ وحدة الوطن يكون بالالتزام بالدستور المعلن وهو الشريعة الإسلامية , وأن أي محاولة للمساس بهذه الثوابت أو خلخلتها يهدد تهديداً لوحدة الوطن وأمنه الفكري .
إن الدعاية المغرضة والحملة الممنهجة التي تستهدف تشويه أي تيار أو نظام أو حركة أو عرق أو مذهب لا يمكن أن تروج بين الناس وتحقق أهدافها من قبل أصحابها إذا كانت " باطلاً محضاً" و" افتراءً واضحاً" ولهذا لا بد من دمج هذه الحملات المغرضة ببعض المظاهر السلبية التي قد يلمسها الناس فعلا ليبلعوا "الطُعم" جيداً ويتم توجيه أفكارهم نحو الهدف الرئيس , كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ( إن الباطل لا يروج إلا بشيء من الحق ) ومن ذلك ذكر بعض تصرفات الملتزمين الخاطئة أو تعصب بعضهم للمتدين والملتزم على حسب الكفاءة المهنية فهذا قد يوجد في إقليم أو محافظة أو إدارة ولكنها تظل حالات قليلة لا تشكل ظاهرة لدى الإسلاميين , كما ينبغي هنا الإشارة إلى نقطة جوهرية وهو أن معضلات العمل الإداري من محسوبيات وبيروقراطية وعدم فاعلية البرامج التطويرية للوزارات يعود "لمشكلة إدارية جوهرية" ضاربة في الجذور لا يمكن أن نحمّلها للمتدينيين أو أي تيار فكري أو قبلي أو مناطقي لوحده, وبرهان ذلك أننا مع تعاقب السنوات وتغير القيادات الإدارية التي تختلف خلفياتها الفكرية والقبلية والمناطقية إلا أن المشاكل والمعضلات نفسها لا تزال موجودة لم تذهب بذهاب ذلك المسؤول أو ذاك , أو بتراخي قبضة التيار الإسلامي على هذا الصرح أو ذاك , فالكاتب والمفكر والمثقف الحريص _ حقيقة _ على وحدة الوطن ورقيه وتنميته عليه ألا يسترخص قيم راقية كمحبة الأوطان وتطويرها رغبة في تصفية خصوماته الفكرية أو جلد رفقاء الأمس الذين غدوا اليوم أعداء له , من المضحكات أن كاتب الحلقة إياها عن التعليم صرح لقناة العربية عبر برامجها المسوقة للمسلسل أن البلاد لا تعاني أية مشاكل سياسية أو اقتصادية ذات شأن , وإنما المشكلة الكبرى في الإسلاميين وأشباههم الذين يعيقون رقي البلاد وتطورها .
إن مصير مثل هذه الحملات الليبرالية المتطرفة إلى زوال إن شاء الله لأنها تفتقر إلى المستند الشرعي الذي يؤمن الناس به وينحازون إليه وهو ( الشريعة الإسلامية ) , كما تفتقر ( للمستند الأخلاقي والإنساني) عبر التطبيل الممجوج , والضرب على مواطن الاختلاف مع الخصوم , ومحاولة تجييش المجتمع ضدهم , والناس في كل يوم ترى تلك الآثار المباركة للدعاة والأخيار بدء من توعية المجتمع وتثقيفه في أمور دينه ودنياه , ومروراً بالتصدي لكل الشبهات الفكرية والعمليات التدميرية التي تعرضت لها البلاد في السنوات الأخيرة وانتهاء بأعمالهم الخيرية المباركة بإطعام المسكين وكفالة اليتيم والإنفاق على الفقراء والمحتاجين , وهم لا يدعون العصمة لأنفسهم بل يتقبل الكثير منهم النقد والنصح والتقويم.